لم تحجب النقاشات الدائرة على جبهة التمديد الاهتمام الزائد بالاشتباكات التي امتدت من الضنية الى الأسواق الداخلية في مدينة طرابلس، حيث أصيب ضابط بجروح بالإضافة الى 14 عسكرياً آخرين، معظمهم من الفوجين المجوقل والعاشر، أثناء عملية دهم في منطقة الدباغة، حيث تصدت لهم مجموعة من المسلحين المطلوبين والمناصرين لهم، بقيادة المدعو «أبو هريرة»، إبن الموقوف في عملية عاصون أمس الأول أحمد سليم الميقاتي، وبالتعاون مع إبن شقيقه بلال عمر ميقاتي الملقّب بأبو عمر والمتهم بذبح الرقيب في الجيش علي أحمد السيّد.
وتحدثت بعض المعلومات أن عملية الجيش كانت تهدف أيضاً الى البحث عن العسكريين الفارين محمد عنتر وشميطان، بالإضافة الى عدد من الشبان المؤيدين أو المغرر بهم، في ضوء التحقيقات الأولية التي جرت مع الموقوف ميقاتي، وبعد أن تأكد لقيادة الجيش أن الجثة المتفحمة في شقة عاصون تعود للجندي الفار عبد القادر الأكومي، وفقاً لفحوصات DNA .
وإلى منتصف الليل، كانت الاشتباكات مستمرة داخل الأسواق القديمة في طرابلس التي طوقتها وحدات الجيش من كل الجهات وتستقدم تعزيزات الى المنطقة بقصد حصر المسلحين داخله ومن ثم مطاردتهم.
ونفى مصدر أمني ما تردد عن توسع الاشتباكات الى أحياء أخرى من المدينة، وعن إلقاء قنابل في القبة والملولة ومحرم، عند مدخل المدينة الجنوبي، لكن الحركة انعدمت تماماً، ما عدا دوريات الجيش، وارتفاع وتيرة الاشتباكات التي انحصرت في محاور السويقة وباب الحديد والنحاسين إضافة الى الدباغة وخان الخياطين.
ولاحظت مصادر متابعة أن الجيش اضطر الى التعاطي في أثناء تبادل إطلاق النار بكثير من الدقة والحذر، نظراً لكثافة السكان في مناطق الاشتباكات حيث أفيد عن جرح مواطن من آل عز الدين، وحيث لم يتسن للناس مغادرة المنطقة.
واستحضر الجيش ليلاً المزيد من التعزيزات في مواجهة الاعتداءات، كما اتخذ اجراءات مشددة في محيط جميع المراكز العسكرية في المدينة تحسباً من تحرك لخلايا نائمة.
وكانت هذه الاشتباكات بدأت قرابة التاسعة ليلاً، أثناء قيام وحدة من فوج المجوقل بعملية دهم في سوق الدباغة بحثاً عن مطلوبين لهم صلة بمجموعة عاصون، فتعرض عناصر الجيش لإطلاق نار كثيف، مما اضطرهم للرد على مصادر النيران، ومن ثم مطاردة المسلحين، داخل الأسواق القديمة، حيث اتخذ المشهد طابعاً دراماتيكياً، مع انتشار المسلحين بكثافة في الأسواق الداخلية، ولا سيما في التربيعة والبازركان والحديد والعطارين والدباغة والنحاسين، وصولاً الى الزاهرية، حيث أفيد أن مجموعة دخلت كنيسة السريان في شارع الكنائس للاحتماء فيها.
التمديد
وسط هذه الأجواء الملتهبة، بقيت الاوساط النيابية والسياسية منشغلة بالاجواء المحيطة بجلسة التمديد، بعدما حسم القرار السياسي لدى كل الكتل الإسلامية في المجلس بأن الطريق لمنع الفراغ هو التمديد مرّة جديدة للمجلس النيابي، حتى يكتمل بولاية جديدة بدءاً من 21 تشرين الثاني حتى مرور سنتين وسبعة أشهر.
وتدور المتابعة حول نقطتين:
الاولى: ضمان الرئيس نبيه برّي مشاركة نصف عدد النواب المسيحيين في الجلسة، كدليل على ميثاقيتها.
والثانية: موقف تكتل الإصلاح والتغيير من المشاركة في الجلسة، والموقف الذي سيتخذه داخل هذه الجلسة أو خارجها.
وهنا تدور نقاشات داخل التكتل قبل الجلسة المتوقعة بعد الرابع من تشرين الثاني، وقبل اجتماعه الأسبوعي يوم الثلاثاء المقبل، حيث سيكون هذا الموضوع البند الرئيسي على جدول الأعمال.
وعلمت «اللواء» من مصدر نيابي أن فكرة طرحت لاتخاذ موقف مسيحي موحد من حضور الجلسة أو مقاطعتها في دوائر «التيار الوطني الحر»، لكن اوساطاً قريبة من 14 آذار قالت أن لا معلومات لديها حول اجراء أي تصالات من هذا النوع.
