اليوم السبت، رأس السنة الهجرية...

يحل هذا العام، وسط مشهدية غير مسبوقة إلا في حالات نادرة، ونادرة جداً... حيث الأخطار تحيط بالشعوب والأوطان من كل جانب... و«قد تصل الأمور الى حافة الهاوية...» على امتداد مساحة العالمين الاسلامي والعربي، حيث الدول والأوطان في محنة، وحيث الدين في محنة، وحيث الشعوب في محنة، بسبب الانشقاقات وظهور الفئات المتطرفة وشيوع التكفير بين المذاهب...

لقد كان يوم أمس «يوماً روحانياً بامتياز»، لم تغب عنه صفاء الصورة الايمانية الحقيقية في العديد من مواقف المرجعيات الروحية، قرأت الواقع بصورة دقيقة، وأشارت الى طريق العبور الى بر الأمان من المحنة التي تجتازها الشعوب...

 

سليمان يهنىء قائد الجيش: لبنان مقبرة للارهاب

وإذ دخل لبنان يومه الرابع والخمسين بعد المئة، ولم يحصل أي تقدم يذكر على خط الاستحقاق الرئاسي، فإن مسيرة التمديد لمجلس النواب وطريقة اخراجها الى الواقع العملي، ما تزال حاضرة في السجالات السياسية، التي تتقاطع مع التحديات الأمنية التي يواجهها الجيش اللبناني، وكانت إحدى تجلياتها في الانجاز المتقدم فجر أول من أمس حيث نجحت قوة من الجيش في تنفيذ عملية دقيقة وبالغة الأهمية ضد مجموعة إرهابية لبنانية - سورية في بلدة عاصون، في الضنية  والقت القبض على مشغلها المطلوب احمد سليم ميقاتي وقتل ثلاثة من عناصرها... وقد سارع الرئيس ميشال سليمان الى الاتصال بقائد الجيش العماد جان قهوجي لتهنئة قيادة الجيش بـ«الانجاز النوعي الذي حققته...» داعياً «جميع القوى اللبنانية الى دعم الجيش دون قيد او شرط...» مؤكداً ان «لبنان بجيشه وشعبه الداعم لهذا الجيش، سيكون مقبرة الارهاب، وسينجح حيث فشل الآخرون في كسر شوكة «داعش» واخواتها...».

 

التمديد أولاً... والرئاسة لاحقاً

وإذ ترتاح جانباً «مبادرة قوى 14 آذار» الرئاسية، بانتظار انجاز «تمديد الضرورة» فإن المزايدات تحضر بقوة في ملف التمديد لمجلس النواب...

وبجردة حسابية لافتة، فإن «الكتل النيابية» كافة، لم تعلن - حتى الآن - مقاطعة الجلسة التشريعية المخصصة لاقرار التمديد... والتي وضعت على نار هادئة، ويتوقع ان تشهد مع مطلع الاسبوع المقبل نضوجاً لافتاً... من غير ان يواكبها اي تقدم يذكر على خط الاستحقاق الرئاسي الذي بات كثيرون يربطونه بإنجاز ملف التمديد أولاً...

 

شروط قواتية للقبول

 بالجنرال عون

وفي هذا، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري «ان عقدة الرئاسة تقف عند «حزب الله»، الى ان يقتنع بضرورة تحييد الملف اللبناني عن الملف الاقليمي والعودة الى لبننة هذا الاستحقاق...» الذي دخل في سراديب سياسية محلية وإقليمية ودولية، لم يحن الاوان بعد ليبصر النور...

وقد كشف عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب انطوان زهرا، ان لقاء الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، كما والحديث مع المسؤولين السعوديين«لم يحكِ اطلاقاً عن سحب ترشيح جعجع...» مشدداً على ان «التوافقية لها شروطها ومعاييرها...» داعياً الجنرال عون «موافقته على اعلان بعبدا او رفع الغطاء عن «حزب الله» ودعمه للتدخل في سوريا وان يكون السلاح فقط في كنف الدولة، وهنا لن يعود هناك مشكلة في تأييده لكي يصبح رئيساً...». ولفت زهرا، الى ان الحريري أكد لجعجع «ان المسيحيين معنيين بموقع الرئاسة أكثر من غيرهم، لأنه رمز وحدة البلد وانعاش فكرة الطائف...».

 

الراعي في سيدني:

لن نبارك التمديد

وإذ جدد البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، الذي غادر الى اوستراليا، في زيارة راعوية، موقفه الرافض «مباركة أي تمديد» فقد كشف أنه اتفق والرئيس الحريري على «ان الأولوية تبقى للانتخابات الرئاسية» هذا في وقت لم يترك رئيس مجلس النواب نبيه بري مجالاً للشك في المبارزة بين الكتل النيابية حول تمديد ولاية المجلس، حيث بادر الى اعلان موقف حركة «أمل» و«حزب الله» المؤيد للتمديد، ولو من بوابة «فزاعة» الفراغ المؤسساتي، مقابل رفض تكتل «التغيير والاصلاح» الخطوة بالمطلق والتهديد باستخدام كل الاطر القانونية المتاحة في مواجهتها...

