رفعت اتصالات الساعات الاخيرة والمشاورات السياسية والنيابية الجارية حرارة الاستحقاق النيابي الاستثنائي المتمثل بالتمديد لمجلس النواب في الجلسة التي دعي الى عقدها المجلس الاربعاء المقبل والتي فرضت تكثيفاً للجهود المبذولة من اجل تدارك الثغرة الميثاقية المسيحية في هذه الخطوة وسط "القلق" الذي تثيره مواقف الكتل المسيحية الكبيرة اعتراضا على التمديد.
ولعل العمل على مخرج ملائم من شأنه ان يساعد في تحقيق طموح رئيس المجلس نبيه بري الى انضمام احدى الكتل الكبيرة المسيحية الى المصوتين مع التمديد الى جانب عدد لا يستهان به من النواب المسيحيين المستقلين او المنضوين في تكتلات مختلطة برز في مؤشرين اثنين امس: الاول الاقتراح - الشرط الذي اعلنه الوزير بطرس حرب ورئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب دوري شمعون بربط التمديد بالانتخابات الرئاسية، والثاني مضمون الموقف الذي ابلغه الرئيس بري لنائب رئيس حزب "القوات اللبنانية" النائب جورج عدوان بحضّه "القوات" على التصويت مع التمديد وليس الاكتفاء بالحضور.
وتضمن اقتراح حرب وشمعون اضافة فقرة الى اقتراح قانون التمديد تلحظ الزام الحكومة بعد انتخاب رئيس للجمهورية دعوة الهيئات الناخبة في الوقت الذي ترتئيه الى انتخاب مجلس نواب جديد وتنتهي حكما بذلك الولاية الممددة للمجلس القائم فور اجراء الانتخابات النيابية.
في المقابل، علمت "النهار" ان رئيس مجلس النواب رفع موقفه من عملية التمديد لولاية المجلس أمس، اذ قال للنائب جورج عدوان انه لا يكتفي بحضور الكتل النيابية المسيحية الوازنة جلسة التمديد لاعتبارها ميثاقية بل يريد تصويتاً ايجابياً للتمديد أيضاً، أقله من أحد الأفرقاء الذين يمثلون الأكثرية المسيحية. فاما يصوّت "تكتل التغيير والاصلاح" تأييداً واما كتلة "القوات"، و"الا فسيكون لي موقف آخر من العملية برمتها".
وسألت "النهار" النائب عدوان عما سيكون قرار "القوات" في ضوء موقف بري، فأجاب: "سأنقل الى الحزب ما طرحه عليّ رئيس المجلس، ويعود الى الحزب كما عوّد الناس أن يبحث في أي موضوع يُطرح عليه اتخاذ القرار الملائم والذي يخدم المصلحة الوطنية".
وقالت مصادر معنية ان "قوى 14 آذار جميعاً باتت مقتنعة بأن الخيار لم يعد بين التمديد أو اجراء الانتخابات النيابية، بل صار بين التمديد والفراغ في مجلس النواب وتالياً "الهيئة التأسيسية"، ولا أحد يمكنه تحمل مسؤولية الوصول الى وضع مشابه، وبناء على ذلك ستقرر القوى الوطنية والاستقلالية مواقفها النهائية".
وعلمت "النهار" ان "التيار الوطني الحر" وحزبي الكتائب و"القوات اللبنانية" ستحدد مواقفها الاثنين والثلثاء المقبلين من جلسة التمديد النيابية الاربعاء من حيث حضور الجلسة أو عدم حضورها بما يؤمن ميثاقية الجلسة أو نزعها عنها. ورجح بعض الاوساط أن يمارس الاطراف الثلاثة الاصطفاف الذي أعتمدوه وقت اقتراح القانون الارثوذكسي للانتخابات من غير أن يفهم من ذلك الآن أن هؤلاء سيقاطعون الجلسة.
واسترعى الانتباه في الدعوة التي وجهها بري الى النواب لعقد جلسة عامة الاربعاء المقبل، ما أورده في جدول أعمال الجلسة الذي تضمن سبعة بنود. ففيما كان البند الاخير اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تمديد ولاية مجلس النواب الى 20 حزيران 2017، كان البند الذي يسبقه اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل بعض المهل المتعلقة بقانون الانتخابات النيابية، الامر الذي فسرته مصادر سياسية بأنه يضع رئيس المجلس على مسافة واحدة من التمديد والانتخابات.
ولدى استيضاح "النهار" الرئيس بري هذا الامر، قال انه أدرج الاقتراح المتعلق بترميم قانون الانتخابات من موقع مسؤوليته في اعطاء الانتخابات الفرص المطلوبة لاضفاء الصفة التشريعية الصحيحة على قانون الانتخابات، بحيث لا يكون الدفع في اتجاه التمديد هو الطاغي.
ويعتبر بري هذا الامر مسؤولية وطنية لا يمكن التراجع عنها حتى لو كان التوجه العام نحو التمديد بات الغالب، علما انه يستدرك ليذكر بأنه أساسا فائز بالتزكية وقد تبلغ هذا الامر رسميا من وزارة الداخلية (في غياب أي مرشح في وجهه).
في غضون ذلك، لوحظ ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي مضى امس في رفع وتيرة مواقفه الحادة من الواقع السياسي السائد فذهب الى اتهام السياسيين بتلقي التوجيهات من الخارج. وقال: "للاسف لبنان ليس بيت كل اللبنانيين فكل فريق لديه بيت في الخارج وكل فريق لديه انتماء في الخارج... والنواب لم ينتخبوا رئيسا لانهم ينتظرون الدول اوطانهم ان تعطيهم كلمة السر". واضاف: "الامر الخطير الذي لم اصدقه سابقا انهم يريدون مؤتمرا تأسيسيا يغير الكيان اللبناني ويريدون المثالثة واقول لن نقبل بالمثالثة ولن نقبل باي مؤتمر تأسيسي".

