من يربط التمديد بسلة التفاهم على رئيس الجمهورية؟ وما هي الطروحات المتداولة منذ يوم أمس، والتي ستستمر حتى عشية موعد الجلسة النيابية التي تتجاوز تشريع الضرورة إلى تشريع التمديد؟ واستطراداً هل طرأت متغيرات على مسار التمديد للمجلس النيابي جعلت الرئيس نبيه برّي يضع يده على قلبه من أن تكون «قطبة ما» مخفية لدى فريق أو فرقاء من شأنها أن تقلب الطاولة وتحدث احراجاً وطنياً؟
وعلى خلفية هذه المخاوف، جدد الرئيس برّي امام عضو كتلة «القوات اللبنانية» جورج عدوان مطالبته بشئين: الأوّل حضور مسيحي كثيف، لا سيما كتلتا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والثاني تصويتاً لقرار معلن وليس تحت الطاولة أو فوقها من أحد هاتين الكتلتين الحزبيتين لاعتبار التمديد أي صفة ميثاقية، عملاً بالمعاملة بمبدأ المساواة مع كل المكونات اللبنانية.
ويأتي موقف رئيس المجلس على الرغم من إعلان النائبين المارونيين بطرس حرب ودوري شمعون (رئيس حزب الوطنيين الاحرار) انهما سيصوتان مرغمين لصالح التمديد، فضلاً عن تصويت كتلة النائب سليمان فرنجية، وهي كتلة مارونية بامتياز.
وما يخشى منه رئيس المجلس، والذي أصرّ عليه امام النائب عدوان ولمن التقاه، وتشديده على الميثاقية، الأمر الذي استغربه بشدة نائبه فريد مكاري، بإعطاء أن «المسيحي يعطي الميثاقية وليس التصويت»، على حدّ تعبير مكاري، لم يتأخر النائب ميشال عون من كشفه على رؤوس الاشهاد عندما أبدى استعداده بكلمة له امام لقاء لمحامي «التيار الوطني الحر» الذين يستعدون لانتخاب أربعة أعضاء في نقابة المحامين، للافراج عن الرئاسة مقابل ما اسماه الإفراج عن «حق المسيحيين بالتمثيل الصحيح، سواء في المجلس النيابي أو رئاسة الجمهورية»، بمعنى آخر أن عون يُبدي استعداداً للامتناع عن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية إذا استحصل على تفاهم من تيّار «المستقبل» والفريق الشيعي والنائب وليد جنبلاط بتسهيل إقرار القانون الارثوذكسي لاجراء الانتخابات النيابية بعد التمديد، والسير باقتراح القانون الذي قدمه لانتخاب الرئيس من الشعب على مرحلتين: الأولى مسيحية والثانية وطنية شرط أن تكون محصورة بين مرشحين قويين.
وإذا كانت هذه «القطبة المخفية» فان مصادر مواكبة تستبعد أن ينجح الحوار الحاصل أو الجاري بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» في معالجة ذيول الشروط العونية المستجدة قبل جلسة المجلس النيابي.
وعلى صعيد ورشة إطلاق الحوارات القائمة، أعاد وزير الداخلية نهاد المشنوق التأكيد على أن مبادرة الرئيس سعد الحريري لاطلاق مشاورات وطنية من أجل انتخاب رئيس للجمهورية هي منفتحة، وهي تتطلب حواراً مع كل القوى السياسة ومع حزب الله أيضاً.
وفي معلومات «اللواء» أن تيّار المستقبل و«حزب الله» باتا أكثر استعداداً للجلوس إلى الطاولة، لا سيما بعد التطورات الأمنية في الشمال، وفي ضوء الحاجة الملحة للتفاهم على المرحلة السياسية التي ستلي التمديد إذا حصل في جلسة الأربعاء، أو في جلسة لاحقة.
وتضيف المعلومات أن الرئيس برّي يُبدي حماسة لاطلاق الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله»، وهو لمس من الطرفين اللذين فاتحهما بهذه الرغبة، انهما على استعداد لتطوير حالات الاتصال الجارية بينهما إلى الجلوس إلى الطاولة.
وإذ أشار المشنوق إلى أن دعوة الرئيس الحريري مبنية على قاعدة واحدة هي ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية واكتمال النصاب الدستوري، أكّد أن اساس هذه المبادرة هو الإيمان بلبنان والانتماء إلى تجربة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، موضحاً ان انتخابات الرئاسة تتطلب حواراً مع كل القوى السياسية ومع «حزب الله» أيضاً.
لكن المشنوق انتقد في الخطاب الذي ألقاه في الاحتفال الذين نظمته الشركة اللبنانية السعودية للحج والعمرة لحجاج بيت الله الحرام في قاعة مسجد الفاروق في الزيدانية، الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، من دون أن يسميه، لمهاجمته المملكة العربية السعودية، مؤكداً أن القرار السعودي الأوّل والدائم هو حماية خيارات الاعتدال في لبنان والمنطقة، ومكافحة التطرف، معتبراً ان «المرجعية السعودية لا تقوم في الدولة السعودية إلا على الاعتدال والتسامح والانفتاح».
وفي السياق، لم يشأ السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري الرد على اتهامات نصر الله للمملكة، مكتفياً بالردود التي صدرت من أبناء هذا البلد، لكنه سأل: هل أن ما قاله السيّد حسن ينفع مصلحة لبنان ويخدم الوضع الذي نحاول معالجته؟ مشيراً إلى ان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بذل كل جهد من أجل حوار المذاهب، وعلينا التركيز على ما ينفع الأمة ويوحد صفوفها وليس على ما يفرقها، ويجب ان يكون هناك حوار بين كل الطوائف والمذاهب.
