بعدما نجح لبنان الرسمي في تجنّب فخّ «النأي» عن بيئته العربية الحاضنة بإعلان انحيازه الصريح إلى جادة «الحزم» في مواجهة الأخطار المتربصة بالأمة وأقطارها، شدّد رئيس الحكومة تمام سلام لـ«المستقبل» على كون الموقف الذي أعلنه في قمة شرم الشيخ وأكد فيه تأييد الموقف العربي حيال الأزمة اليمنية إنما هو «موقف طبيعي نابع من انتماء لبنان العربي ومن الحرص على تضامن وإجماع الأمة العربية وقدرتها على التصدي للتحديات التي تواجهها»، واضعاً التباين السياسي اللبناني الحاصل في مقاربة الموضوع اليمني في خانة «التباينات الطبيعية ضمن النظام الديمقراطي»، مع إشادته في المقابل «بالإيجابية» التي بدت من خلال «تأكيد كل الأطراف تمسّكها بالحكومة والحوار».

وبينما لفت إلى أنّ التباين في المواقف السياسية إزاء الأزمة اليمنية «ليس الأول من نوعه في لبنان حيث توجد تباينات سياسية أخرى حول عدد من القضايا والملفات»، قال سلام: «هذا أمر طبيعي لأننا نعيش في ظل نظام ديموقراطي، والمهم الحفاظ على الوحدة الوطنية فوق أي تباين سياسي»، معرباً في هذا السياق عن أمله «أن تبقى كل الأطراف متمسكة بوحدة البلد ومؤسساته وأن يستمر الحوار من أجل تحصين هذه الوحدة».

تزامناً، وفي سياق رصد المواقف الدولية حيال قضية الشغور الرئاسي في لبنان، لفت الانتباه تشديد روسي على أنّ «الرئيس التوافقي» للجمهورية هو «الحل الوحيد» لهذه القضية. إذ قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لـ»المستقبل» على هامش مشاركته في قمة شرم الشيخ: «أزمة الرئاسة اللبنانية طالت ويجب أن تُحل، ونحن نحثّ على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن من أجل استقرار لبنان ومؤسساته»، موضحاً أنّ «موسكو تؤيد وصول رئيس توافقي للبنان باتفاق قوى 8 و14 آذار»، وأردف قائلاً: «هذا هو الحل الوحيد».

بوغدانوف الذي شدد على أنّ «موسكو ليست طرفاً في الأزمة الرئاسية بل هي على اتصال مع جميع الأفرقاء اللبنانيين»، كشف في هذا السياق عن عزم المسؤولين الروس إجراء «لقاءات مع مجموعة من الشخصيات اللبنانية قريباً للتشاور معهم في مستجدات الأوضاع والتحديات».

عسيري لنصرالله: تتاجرون بفلسطين

على صعيد آخر متصل بالردود المستمرة على «عاصفة الكراهية» التي أثارها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله في مواجهة السعودية والعرب والفلسطينيين، برز أمس «حزم» ديبلوماسي سعودي في الردّ على «افتراء وتجني» نصرالله خلال خطابه الأخير الذي لاحظ سفير المملكة في لبنان علي عواض عسيري أنه أتى تعبيراً عن «ارتباك لدى الجهات التي يمثلها».

عسيري، وفي معرض تفنيده «المغالطات التي تهدف إلى تحريف الحقائق وتضليل الرأي العام»، وضع تحميل نصرالله السعودية المسؤولية عن الفراغ الرئاسي في إطار سعيه إلى «ذر الرماد في العيون والهروب من مسؤولية تعطيل الانتخابات»، مذكّراً أمين عام «حزب الله» بأنّ الجهات الإقليمية التي تدعمه هي من يحمّلها اللبنانيون، إلى جانب الحزب وحلفائه، مسؤولية هذا التعطيل، وبأنّ «الجهات ذاتها التي تدعم نصرالله وتحرّك الحوثيين لا تريد الخير لليمن وكانت وراء تعطيل كافة الاتفاقات ودفع الوضع الأمني في البلاد نحو التصعيد والتدهور». بينما شدد عسيري في الشأن الفلسطيني على أنّ «لا السيد نصرالله ولا أي جهة أخرى تستطيع المزايدة على المملكة لأنّ القضية الفلسطينية قضيتها (...) لكن العجب العجاب في من يدّعون نصرة هذه القضية ويتاجرون بها في أسواق السياسة ويعملون دون كلل من أجل تجزئة المنظمات والفصائل الفلسطينية وتأليبها ضد بعضها».