«الارهاب واحد من نهر البارد إلى بروكسل».
العبارة التي قالها الرئيس ميشال سليمان في تغريدة له عبر «تويتر»، كات كافية لتعطي انطباعاً لبنانياً بأن التفجيرات التي ضربت العاصمة البلجيكية كان لها الحيز الكبير أمس من الاهتمام الرسمي والسياسي فضلاً عن الشعبي، نظراً لكون الإرهاب بات «وباء يتخطى حدود أكثر الدول أمناً وقوة ويطال العالم بأسره»، على حدّ تعبير الرئيس سعد الحريري الذي وصف الاعتداءات الإرهابية في العاصمة البلجيكية بأنها تجسّد «أقصى درجات العنف والكراهية»، فيما ادان رئيس الحكومة تمام سلام ما وصفه «بالعنف المجاني الذي يرتكب باسم الدين من دون رادع ديني أو اخلاقي»، داعياً إلى «عمل دولي جدي ومنسق لضرب بؤر الإرهاب أينما كانت».
وإذا كان الاهتمام اللبناني بتفجيرات بروكسل تمثل بمجموعة من المواقف المستنكرة من مختلف التيارات والتوجهات السياسية، فإن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق سبق الجميع بفتح ملف مطار بيروت، معلناً من لندن برفع جهوزية المطار من الناحية الأمنية، لافتاً النظر إلى ان «الثغرات الموجودة في مطار رفيق الحريري الدولي قد توازي ثغرات مطار شرم الشيخ التي تسببت بتفجير الطائرة الروسية، مؤكداً انه سيعطي وضع المطار الأولوية فور عودته إلى بيروت لطرحه على طاولة مجلس الوزراء الذي كان تجاوبه محدوداً عندما طرحه سابقاً، ولم يأخذ بعين الاعتبار حجم الاخطار التي تتهدده وانعكاساتها السلبية على سمعته الدولية».
ومهما كان من أمر، فإن الاعتداءات الإرهابية، ستكون دافعاً اضافياً لمزيد من الاهتمام بالزيارة التي يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيام بها إلى بيروت مساء اليوم، يرافقه رئيس البنك الدولي ورئيس البنك الإسلامي للتنمية، خصوصاً وانه يفترض بمجلس الأمن الدولي ان يكون له دور للقضاء على بؤر الإرهاب، حسب الرئيس سليمان، على الرغم من ان الزيارة لها صلة بأوضاع النازحين السوريين والمساعدات التي يمكن ان تقدم للبنان، على صعيدي تعزيز قدرات الجيش اللبناني لمواجهة المجموعات المتطرفة، وتوفير البنى التحتية الملائمة لمساعدة لبنان على تخطي ازمته مع النازحين.
ومن المقرّر ان يلتقي بان غداً الخميس كلاً من الرئيس نبيه برّي والرئيس سلام الذي يقيم له مأدبة عشاء في السراي، بعد أن يعقد معه جولة محادثات في الثالثة والنصف بعد ظهر الخميس يعقبها مؤتمر صحفي مشترك.
ويزور بان أيضاً مقر قيادة «اليونيفل» في الناقورة ومخيماً للاجئين.
برّي - عون
في هذه الاثناء، لا تبدو المحطة الانتخابية الرئاسية المحددة اليوم في مجلس النواب، فاصلة على صعيد تحقيق اختراق لانتخاب رئيس الجمهورية، حيث لا يتوقع ان تقدّم جديداً الا على مستوى ارتفاع عداد النصاب بدفع من الرئيس الحريري الذي تردّد انه سيعود إلى بيروت اليوم للمشاركة في الجلسة، في وقت دخلت فيه العلاقة بين الرئيس برّي والنائب ميشال عون مرحلة السجالات المتبادلة، على خلفية «الذمية السياسية» التي أثارها الوزير جبران باسيل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء وتصدى له بعنف غير مسبوق وزير المال علي حسن خليل الذي يواصل زيارته الحالية لواشنطن، حاظياً بتطمينات أميركية بأن العقوبات المفروضة على «حزب الله» لن تمس استقرار لبنان، ولا تستهدف طائفة بعينها.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه ردّ تكتل «التغيير والاصلاح» على الرئيس برّي دون ان يسميه، عندما أشار إلى ان «الاستحقاق الرئاسي لن يسقط كالفاكهة التي اينعت، ولا بالانهاك، بل سيحصل بصورة سلسة بمجرد الالتزام بالميثاق، معتبراً ان معركة رئاسة الجمهورية ليست معركة نصاب أو تصويب بل هي بامتياز معركة ميثاق».
وكان الرئيس برّي قد أكّد في كلمة له خلال حفل إطلاق «مشروع التنمية المستدامة لإدارة التبغ والتنباك (الريجي) الذي أقيم في عين التينة، ان انتخاب رئيس الجمهورية يجب ان يكون قريباً، وهو ثمرة نضجت وأخشى من سقوطها، مشيراً إلى ان سلام لبنان وعبوره إلى الدولة لا يمكن ان يتحقق الا خارج التحالفات والخطوط، وأن المخرج الأساس للوضع الراهن هو الحوار الوطني على خلفية استعادة العلاقة السعودية - الإيرانية لإيجابياتها.
