لبنان الرسمي والوطني في المملكة العربية السعودية اليوم لتقديم واجب العزاء بفقيد الأمتين العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، ولاعلان تمسك لبنان بالعلاقات الأخوية الثابتة واواصر الصداقة والاخوة التي تربطه بالمملكة في عهدالملك الراحل، وخلفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمّد بن نايف بن عبد العزيز.
ويضم الوفد الرسمي الرئيسين نبيه برّي وتمام سلام، وفقاً «للبيان الرسمي، وما لا يقل عن 40 وزيراً ونائباً يمثلون الكتل النيابية والسياسية».
اما الوفد الثاني، الذي اصطلح على تسميته بالوفد الوطني، فيضم الرؤساء ميشال سليمان، أمين الجميل، وفؤاد السنيورة، إلى جانب عدد من الوزراء والنواب، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان وعدد من مفتي المناطق، وشخصيات مسيحية، عرف من بينها مُنسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار الدكتور فارس سعيد.
وعم الحزن لبنان من اقصاه إلى اقصاه على رحيل الملك عبد الله، واجمعت المواقف السياسية والنيابية والروحية على وصف الملك الراحل بأنه رجل الاعتدال، كما اشادت بدوره في مكافحة الإرهاب، وتقديم صورة سمحة عن الإسلام المعتدل، فضلاً عن اياديه البيضاء على لبنان ودعم اقتصادية وهبة المليارات الأربعة لدعم الجيش اللبناني وشراء ما يلزم له من سلاح لحفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، فضلاً عن اياديه البيضاء في إعادة اعمار ما دمرته حرب تموز 2006، واللائحة لا تحصى من المساعدات غير المشروطة التي عبرت عن مدى حرص الملك الراحل على لبنان، كما عبرت المواقف عن تقدير لبنان لكل المبادرات الوفاقية للمملكة في عهدا لملك الراحل وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان والقيادة السعودية.
ووصف الرئيس سلام الذي أصدر مذكرة رسمية بإعلان الحداد لمدة ثلاثة أيام الملك الراحل بأنه كان نصيراً وسنداً للبنان، فيما قال الرئيس السنيورة ان الملك عبد الله نذكره دائماً بالخير وبمواقفه الهامة والاساسية من لبنان، ونحن شهدنا هذه القيمة وهذه القامة الكبيرة عندما تعرضنا للكثير من المسلمات التي كان أهمها ذلك الاجتياح العسكري الكبير الذي تعرضنا له.
اما الرئيس سعد الحريري الذي دعا الى اعلان الحداد في كل المناطق اللبنانية تعبيراً عن الوفاء الشعبي لرجل لم يتأخر يوماً عن نصرة لبنان ودعمه والوقوف إلى جانبه في اصعب الظروف، فقد وصف بدوره رحيل الملك عبدالله بأنها خسارة كبيرة للبنان وللأمة العربية، معتبراً ان الراحل الكبير كان أباً وقائداً لهذه الأمة، معرباً عن ثقته بأن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان سيكمل المسيرة.
وتزامن الحزن على رحيل الملك عبدالله، مع دعوة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الى إقامة صلاة الغائب عن روحه الطاهرة في جميع المساجد اللبنانية، وهو كان أمّ المصلين في صلاة الغائب في مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، بمشاركة الرئيسين سلام والسنيورة، فيما مثل النائب عمار حوري الرئيس الحريري، وسفير المملكة العربية السعودية في بيروت علي عواض عسيري، ومثل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالامير قبلان المفتي غالب عسيلي، والشيخ عباس الحلبي ممثلاً عن شيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن.
وقال المفتي دريان بعد الصلاة: «نودع قامة شامخة عالية حملة قضايا العرب والمسلمين، ونودع زعيماً فرض وجوده على المملكة أمناً واستقراراً واطمئناناً وازدهاراً وتحديثاً، وترك بصمات جليلة وكبيرة على وطننا لبنان.
