واصلت وحدات الجيش اللبناني أمس، عمليات دهم مناطق عدة في شمال لبنان، موزعة بين التبانة في طرابلس وبحنين في عكار وأطرافها، وصولاً الى البساتين والطريق المؤدي الى سد البارد، وجرى توقيف عدد من المطلوبين داخل احياء المنية وتسليم آخرين أنفسهم الى السلطات الأمنية، وضبط مخازن أسلحة ومصادرة أخرى في أبي سمرا في منزل والدي الشيخ بلال دقماق... ومساءً عثر الجيش على صاروخ مفخخ و5 عبوات ناسفة معدة للتفجير في سوق الخضار في طرابلس... وسط ارتياح شعبي للاجراءات، ولتخصيص 40 مليون دولار من الحكومة ومن الرئيس سعد الحريري مناصفة لاعادة تأهيل وانماء المناطق المنكوبة في طرابلس والشمال وللتعويض على المتضررين من الاحداث الاخيرة... ناهيك بمواقف الرئيس الحريري الأخيرة المتضمنة انفتاحاً على الحوار ومد اليد للطرف الآخر... هذا في وقت واصل الموفد القطري مفاوضاته مع خاطفي العسكريين، وأشارت معلومات الى أنه «تسلم مطالب اتسمت ببعض الليونة». وهو ينتظر جواباً من الحكومة بعد تسليمها لائحة مطالب «النصرة» و«داعش» ليستكمل في ضوئه المسعى...»؟

!خلاف ما أعلنه وزير الثقافة روني عريجي الذي أكد ان «شروط الخاطفين غير واضحة».

 

«ميثاقية التمديد»

وفي الجانب السياسي، فقد بدأ العد العكسي التنازلي لجلسة تمديد ولاية مجلس النواب الحالي، المقررة الاربعاء المقبل، حيث نشط الرئيس نبيه بري أمس، على خط انجاز العدة لتوفير «ميثاقية» كافية للجلسة، تجعلها بمنأى عن أية اتهامات او خروقات على هذا الجانب... وذلك بالتقاطع مع أنشطة لافتة لغير فريق، لتبرير هذا التمديد «لاستحالة اجراء الانتخابات» وباعتبار أنه جاء «نتيجة حتمية لتعطيل الاستحقاق الرئاسي وعدم الاستفادة من التمديد الأول لاقرار قانون انتخابي عادل» على ما أكد الرئيس الجنرال ميشال سليمان...

وإذ دخل لبنان يومه الواحد والستين بعد المئة من دون رئيس للجمهورية، وسط عجز واضح عن انتخاب الرئيس، فقد شهدت الأيام الأخيرة شبه «نقلة نوعية» في خطاب مسؤولين في «حزب الله»، تدعو الى «الحوار» و«التفاهم الوطني» و«العمل سوياً لمصلحة بناء لبنان...» والتخلي عن سياسة «انتظار اتفاق دول إقليمية حتى نتفق نحن في لبنان... لأن هذا الاتفاق الاقليمي يحتاج الى وقت والله أعلم متى يكون لبنان على لائحته» بحسب نائب الأمين العام لـ«الحزب» الشيخ نعيم قاسم، ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد... هذا في وقت قرر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي ان «يبق البحصة» وإلا ستخرب في لبنان...».

في عين التينة، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ظهر أمس، عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان وتناول معه «الأجواء المتعلقة بالجلسة التشريعية»، كما التقى مهندس اقتراح التمديد النائب نقولا فتوش وعرض معه «أجواء جلسة التمديد». والصيغ المتداولة والاقتراحات التي تتواصل لربط التمديد بقانون انتخاب جديد، وبانتخاب رئيس للجمهورية.