ورأى أن الوقائع الضاغطة على لبنان يمكن أن تجد طريقها الدستوري بمجرد أن يعبر الاستحقاق الوطني المتمثل بانتخاب رئيس الجمهورية, لافتاً إلى أن لبنان هو أفضل بقعة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
وقال أن لبنان الذي كسب إعجاب العالم بمقاومته والذي صمد وهزم آلة الحرب الإسرائيلية صيف عام 2006 لا يمكن له أن يفرّط بهذه المقاومة أو أن يتنازل عنها طالما إسرائيل لا تزال في أرضنا ولا تزال أطماعها، وهو لن يتنازل عن دورها وسلاحها وكذلك سيادته ولا أن يقبل التهديدات لحدوده الشرقية والشمالية كما الجنوبية.
على أن اللافت في بيان التكتل العوني عودته إلى التلويح بالشارع، وقول الوزير السابق سليم جريصاتي الذي تلا البيان: «هل تذكرون الجهوزية، لقد آن أوانها بانتظار إشارة الجنرال»، وكذلك الحملة المتجددة على الوضع الحكومي الذي وصفه جريصاتي بأنه «غير متماسك»، وأن الحكومة تحوّلت إلى «حكومة فجور واستئثار واختزال وحرف المسؤوليات».
وعلمت «اللواء» من مصادر التكتل، أنه يتم التحضير لما أسمته «المواجهة المفتوحة» لحالة الاهتراء الحاصلة في البلاد، وأن هذه المواجهة لن تكون محصورة في قطاع معيّن، كاشفة عن انطلاق الجو التصعيدي بعد عيد الفصح، على أن تتبلور ملامح الأولويات للملفات التي سيطرحها الأسبوع المقبل.
وإذ نفى عضو التكتل النائب سليم سلهب لـ«اللواء» وجود نيّة بالإستقالة من مجلس النواب أو الحكومة، اعتبر أن خيار اللجوء إلى الشارع أو عدمه سيكون من بين الخيارات التي ستُدرس.
كتلة المستقبل
في هذا الوقت، نفى مصدر نيابي في كتلة «المستقبل» النيابية، أن تكون الكتلة قد تطرقت في اجتماعها أمس برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة إلى مواقف الأمين العام «لحزب الله» السيّد حسن نصر الله، بشأن علاقة حزبه بتيار «المستقبل» وتركه الباب «موارباً» لاحتمال اللقاء مع الرئيس الحريري في حال أدى الحوار القائم بين الطرفين إلى نتيجة سياسية.
لكن المصدر أكد أن الكتلة توقفت طويلاً عند استمرار هجوم نصر الله على المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، وهو ما عبّر عنه بيان الكتلة الذي استنكر ما وصفه «حملات التجريح والافتراء التي يكيلها نصر الله تجاه السعودية والدول العربية ودول مجلس التعاون من دون أي اعتبار لمصالح لبنان العليا ولمصالح اللبنانيين الذين يتعرضون لمشكلات ومخاطر كبرى بسبب استمرار انعكاسات تورّط الحزب في الحرب الدائرة في سوريا وفي أكثر من ساحة وبلد عربي، معتبرة ذلك «إستهتاراً» بمصالح اللبنانيين واستقرارهم ولقمة عيشهم.
عسيري وجريج
وفي السياق نفسه، استنكر سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري الحملات الإعلامية التي تناولت قادة المملكة، واصفاً التقرير الذي نشر في بعض الصحف بأنه «مجافٍ للحقيقة» وهو نتاج مخيّلة واسعة سها عن بال صاحبها أن الرإي العام اللبناني والعربي يتابع بشكل يومي نشاطات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز واستقبالاته لرؤساء الدول وكبار المسؤولين من داخل المملكة وخارجها.
وتمنّى عسيري أن تُقلع بعض وسائل الإعلام عن أسلوبها السلبي غير المبرر تجاه المملكة وقيادتها وتواكب الجهود التي يقوم بها رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام لتهدئة الأجواء.
وزار السفير السعودي وزير الإعلام رمزي جريج الذي أصدر بدوره بياناً لفت فيه إلى أن الحملة على المملكة وقيادتها تُسيء ليس فقط إلى المملكة بل وأيضاً إلى المصلحة اللبنانية العليا، في الوقت الذي يسعى فيه لبنان إلى تنقية علاقاته بالمملكة وسائر دول مجلس التعاون، مشيراً إلى أن هذه الحملة «تنطوي على قدح وذم وتشهير بالمملكة وقيادتها وهي لا تمتّ إلى الحرية الإعلامية بصلة، لأن هذه الحرية يجب أن تُمارس في جميع الظروف بمسؤولية وتحت سقف القانون».