عسيري
وسط هذه التطورات برزت مواقف للسفير السعودي علي عواض عسيري جاء فيها انه لو طبق اتفاق الطائف بحذافيره "لكنتم بغنى عن اي جدل سياسي". ومع رفضه مقولة ان الرئيس ميشال سليمان قد يكون آخر الرؤساء الموارنة في لبنان، شدد على "ان اللبنانيين فيهم خير والدستور يحفظ كرامة الجميع وبين الموارنة من هو كفي لتولي هذا المنصب". كما شدد في حديث الى "اذاعة صوت لبنان" على ان "من ثوابت المملكة عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة ونرى تالياً ان هذا شأن لبناني ومن الضرورة ان يكون لدى القوى السياسية توجه ايجابي لايجاد الحلول من جانب اللبنانيين انفسهم سواء للرئاسة او للحكومة او للتمديد للمجلس وكل هذه المواضيع يجب ان تبقى شأناً لبنانياً بحتاً".

 

الجيش والدعم الأميركي
على الصعيد الامني، تمكنت وحدات الجيش امس في اطار حملات الدهم المتواصلة التي تنفذها من مصادرة كميات كبيرة من الاسلحة في محلة ابي سمرا، تبين انها لبلال دقماق الموجود حاليا في تركيا. وتردد انه سيُقبض على دقماق فور عودته الى بيروت، بينما اشارت معلومات الى ان الاسلحة المصادرة وضعها رجل دين في طرابلس في عهدة دقماق. كذلك عثرت وحدات الجيش في محلة سوق الخضر في طرابلس على صاروخ وخمس عبوات ناسفة.
وفي هذا السياق، علمت "النهار" ان الولايات المتحدة أمدّت الجيش اللبناني في الايام الاخيرة بعيدا من الاضواء بأسلحة وذخائر وخصوصاً منها الصواريخ التي استخدمها في معارك طرابلس وعكار الاخيرة ضمن استراتيجية واضحة بدعم المؤسسة العسكرية. وأفادت مصادر واسعة الاطلاع ان الادارة الاميركية التي قدمت منذ العام 2008 حتى اليوم أسلحة وعتاداً وتدريبا للجيش بما يفوق المليار دولار تقوم بذلك الآن بعيدا من أية حسابات سياسية داخلية، لكنها في الوقت نفسه منزعجة من حملات التطاول على الجيش لذا فهي حرصت على اصدار بيان دعم للجيش بعد معارك الشمال. وتدرك واشنطن ملابسات اعادة تكوين الجيش منذ عام 1992 أيام النظام الامني اللبناني - السوري المشترك بيد انها لن تتوقف عن تزويد الجيش الاسلحة الحديثة الكفيلة باداء دوره الداخلي في مكافحة الارهاب. ولفتت المصادر الى ان الجانب الاميركي يعترف بأنه لا يقدم الى الجيش الاسلحة التي تعتبرها اسرائيل تهديداً لها، لكن السلاح الاميركي الذي يتسلمه الجيش يتلاءم مع متطلبات الدور المنوط به.