 

موجبات التمديد واضحة

وقد أوضح عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب كامل الرفاعي، ان موعد انجاز الاستحقاق النيابي بات قريباً وبدأت الكتل النيابية اعلان مواقفها وآرائها من التمديد لمجلس النواب، والرئيس بري عبر عن رأي كتلتي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» من هذا الموضوع» معتبراً «ان الاسباب الموجبة للتمديد أصبحت واضحة للرأي العام ونحن قاب قوسين او أدنى من جلسة التمديد...».

من جهته قال عضو «تكتل التغيير والاصلاح» النائب نعمة الله ابي نصر، «ان التكتل لازال على موقفه الرافض للتمديد، وليس هناك من موقف مغاير...» داعياً الى «إعادة بحث مسألة التمديد بتأنٍ...» معرباً عن «خشية من الذهاب من تمديد الى آخر من دون تحقيق أي انجاز على مستوى قانون الانتخاب وانتخابات رئاسة الجمهورية...».

ولفت أبي نصر مؤكداً «ان لا قرار لدى التكتل بتعطيل جلسة التمديد، نحن سنحضر الجلسة ولن نصوت مع التمديد...».

 

مواقف روحية - سياسية

دريان: الاسلام في محنة

في المقلب الآخر، ومع اطلالة السنة الهجرية وذكرى عاشوراء، فقد حملت المناسبة العديد من المواقف اللافتة، التي غلب عليها طابع الدعوة الى الوحدة ونبذ الفرقة والانقسام...

وبهذه المناسبة، لفت مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة السنة الهجرية الجديدة الى ان «ديننا اليوم في محنة كبرى بسبب الانشقاقات فيه وظهور الفئات المتطرفة في أوساطه، وشيوع التكفير بين مذاهبه، بل والاقتتال باسمه على دنيا فانية...» وقال: «ان الذين يهجرون الدين اليوم الى الطائفة والمذهب فإنهم يتجاهلون المعنى الكبير للدين...».

وفي الشأن اللبناني قال المفتي دريان «لقد أنهى الطائف حرباً أهلية، وأقبل اللبنانيون على إقامة الدولة من جديد، لكننا، ومنذ العام 2005 نشهد مساعي حثيثة لتقويض هذه الدولة التي كلفت اللبنانيين عرقاً ودموعاً ودماء...» داعياً «اللبنانيين جميعاً للتمسك بوطنهم ودولتهم ومؤسساتهم الدستورية مهما كلف ذلك من جهد وطاقة...».

من جهته، طالب نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان في خطبة الجمعة «اللبنانيين ان يكونوا صفاً واحداً متعاونين على الخير...» مشدداً على ان «اللبنانيين مطالبون بدعم الجيش وتوفير كل ما يحتاجه من عتاد وسلاح، فلا يجوز ان نضع أي عراقيل بوجه من يقدم هبة لهذا الجيش...» مشدداً أيضاً على «ضرورة توافق السياسيين والتواصل والتشاور والعمل بجد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية...».

 

لبنان في دائرة الانتظار

أما العلامة السيد علي محمد حسين فضل الله، فلفت في خطبتي الجمعة على «ان لبنان الذي لايزال في دائرة الانتظار ريثما تنجلي الغيرة عما يجري من صراع دولي وإقليمي واستحقاقات في المنطقة، ما يعني استمرار المعاناة في السياسة والاقتصاد والأمن...» فليس هناك حلول ترتجى على مستوى انتخاب رئيس للجمهورية وانتخاب مجلس نيابي جديد، بينما يستمر الخطر المحدق بالبلد من حدوده الشرقية، ومن انفلات الوضع على حدوده الجنوبية...» لافتاً الى اننا لا نملك الا ان ندعو اللبنانيين الى مزيد من الصبر والتحمل... محذراً من ان «تصل الأمور الى حافة الهاوية...».

 

الوسيط القطري الى عرسال

إلى ذلك، وبعد العملية النوعية التي نفذها الجيش اللبناني فجر أول من أمس، وافضت الى توقيف الارهابي احمد ميقاتي... فقد أوضحت مصادر متابعة لقضية العسكريين المحتجزين لدى الجماعات المسلحة، ان الموفد القطري احمد الخطيب سيصل الى جرود عرسال خلال الساعات المقبلة للاجتماع بممثلين عن «النصرة» و«داعش»... وأشارت الى ان من المتوقع ان يعود الخطيب بلائحة مطالب يسلمها الى السلطات اللبنانية، علماً ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم نفى ما تردد عن تسلم لبنان لائحة مطالب.

على صعيد آخر، يتوجه رئيس الحكومة تمام سلام، على رأس وفد وزاري بعد غد الاثنين الى برلين للمشاركة في المؤتمر الدولي الذي دعت اليه المانيا في 28 الجاري لمتابعة البحث في أزمة النازحين السوريين...