3 ملفات داخلية تجري المفاوضات حولها على «صفيح ساخن» : الوضع الامني وقضية العسكريين والتمديد للمجلس النيابي، بعد ان حدد الرئيس نبيه بري موعداً للجلسة نهار الاربعاء في 5 تشرين الثاني.
الملفان الامني والعسكري معقدان، وحلهما تتحكم به عوامل داخلية واقليمية ودولية ولا مواعيد للحل حاليا. اما التمديد فيجب حسمه الاربعاء حيث الطبخة على نار ساخنة وتحتاج الى كل انواع «البهارات» حتى «تستوي» ويعجب «مذاقها» الجميع.
ورغم الاجواء التفاؤلية بأن التمديد بات محسوما، فإن الرئيس نبيه بري، وحسب مصادر نيابية، مستاء من الذين يحاولون الظهور بمظهر اصحاب «الايدي النظيفة» من لوثة التمديد، خصوصا ان الرئيس بري اول من طالب باجراء الانتخابات في موعدها.
وتضيف المصادر، ان الرئيس بري حاول ان يكون خيار التمديد جامعاً بعيداً عن المزايدات، لا سيما بين الاطراف المسيحية، لكنه ادرك ان مثل هذه المهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة، طالما ان هذه الاطراف تتربص بعضها لبعض عند اول كوع وتفضل الموقف الشعبوي.
وتشير المصادر الى «ان الرئيس بري ابلغ صراحة من يهمه الامر، اما ان تصوت القوات أو التيار الوطني الحر لمصلحة التمديد مع النواب المسيحيين في الكتل الاخرى او «يطير» التمديد، فلا غطاء مسيحيا لهذا الخيار. ولذلك، التمديد غير مضمون، في غياب تأخير او حسم الميثاقية في التغطية المسيحية الكافية. علما ان موقف الرئيس بري تعرض لانتقادات من تيار المستقبل ونوابه، واشاروا الى ان الغطاء المسيحي مؤمن عبر تصويت المردة والنواب المسيحيين في المستقبل و8 اذار. وكذلك النواب المسيحيون في 14 اذار، اذ اعلن الوزير بطرس حرب والنائب دوري شمعون التصويت للتمديد. ومن المتوقع ان تتكثف الاتصالات حتى نهار الاربعاء.