 

سليمان: التمديد فرض نفسه

وفي هذا، رأى الرئيس ميشال سليمان، خلال استقباله وزيرة المهجرين أليس شبطيني والنائب هادي حبيش، ان «التمديد مرفوض أصلاً، فرض نفسه بديلاً من تفريغ المؤسسات من رأس هرمها، مروراً بالمجلس النيابي»، لافتاً الى ان «الحال التي وصلنا اليها، ما هي إلا نتيجة حتمية لتعطيل الاستحقاق الرئاسي وعدم الاستفادة من التمديد النيابي الأول لاقرار قانون انتخابي عادل...»، مشدداً على «ضرورة ربط التمديد، الذي بات حتمياً، بضرورة انتخاب الرئيس لتصحيح الخلل البنيوي الذي عطل عمل المؤسسات الدستورية...».

من جانبه رجح النائب حبيش ان يكون التمديد «لسنتين وسبعة أشهر»، وهو ما «يتجه اليه التوافق السياسي...».

 

حرب وشمعون:

إضافة على اقتراح التمديد

إلى ذلك، عقد وزير الاتصالات بطرس حرب والنائب دوري شمعون مؤتمراً صحافياً مشتركاً في مجلس النواب أمس، تلا خلاله الوزير حرب بياناً حافلاً بالحيثيات السياسية والقانونية لافتاً الى «ان لبنان واللبنانيين في أزمة خطيرة، أزمة تهدد مستقبلهم ووحدتهم ووجودهم...» متهماً «بعض اللاعبين السياسيين» بأنهم «غير آبهين بمصير لبنان وحريات اللبنانيين ودستور لبنان...»، وقد وضعونا أمام القرارات الصعبة التي تستطيع لوحدها تجنيب البلاد الكارثة». ليخلص الى القول: «... ولأننا نعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية قبل انتهاء ولاية مجلس النواب، ولأننا أمام استحالة مادية وقانونية لاجراء الانتخابات النيابية قبل انتهاء الولاية، نجد أنفسنا مضطرين ومرغمين، للقبول بتمديد استثنائي بغيض لولاية مجلس النواب، حتى انتخاب رئيس للجمهورية...» ليستطرد مقترحاً «ان نضيف على أي اقتراح يمدد ولاية المجلس الفقرة الآتية: «على الحكومة وبعد انتخاب رئيس للجمهورية، دعوة الهيئات الناخبة، في الوقت الذي ترتأيه، الى انتخاب مجلس نواب جديد، وتنتهي حكماً ولاية المجلس القائم الممددة فور إجراء الانتخابات النيابية...».

 

...واجتهادات بين «الميثاقية» والدستورية

وعلى رغم موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري القاضي «بتوفير عامل الميثاقية في جلسة التمديد، وربطه بالمشاركة المسيحية في التصويت... فقد استغرب نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري كلام الرئيس بري ان «اذا حضر العصب المسيحي في جلسة التمديد ولم يصوّت ستكون الجلسة عندئذ مهددة...» رافضاً وجهة النظر التي تقول ان «الاحزاب هي التي تمثل العصب المسيحي»، ومعتبراً ان «حضور النواب المسيحيين للجلسة سواء كانوا منتسبين للاحزاب او مستقلين يعطي الصفة الميثاقية للجلسة...».

وفي السياق نفسه أوضح (الوزير السابق) ادمون رزق ان «أي جلسة تشريعية فور اكتمال نصابها تكون صحيحة وميثاقية ودستورية، لكن عقد جلسة تشريعية، في حين ان المجلس اليوم هيئة ناخبة مخالفة دستورية». مضيفاً «في حال حضر النواب المسيحيون أم لا، اذا تأمن النصاب تكون الجلسة دستورية، فالمعيار هو الدستور لا الميثاق، لكن معنوياً، وحرصاً على المشاركة، تنص الفقرة «ي» من مقدمة الدستور ان «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك...». ليخلص الى القول ان «الميثاقية قضية معنوية لا علاقة لها بالدستور...».

