هي مرحلة تجميع الأوراق. كل طرف يحاول الاستثمار بفترة السماح هذه لتعزيز شروطه. البورصة الانتخابية تتأرجح بين قانون الستين والنسبية، لكن الأرجحية تميل حالياً إلى العودة إلى الستين. وهذا ما يؤكده أكثر من طرف لتجنّب التمديد والفراغ. في ظلّ إعلان الرئيس نبيه بري سحب مبادرته والمواءمة ما بين مجلس الشيوخ والنسبية الكاملة، وتمسّكه بالدوائر الست، يلمّح رئيس الجمهورية ميشال عون إلى رفض ذلك. وفي إطار الضغط على برّي لإعادته إلى المرونة وإبداء الاستعداد للنقاش بكيفية توزيع الدوائر على أساس النسبية الكاملة، يعتبر عون أن لا مجال للفراغ. وبحال عدم التوصل إلى إتفاق قبل 19 حزيران، فإن الانتخابات ستجري على أساس قانون الستين، عبر استعداد عون توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة على أن تجري الانتخابات خلال ثلاثة أشهر، أي في 17 أيلول.

وفق السيناريو هذا، سيسمح عون بأن تنقضي ولاية مجلس النواب، على أن يوقع بعدها مرسوم دعوة الهيئات الناخبة. هذا الأمر الذي يرفضه بري وحزب الله بشكل قاطع، رغم محاولة التخفيف من هذه الخطوة، عبر اعتبار أن هيئة مكتب مجلس النواب هي التي تبقى تسيّر شؤون البرلمان بدون عقد أي جلسة. وفي مقابل ما سبق وأعلنه بري أنه لن يخرج من عين التينة حتى وإن انتهت ولاية المجلس، لأن هيئة مكتب المجلس تستمر في تسيير العمل، ثمّة رأي قانوني يشير إليه مقربون من عون، مفاده أن هيئة المكتب تستمر في ظل انتهاء ولاية المجلس لفترة شهر فقط. فماذا سيحصل في الشهرين المقبلين؟ لا أحد يملك الفتوى أو الجواب حتى الآن.

المعروف أن لبنان هو بلد إنجاز الاستحقاقات في الربع الساعة الأخيرة. ما يعني أن المرحلة الآن هي لرفع الأسقف والعودة فيما بعد إلى التنازلات والدخول في التسوية. وقد يكون عنوانها التخلّي عن مجلس الشيوخ، مقابل تخلّي بري عن الدوائر الست والبحث في زيادة عدد الدوائر. وهذا البحث يدور حول رفع الدوائر إلى ما بين العشر والخمس عشرة دائرة. أما في حال عدم التوصل إلى إتفاق، فيعني أن البحث سيتركز على كيفية اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، أي القانون النافذ.

وهنا، يبقى السجال حول كيفية اجراء الانتخابات وفق القانون النافذ. فإذا أصر عون على اللجوء إلى المادة 25 من الدستور، التي تفرض على الحكومة الدعوة إلى اجراء الانتخابات وفق القانون النافذ خلال مهلة أقصاها ثلاثة أشهر بعد أن تنتهي ولاية المجلس، فهذا يعني أن حزب الله وحركة أمل وحلفاءهما داخل الحكومة، سيتخذون خطوات تصعيدية، لن تقف عند حدود الإنسحاب من الحكومة وتهديدها بالإستقالة. ما سيؤدي إلى إنفراط عقدها، خصوصاً إذا ما أقدم على ذلك وزراء أمل وحزب الله والحزب التقدمي الإشتراكي والوزير طلال ارسلان ووزيرا المردة الوزير يوسف فنيانوس والقومي علي قانصوه. وهذا يعني إنسحاب ثلث أعضاء الحكومة، وإن لن يؤدي ذلك إلى إقالتها، إلا أنها لن تكون قادرة على اتخاذ القرارات، لأنها بحاجة إلى الثلث زائداً واحداً، بالإضافة إلى فقدانها الميثاقية، لغياب مكونين أساسيين عنها، هما الوزراء الشيعة والدروز.