عودة السيارات المفخخة

اما على صعيد الوضع الامني، فقد ابدت مصادر واسعة الاطلاع على عمل القوى الارهابية خشيتها من ان تعود هذه القوى، وبعد الضربة التي تلقتها في طرابلس وصيدا وفرار المسؤولين عن الخلايا وتشتتهم، الى اسلوب السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، لانه من المستحيل ان تلملم هذه القوى اوضاعها قبل سنتين واكثر، وبالتالي فان المشروع التكفيري سقط باقامة امارة في الشمال وتأمين منفذ بحري لـ«داعش». كما ان الضربة العسكرية في طرابلس وصيدا ستصيب بالاحباط المسلحين في جرود عرسال وعنجر وبيروت ومخيماتها.
وبالتالي تخشى المصادر من عودة هذه القوى الى الاسلوب التقليدي في عملها عبر السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة، خصوصا ان هذا الاسلوب الارهابي طغى على المشهد اللبناني منذ 3 أشهر، واحدث قلقاً وارباكاً عند كل اللبنانيين، وشللاً وجموداً في مختلف المرافق، بالتزامن مع استنفار امني طوال الليل والنهار، وادى الى استنزاف الجيش واستنفار كامل لدى حزب الله، وبالتالي حقق مبتغاه نوعاً ما.
وتشير المعلومات الى ان ابو بكر البغدادي ارسل رسالة الى المسؤولين عن «داعش» في لبنان وصفهم فيها بغير «الكفوئين»، والانجرار الى اعمال «صبيانية» وجعل الجيش اللبناني يخوض حرباً استباقية ضدهم وجرهم الى المعركة بتوقيته، واشار البغدادي في رسالة نشرتها مواقع الكترونية تابعة لتنظيم الاسلام الى ان البغدادي كان يريد تأجيل المعركة واحتلال مناطق حتى استكمال العدة للمواجهة المفتوحة مع الجيش وحزب الله. وبالتالي كان على مسؤولي «داعش» في لبنان، الذين كان البغدادي قد اعطاهم حرية التصرف في تحركاتهم واعمالهم، ان يبقوا على اسلوب السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة حتى تأمين احتياجات المواجهة خلال الاشهر المقبلة.
ولذلك، فان المصادر المطلعة والعليمة تضع خيار العودة الى اسلوب السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة في اعتباراتها، وتتعامل معه على انه احتمال جدي.
ولذلك تؤكد المصادر، ان الاجراءات الامنية في الفترة الاخيرة مستندة الى معلومات مؤكدة عن تجهيز سيارات مفخخة وتدريب نساء على عمليات انتحارية. وتم اعتقال واحدة منهن خديجة حمد من عرسال التي اعترفت بالتحضير لعملية انتحارية. فيما وزعت وثيقة امنية عن احتمال قيام امرأة من «داعش» وتدعى نوال علي كامل من القلمون بارتداء حزام ناسف واستهداف مقام السيدة خولة في بعلبك.
كما نشرت الوثيقة لائحة بسيارات مشبوهة، من بينها اليات عسكرية، بالاضافة الى سيارة مرسيدس 230 لون اخضر ومرسيدي (300) لون بني، يقودها شخص متنكر بثياب امرأة وسيارات لـ«النصرة» من انواع لاندروفر، بيك اب، ناقلة جند M113 عدد 5، شاحنة، كاماز.
ولذلك تؤكد المصادر العليمة ان الاجراءات الامنية الاستثنائية تتصاعد وتصل الى ذروتها ايام التاسع والعاشر من عاشوراء، حيث اتخذ قرار بمنع سير الدراجات ليلا. وكذلك المواطنون السوريون خصوصا ان التحقيقات كشفت ان معظم العناصر الارهابية هم من الجنسية السورية. ويسكنون في تجمعات النازحين السوريين، وان التطورات العسكرية في طرابلس وعكار كشفت ان معظم المقاتلين الميدايين هم من السوريين، وهم اشخاص مدربون ويجيدون القتال بعكس اللبنانيين، وحتى ان قيادة المجموعات تعود الى سوريين. وتشير المصادر الى انه اذا كان عدد النازحين السوريين مليون ونصف نازح سوري، فليس مستغربا ومفاجئا ان يكون بينهم 50 او 60 الف مسلح على اقل تقدير. وهؤلاء ينتظرون اشارة ما للتحرك او اي تطور ايجابي لمصلحة المعارضة في سوريا، وتحديدا في دمشق وريفها.
وتكشف المصادر العليمة والواسعة الاطلاع، ان خلايا كانت ستتحرك في مجدل عنجر وجرود عرسال ومحيط مخيمات بيروت وشبعا، بالتزامن مع تفجير الاوضاع في طرابلس، لكن تحرك الجيش السريع والحسم العسكري هددا الخلايا واسقطا المخطط الارهابي وامارة الشمال، ولو تأخر الحسم لساعات فقط لكانت الامور ربما اخذت طريقا معاكسا.

مداهمات في طرابلس وصيدا

وفي ظل هذه الاجواء واصل الجيش اللبناني مداهماته، وكان ابرزها مداهمة منزل الشيخ بلال دقماق رئيس جمعية «اقرأ» ومصادرة كمية من الاسلحة من منزله. وافيد ان الشيخ دقماق غادر منذ ايام الى تركيا، واصدر بيانا اشار فيه الى ان الاسلحة قديمة وهي امانة وتعود لداعي الاسلام الشهال. وافيد ان الجيش رصد منذ ايام سيارات «رابيد» كانت تفرغ حمولات في شقة دقماق، على اساس انها مساعدات للنازحين السوريين، لكنه تبين انها اسلحة مختلفة. واشارت المعلومات الى ان الجيش داهم عدة شقق لدقماق في ابي سمرا بعد اعترافات ادلى بها والده الذي اوقف فجر امس. واضافت المصادر ان الاجهزة الامنية ستوقف دقماق فور عودته. كما تم توقيف شخصين سوريين كانا في داخل احدى الشقق التي يملكها بلال دقماق. كما صادر الجيش اسلحة من عدد من المنازل العائدة للارهابيين، واوقف اكثر من 80 شخصا امس، فيما سلم البعض انفسهم. كما عثر الجيش على عبوة ناسفة معدة للتفجير في باب التبانة ونفذ مداهمات في بلدة ذوق الحبالصة في عكار.
وفي صيدا واصل الجيش مداهماته في حي التعمير وصيدا القديمة، وان مجموعات لاحمد الاسير، كانت وراء محاولات تفجير الاوضاع في صيدا، بقيادة احمد الشريف الذي توارى في احياء صيدا القديمة.