 

«المردة» ستحضر وتصوت... والراعي يهدد بـ«بق البحصة»

وقد أكد وزير الثقافة روني عريجي، ان «تيار المردة» حسم موقفه بشأن المشاركة في جلسة التمديد، وبالتالي التصويت...» لافتاً الى «اننا حلفاء مع «التيار الوطني الحر»، ولكن في هذا الموضوع وجهات نظرنا مختلفة، فنحن نرفض الفراغ، ونعتبر التمديد أبغض الحلول...». موضحاً ان العماد ميشال عون سيحسم قرار المشاركة او عدمه والتصويت او عدمه، يوم الثلاثاء المقبل...».

ولم يغب البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمس، عن المواقف الحادة، فقد شدد من أوستراليا على «ان السياسيين ينتظرون كلمة السر من الخارج لانتخاب رئيس وحان الوقت لكي «ابق البحصة» وأقول كل شيء...» قائلاً: «أصبحت مقتنعاً الآن بأنهم يريدون مؤتمراً تأسيسياً لتغيير الكيان اللبناني ويريدون المثالثة، وأقول، لن نقبل بالمثالثة، ولن نقبل بأي مؤتمر تأسيسي...» وهو أمر نفاه بالمطلق نائب رئيس مجلس النواب السابق ايلي الفرزلي...

 

«حزب الله»:

 فرصة علينا ان نستغلها

واستتباعاً للمواقف السياسية الجديدة، اللافتة، فقد لحظ نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، ان «كل دول العالم اليوم تريد الاستقرار في لبنان... وهذه فرصة علينا ان نستغلها، وان نتعامل مع بعضنا وان نفهم تماماً ان لبنان لا يستأثر به أي فريق، ولا يديره أي فريق، ولا تستطيع أي دولة في المنطقة او في العالم ان تفرض أوامرها وقراراتها على لبنان، علينا ان نتفاهم مع بعضنا، وبإمكاننا ان نتفاهم... والحل مشترك بين جميع الأفرقاء...».

بدوره دعا رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد الى «انتهاز الفرصة لتحقيق تفاهم وطني وتحقيق انتخاب رئيس للجمهورية، وهذا لن يحصل إلا اذا تفاهمنا...» لافتاً الى ان «عدم التفاهم أدى الى إفشال 14 جلسة لانتخاب رئيس بسبب عدم اكتمال النصاب...».

 

فتفت: حالة نفور شمالية

على صعيد آخر، فقد حضرت «الأحداث المؤلمة والخطيرة جداً التي حدثت في الشمال» في لقاء مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت الذي رفض التشكيك في طرابلس ومنطقة المنية والضنية وتحديداً بحنين، منتقداً «ممارسات اعلامية» وصفها بـ«الخطيرة» ولأنها «قد تؤدي الى عكس ما تسعى اليه» مشيراً الى ان «هناك حالة نفور من الطريقة العشوائية بتوجيه التهم...» معتبراً «ان الجيش هو جيش وطني أساسي، ولكن نعتبر ان معالجة المشاكل لا تكون بمعالجة النتائج بل بمعالجة الأسباب... وهي عديدة...».

 

دريان يثني

على مبادرة الحريري

من ناحيته تلقى المفتي دريان «بكثير من الارتياح والتقدير والثناء» نبأ مبادرة الرئيس سعد الحريري بمبلغ 20 مليون دولار للمناطق التي تضررت من جراء الأحداث الأخيرة في طرابلس والشمال...» لافتاً الى ان هذه المبادرة الكريمة تتكامل مع الموقف المبدئي الذي أعلنه الرئيس الحريري والذي يشكل خارطة طريق إسلامية ووطنية تقوم على أساس التمسك بالدولة وبمؤسساتها الشرعية خصوصا بمؤسسة الجيش وقوى الأمن...

من جانبه وإذ أكد نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان ان «الجيش والمؤسسات الأمنية ضمانة لبقاء لبنان...» دعا «المسؤولين اللبنانيين الى ان يبادروا الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ويدعموا مؤسساتهم الوطنية والدستورية لتبقى مؤسساتنا الوزارية والرئاسية والنيابية محصنة تعمل في خدمة الشعب...».