مع دنوّ ساعة التشريع من لحظة حسم وحصر الخيارات الصعبة بين التمديد لولاية مجلس النواب أو الفراغ الشامل على مستوى هيكلية الدولة ومؤسساتها الرئاسية الثلاث ربطاً بالشغور المستمرّ في سدة الرئاسة الأولى وما يستتبعه في حال عدم التمديد من دخول البلاد في دوامة قاتلة تبدأ من استحالة انتخاب رئيس للجمهورية في ظل عدم وجود مجلس نيابي واستحالة تأليف حكومة في ظل عدم وجود رئيس وتنتهي بالوطن أمام مفترق كل الدروب فيه تؤدي إلى مؤتمر تأسيسي يتهدد الميثاق والمناصفة، لم يجد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أمام هذه المخاطر سوى «بق البحصة» رفضاً «للمثالثة والمؤتمر التأسيسي». ولكي لا تصل الأمور إلى حدّ المسّ بجوهر الكيان، تتواصل المشاورات مع المكوّنات المسيحية لتأمين ميثاقية وازنة للتمديد وتجنيب الدولة كأس «التأسيسي» المرّة من منطلق القناعة بكون معركة المسيحيين يجب أن تكون فعلاً «مع الفراغ لا التمديد» وفق ما عبّر رئيس المجلس النيابي نبيه بري خلال لقائه أمس نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان.

وأفادت مصادر مطلعة على مضمون اللقاء «المستقبل» أنّ بري حمّل كلاً من «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» مسؤولية مباشرة في تأمين الميثاقية للتمديد من خلال ضرورة المشاركة في التصويت خلال جلسة الأربعاء العامة وعدم الاكتفاء بالحضور، قائلاً لعدوان: «إن لم تصوّتوا أنتم أو «التيار الوطني» فسأعتبر التمديد غير ميثاقي وسأقول ذلك في الجلسة وأحمّلكم مسؤولية الفراغ المؤدي إلى الهيئة التأسيسية». ونقلت المصادر عن بري تشديده في هذا السياق على رفض المسلمين في البلد تحمّل وزر التمديد وحدهم بينما هم في واقع الأمر يريدون إقراره تحقيقاً لمصلحة وطنية عموماً ومسيحية خصوصاً في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية.

في المقابل، علمت «المستقبل» أنّ كتلة «القوات اللبنانية» ستلتئم الثلاثاء المقبل لتقويم الموقف ودرس الخيارات في ظل الرسالة الصريحة التي حمّلها بري إلى عدوان لنقلها إلى كتلته تحت وطأة كون الخيار الوطني لم يعد بين التمديد والانتخابات بل بينه وبين الفراغ.

حرب وشمعون

من جهتهما، أعلن كل من النائبين بطرس حرب ودوري شمعون خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه أمس أنه «بعد انقطاع كل الآمال بانتخاب رئيس للجمهورية قبل نهاية ولاية مجلس النواب في العشرين من تشرين الثاني (...) نجد أنفسنا مضطرين ومرغمين للقبول بتمديد استثنائي بغيض لولاية المجلس حتى انتخاب الرئيس بغية المحافظة على استمرار المؤسسات الدستورية وعلى إمكانية تكوين السلطة من جديد وتفادي الفراغ الكامل والسقوط المريع».

الراعي

وكان البطريرك الراعي قد شدد من أستراليا على رفض «المثالثة» و«المؤتمر التأسيسي»، محذّراً من أنّ ما يجري في لبنان ربطاً بتعطيل انتخاب رئيس للجمهورية «أمر خطير»، وقال: «في البداية لم أكن أصدّق الأمر إلا أنني اليوم بتّ أسمع أنّ الوقت حان لعقد مؤتمر تأسيسي»، مضيفاً: «هذا يعني ميثاقاً وطنياً جديداً، ونحن لا نقبل على الإطلاق أي مسّ بالميثاق ونرفض رفضاً قاطعاً أي مؤتمر تأسيسي يغيّر الكيان اللبناني».

«إشارات إيجابية» لأهالي العسكريين

أما على صعيد الهموم الوطنية الأخرى، فقد برز أمس إعراب أهالي العسكريين المخطوفين لدى «داعش» و«النصرة» عن مؤشرات مطمئنة بلغتهم حول المفاوضات الجارية لتحرير أبنائهم. إذ وبينما علمت «المستقبل» أنّ الموفد القطري سيستأنف مفاوضاته مع الخاطفين في جرود عرسال اليوم لبلورة لائحة مطالبهم النهائية إلى الحكومة اللبنانية، كشف والد العسكري المخطوف محمد يوسف لـ«المستقبل» عن تلقي الأهالي «تطمينات من مقرّبين من الموفد القطري حول مسار المفاوضات»، مؤكداً أنّ «هذه التطمينات أضفت جواً من التفاؤل والطمأنينة بين الأهالي».

بدوره، أوضح مسؤول العلاقات العامة في لجنة أهالي العسكريين الشيخ عمر حيدر لـ«المستقبل» أنّ «ما طمأن الأهالي هو أنّ المفاوضات التي يجريها الموفد القطري استمرت حتى ساعة متأخرة (أمس) في المنطقة الجردية ما يدل على جدّيتها لا سيما بعد المعلومات عن تسلّمه لائحة مطالب الخاطفين»، مؤكداً في هذا الإطار أنّ «إشارات إيجابية وصلت إلى الأهالي وتشير إلى العمل الجدي لتذليل التعقيدات المحيطة بعملية التفاوض مع الخاطفين».