ومهما كان من أمر، فان النائب عدوان، لم يبلغ الرئيس برّي الموقف الإيجابي للقوات بالنسبة لموضوع التمديد، مثلما كان رئيس المجلس قد طلبه منه في اللقاء الأخير معه، وإلا فإن الجلسة قد لا تعقد.
 لكن عدوان أكّد لـ «اللواء» أن «القوات» لا تزال ضد التمديد وسنصوت ضده، غير أن القرار النهائي سيتخذ الثلاثاء، أي عشية الجلسة، وقال ان احتمال تعديل الموقف بعيد جداً.
وعلمت «اللواء» أن اجتماعاً عُقد ليلاً بين الرئيس فؤاد السنيورة والنائب عدوان في حضور ممثلين عن حزب الكتائب تمّ التطرق خلاله إلى موضوع جلسة التمديد وما يقال عن ميثاقية الجلسة.
ومن جهته، أوضح عضو تكتل الإصلاح والتغيير النائب ناجي غاريوس لـ «اللواء» أن التكتل سيتخذ موقفه من التمديد الاثنين أو الثلاثاء، مرجحاً المشاركة في الجلسة لإقرار مشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، ومن ثم مقاطعة الجلسة عندما يصل الأمر إلى التصويت على اقتراح التمديد، غير أن كل ذلك قيد الدرس، بانتظار الاجتماع المقبل للتكتل، بحسب قول غاريوس.
مداهمات الجيش
في غضون ذلك، واصلت وحدات الجيش اللبناني عمليات دهم الأماكن المشبوهة، بحثاً عن المجموعات المسلحة، ونفذت أمس مداهمات في عكار وفي منطقة المنية، لا سيما في بحنين وأطرافها وصولاً الى البساتين والطريق المؤدي الى سد نهر البارد، وأوقفت عدداً من المطلوبين، في حين سلّم بعض الأشخاص أنفسهم ليلاً الى السلطات الأمنية.
لكن اللافت في هذه المداهمات أنها شملت منزل والد رئيس جمعية «إقرأ» الشيخ بلال دقماق في محلة أبي سمراء في طرابلس، وصادرت من المنزل كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة وقذائف آر بي ج وقناصات وذخائر متنوعة، بحسب بيان قيادة الجيش الذي أوضح أن المداهمة تمت بعد رصد تحركات مشبوهة لأشخاص يقومون بنقل صناديق مجهولة المحتوى وبطريقة مريبة.
تجدر الإشارة الى أن دقماق موجود حالياً في تركيا، وهو اعترف في اتصالات هاتفية معه بأن الأسلحة التي وجدت قديمة وبالية وهي من أيام معارك طرابلس السابقة، مؤكداً استعداده لبحث المسألة مع مديرية مخابرات الجيش فور عودته، حيث رجحت مصادر أمنية أن يتعرّض للتوقيف.
ونسبت قناة «lbci» للشيخ دقماق قوله أن الأسلحة تعود للشيخ داعي الإسلام الشهال الموجود أيضاً خارج لبنان.
وأعلنت قيادة الجيش أنها أوقفت في منطقة طرابلس 8 أشخاص لبنانيين لإقدام بعضهم على إطلاق النار والبعض الأخر على رمي قنابل يدوية في اتجاه مراكز الجيش، كما أوقفت ستة سوريين للاشتباه بهم.
وعثرت قوة من الجيش أثناء قيامها بدورية تفتيش في محلة سوق الخضار في التبانة على صاروخ عيار 107ملم مفخخ و5 عبوات ناسفة معدة للتفجير عن بعد، قدرت زنتها بنحو 23 كيلوغراماً كان قد وضعها المسلحون لاستهداف وحدات الجيش أثناء تنفيذ العمليات العسكرية الأخيرة في المدينة.
العسكريون المخطوفون
وعلى إيقاع هذه المداهمات، واصل الموفد القطري مفاوضاته مع خاطفي العسكريين في جرود عرسال، وسط معطيات بشرت بتفاؤل، حيث أشارت معلومات أنه تسلم مطالب من «النصرة» و«داعش» تتسم ببعض الليونة.
وأفيد أن هذا الوسيط الذي كان طلب مهلة 48 ساعة لإنجاز مهمته ينتظر جواباً من الحكومة بعد تسليمها لائحة المطالب من الخاطفين ليستكمل في ضوئه مسعاه.
ونقلت وكالة أنباء «الأناضول» التركية عن شقيق أحد العسكريين، من دون ذكر إسمه، قوله أن جبهة «النصرة» و«داعش» تتجاوبان مع المفاوضات، مشيراً الى أن الأهالي الذين يعتصمون أمام السراي الكبير في ساحة رياض الصلج ينتظرون خبراً مفرحاً.
لكن قناة «المنار» قالت أن الوسيط القطري سيبيت ليلة ثانية في جرود عرسال للقاء مسؤول «النصرة» أبو مالك التلي في القلمون، بعدما التقى مسؤول «داعش» أبو عبد السلام وحصل منه على لائحة مطالبه، وهو ينتظر لائحة مطالب «النصرة» من ثم سيجتمع بالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لتسليمه اللوائح وانتظار قرار الحكومة في شأنها.