مصدر عسكري: المداهمات مستمرة حتى تفكيك بنية الارهاب

وقال مصدر عسكري لـ «الديار» ان ما يحصل من مداهمات في مناطق مختلفة في طرابلس وعكار ومناطق اخرى، انما يتم بناء على معلومات ومعطيات عن وجود عناصر مسلحة او مستودعات اسلحة. واكد ان عمليات المداهمة هي استكمال للعملية العسكرية التي حصلت في طرابلس ومحيطها، لان ضرب الخلايا الارهابية وتوقيفها لا يكونان بالضرورة من خلال العمليات العسكرية، بل ان المداهمات والتوقيفات تصب في الهدف نفسه لفرض الاستقرار وانهاء ما كان جرى اعداده من خلايا ارهابية واستقدام لسلاح تمهيدا لاقامة «الامارة المتطرفة».

ما علاقة دقماق بـ «داعش»؟

وفي هذا السياق علمت الديار من مصادر موثوق بها، ان والد بلال دقماق الموقوف لدى الجيش اعترف بانه يعمل لمصلحة «داعش»، وهو الذي اقر بوجود اسلحة في منزل نجله في ابي سمراء.
وعن علاقة دقماق الابن بـ«داعش»، اوضحت المصادر ان التحقيقات مستمرة لتبيان مدى علاقته بهذا التنظيم الارهابي. لكنها اكدت ان وجود كمية كبيرة من السلاح في منزله يشير الى انخراطه في ما كان يحاك لطرابلس والشمال.

المسلحون يريدون ابقاء قضية العسكريين مفتوحة

وفي قضية العسكريين المخطوفين، ما زالت المراوحة تحكم هذا الملف وسط «ضبابية» ومعلومات متضاربة عن نتائج الاتصالات. والمعلومات كشفت ان الموفد القطري احمد الخطيب انتقل الى جرود عرسال والتقى مسؤولي «داعش» واستمع الى مطالهبم، على ان يلتقي «النصرة» اليوم. لكن معلومات اخرى اشارت الى ان الموفد القطري التقى مسؤول «داعش» و«النصرة» وعاد الى بيروت، وان شروط المسلحين لم تتغير، لجهة اطلاق موقوفين في سجن رومية، واضافة شرط آخر يتمثل بوقف ملاحقة المسلحين في طرابلس. علماً أن الدولة وافقت على ادخال مواد تموينية وادوية مقابل ضمانات بعدم التعرض لاي عسكري، وربما يؤدي ذلك الى اطلاق احد العسكريين اذا التزم المسلحون بتعهداتهم. لكن معلومات مؤكدة اشارت الى ان الدولة اللبنانية لم تتلق أي مطالب حتى الآن.
وتحدثت اوساط عليمة عن استمرار مراوحة المفاوضات التي يتولاها الموفد القطري حول العسكرييين المخطوفين. وكشفت ان كل الدلائل والمعطيات تشير الى ان المسلحين يريدون ابقاء قضية العسكريين مفتوحة لاستخدامها في المعركة ضد الدولة والجيش، ومن اجل اثارة الفتن المذهبية. اضافت ان كل ما طالب به تنظيما «داعش» و«النصرة» منذ اختطاف العسكريين حتى اليوم يستهدف الاستمرار في الابتزاز، وهو ما ظهر في الايام الاخيرة عبر محاولة سرقة الانتصار الذي سجله الجيش في مواجهة المجموعات الارهابية في طرابلس، حيث حاول التنظيمان الارهابيان الضغط على الجيش لكيلا يتعرض للمسلحين. واشارت الاوساط الى ان الموفد القطري لم يحمل معه امس من قادة التنظيمين اي شروط نهائية، سوى اعادة المطالبة باطلاق سراح موقوفين في سجن روميه وامور اخرى.