مواجهات رأس بعلبك
على أن الأخطر في تطورات يوم أمس، والذي سرق الأضواء من الحركة السياسية التي غابت بفعل الحدث الجلل برحيل الملك عبدالله، كانت المواجهات التي حدثت في منطقة رأس بعلبك بين الجيش ومجموعات من المسلحين الذين تسللوا صباحاً الى مركز متقدّم للجيش في تلة الحمرا في جرود رأس بعلبك لجهة الحدود اللبنانية - السورية، ودارت على الأثر مواجهات عنيفة، سقط للجيش في خلالها مجموعة من العسكريين، بين شهيد وجريح.
ونعت قيادة الجيش ليلاً خمسة شهداء، بينهم ضابط برتبة ملازم أوّل هو أحمد محمود طبيخ من دورس قضاء بعلبك، والرقيب محمّد نيازي ناصر الدين من الكواخ قضاء الهرمل، إلى جانب ثلاثة جنود هم: بلال خضر احمد من عكار، ومحمد علي علاءالدين من جديدة مرجعيون، وحسن رمضان ديب من تكريت عكار.
وشغلت هذه المواجهات اهتمام الرئيس سلام الذي اتصل بقائد الجيش العماد جان قهوجي واطلع منه على عرض للوضع الميداني في رأس بعلبك، مؤكداً له دعمه الكامل للجيش في ما يقوم به دفاعاً عن لبنان وصوناً لأمن اللبنانيين.
وشدد رئيس الحكومة على أن «اللبنانيين يقفون صفاً واحداً وراء جيشهم، وليس أمامهم من خيار سوى الإنتصار في هذه المعركة المفروضة عليهم وهم لن يسمحوا لحفنة من الإرهابيين بكسر قناعتهم الوطنية والعبث باستقرارهم».
واللافت أن هذه المواجهات جاءت في أعقاب ساعات قليلة من تفقد العماد قهوجي جرود عرسال، وعلى اثر الكمين المتقدم الذي نفذته وحدة من الجيش ليل الأربعاء لعدد من المسلحين المتسللين باتجاه حاجز وادي حميد في منطقة عرسال، وأوقع أربعة قتلى في صفوفهم، بالإضافة إلى إحباط الجيش محاولة نقل سيارة مفخخة إلى الداخل اللبناني أمس الأول.
وأوضح بيان قيادة الجيش، أنه على اثر كل ذلك، هاجمت مجموعات من التنظيمات الإرهابية المركز المتقدم للجيش في تلة الحمرا في جرود رأس بعلبك، وأنه بنتيجة الاشتباكات العنيفة التي حصلت بين قوى الجيش والمجموعات الارهابية، أحكمت هذه القوى ظهراً سيطرتها على التلة المذكورة، بعد أن قامت بطرد العناصر الإرهابية التي تسللت إليها، موقعة في صفوفها عدداً كبيراً من الإصابات بين قتيل وجريح.
وذكرت معلومات أن الجيش استقدم وحدات من فوج المجوقل، واستخدم سلاح الطيران، وتمكن من تدمير 5 آليات للمسلحين، بعد أن أوقع فيهم عدداً من القتلى والجرحى بينهم قادة من مسلحي تنظيم جبهة «النصرة»، أحصت المعلومات عددهم بمقتل أكثر من عشرة مسلحين وجرح عشرين لا تزال جثثهم على الأرض.
ولفت بيان القيادة إلى ان وحدات الجيش تستمر في تعزيز اجراءاتها واستهداف نقاط تجمع المسلحين ومسالك تحركاتهم في اعالي الجرود بالاسلحة الثقيلة، بالإضافة إلى تمشيط منطقة الاشتباكات بحثاً عن مسلحين مختبئين.
وكان مصدر أمني أوضح لوكالة «فرانس برس» ان مجموعات من المسلحين تقدر بحوالى 200 مسلح وصلت من منطقة القلمون السورية المحاذية للبنان، وهاجمت مركز الجيش المتقدم في تلة الحمرا وتمكنت من السيطرة عليه، قبل ان يعود الجيش ويسيطر على التلة بعد طرد المسلحين منها.
تزامناً، ورد تقرير أمني أفاد عن وقوع انفجار كبير في بلدة عرسال استهدف المحكمة الشرعية والمكتب الأمني لتنظيم «داعش»، ولم يذكر التقرير تفاصيل أخرى.