وكشف مصدر مطلع أن هناك اتجاهين داخل التيار العوني من موضوع المشاركة في الجلسة، أحدهما يدعو إلى الغياب شرط ضمان تضامن الأرمن وكتلة النائب سليمان فرنجية، بحيث يغيب عن الجلسة 23 نائباً، مع افتراض أن النائب المتوفي ميشال حلو كان محسوباً على التيار أيضاً من دون أن يصل العدد إلى نصف عدد النواب المسيحيين. ويمثل هذا الاتجاه النائبان زياد أسود ونبيل نقولا، والثاني يطالب بحضور الجلسة وعدم التصويت على التمديد، على ان يبقى الموقف مفتوحاً على احتمالات أخرى في ضوء ما يجري من بروز وقائع جديدة. ويمثل هذا الاتجاه النواب: نعمة الله أبي نصر وسليم سلهب وفريد الخازن. وحجة هذا الفريق ان التمديد اصبح تحصيل حاصل، وأن توفير النصاب من كتلتي القوات والكتائب ومسيحيي 14 آذار يجعل من موقف التكتل الذي لا يجاريه في موقفه لا الرئيس بري ولا «حزب الله» ولا حتى الكتلة القومية التي تضم النائبين اسعد حردان ومروان فارس، ولا حتى النائب ميشال المر، ناهيك عن كتلة فرنجية والطاشناق.
ووفقاً لمصادر أخرى، فان المشاركة في الجلسة بعد قرار التكتل الثلاثاء، يعني تجاوز مراجعة المجلس الدستوري، علماً ان حواراً يتم بين «حزب الله» والنائب ميشال عون لاقناعه بالسير بالتمديد نسبة للظروف القاهرة التي تملي هذا الخيار، بحسب معلومات نائب كتلة «الوفاء للمقاومة» كامل الرفاعي الذي اوضح ان الحزب يأمل في حال لم تفلح هذه المساعي ان يصل الى نتيجة وسط لعدم تقديم التكتل طعناً امام المجلس الدستوري، مشيراً إلى ان كتلته ترى أن خطورة الوضع الأمني على الساحة اللبنانية توجب التمديد بمعايير وشروط محددة وأسباب موجبة.
في المقابل، ذكرت معلومات أن حزب الكتائب الذي لم يعلن موقفه بعد من التمديد، اتخذ قراراً ضمنياً يقضي بحضور نوابه جلسة التمديد والتصويت ضد المشروع في حال اكتمل نصاب الجلسة من دونهم، خلافاً لموقف نواب «القوات اللبنانية» الذي يرتكز على قاعدة الحضور لتأمين النصاب والتصويت ضد التمديد.
وفي هذا السياق، أكّد نائب قواتي لـ «اللواء» أن جميع عناصر التمديد قد اكتملت وأصبحت سالكة، ولا سيما بعد الاجتماع الذي جمع رئيس حزب «القوات» سمير جعجع والرئيس سعد الحريري في المملكة العربية السعودية الذي كان ناجحاً مائة في المائة، حيث تمّ التوافق على أغلبية المسائل التي اثيرت في هذا الاجتماع.
وأشار النائب المذكور إلى ان الغطاء المسيحي بات متوفراً من خلال حضور نواب الكتائب والقوات والمسيحيين المستقلين، إضافة إلى نواب الطاشناق و«المردة» والمسيحيين في كتل «المستقبل» و«اللقاء الديمقراطي» و«التحرير والتنمية» و«القومي».
إلى ذلك، علمت «اللواء» انه بعد إنجاز ملف التمديد في الأسبوع الأوّل من تشرين الثاني، سيفتح ملف رئاسة الجمهورية، والذي يبدو أن طبخته وضعت على نار هادئة، خصوصاً بعدما بدأت مشاورات إقليمية ودولية حوله، وسط أجواء توحي بأن الرئيس المقبل من المرجح أن يكون من الوسط العسكري، من دون أن يعني ذلك حسم الاسم، بانتظار ما ستؤول اليه المشاورات بين كل من واشنطن وباريس والقاهرة والرياض وطهران.
ولم تستبعد بعض الأوساط، في حال ساعدت الأجواء الإقليمية في التهدئة، أن يتم إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل نهاية تشرين الثاني المقبل.
وعُلم في هذا المجال أن دمشق ليست بعيدة عن مسار هذه المشاورات.
وقالت مصادر في فريق 14 آذار، أن التمديد للمجلس من شأنه أن يُعبّد طريق الرئاسة، مشيرة إلى ان مرحلة ما بعد التمديد مباشرة ستظهر الموقف الموحّد لهذا الفريق الذي يسعى إلى الإفادة من المناخ الإقليمي لتمرير الاستحقاق الرئاسي ومنع استمرار ربطه بالأزمة السورية واستتباعاتها، بعدما بلغ منسوب القلق الأمني حده الأقصى، وتولى الدبلوماسيون نقل رسائل إلى السياسيين اللبنانيين كافة بضرورة الإسراع في انتخاب رئيس لتحصين الساحة من خطر الانهيار الأمني.
قضية فتوش
على صعيد آخر، طرأ تطوّر لافت على صعيد قضية النائب نقولا فتوش والموظفة في قصر عدل بعبدا منال ضو، تمثل بتبني مجلس نقابة المحامين في بيروت موقف النقيب جورج جريج الذي اعتبر كلام فتوش في مؤتمره الصحفي تعدياً موصوفاً على قرار وثقة الجمعية العمومية بالنقيب جريج، وتطاولاً على مقام النقيب، وانتهاكاً لقانون تنظيم مهنة المحاماة والنظام الداخلي للنقابة ونظام آداب المهنة، مما استلزم معه اتخاذ القرار المناسب بحق المحامي فتوش.
لكن البيان الذي صدر عن النقابة لم يكشف طبيعة القرار، الا أن معلومات ذكرت انه تقرر شطب اسم النائب فتوش عن جدول النقابة، علماً أن قرار الشطب يستلزم انعقاد المجلس التأديبي للنقابة لمحاكمة المحامي فتوش امام هذه الهيئة، وهو الأمر الذي لم يتم، وبالتالي ما يُبرّر عدم إعلان الشطب رسمياً.