أولاً: قانون الانتخاب العتيد وحيص بيص..
أمام مُعضلة إنجاز قانون انتخاب جديد بعد أن سُدّت كل المنافذ والمخارج، وقعنا في حيص بيص. أو تدرون ماذا تعني وقع القومُ في حيص بيص، أي في ضيقٍ وشدّة، وقيل: أي في اختلاطٍ من أمرٍ لا مخرج لهم منه؛ وأنشد الأصمعي لأُميّة بن أبي عائذ الهذلي:
قد كُنتُ خرّاجاً ولُوجاً صيرفاً
لم تلتحصني حيص بيص لحاص.
وفي حديث أبي موسى: إن هذه الفتنة حيصةٌ من حيصات الفتن أي روغةٌ منها عدلت إلينا، وقال الشاعر:
صارت عليه الأرض حيصٍ بيص 
حتى يلُفّ عيصه بعيصي
وفي حديث سعيد بن جبير، وسُئل عن المكاتب يشترط عليه أهلُه أن لا يخرج من بلده فقال: أثقلتم ظهره وجعلتم الأرض عليه حيص بيص ،أي ضيّقتُم الأرض عليه حتى لا مضرب له فيها ولا مُنصرف للكسب.
وعليه فنحن في اختلاطٍ من أمرنا لا مخرج منه ،حتى بتنا نُنشد ليلةً واحدة من ليالي الوصل بالانتداب السوري والذي مضى عليه حتى الآن أكثر من عقدٍ من الزمن قليل.

إقرأ أيضًا: سجون الحجّاج بن يوسف الثقفي وسجون بشار بن حافظ الأسد.
ثانياً: ليل الوصل بالانتداب السوري...
كان نظامُ الانتداب السوري، نظام وصاية بالمعنى الفعلي، وصاية على قاصرين، حبذا لو يعود هذا النظام لليلةٍ واحدة، فنُصبح وعندنا قانون انتخاب جديد، يقوم بصياغته المندوب السامي في عنجر، وتنتظم بعد ذلك ترويكا جديدة تُنظّم عمليات النهب التي لا ظابط لها، ويُستدعى وزير الخارجية لرسم حدود واضحة لحركاته التي لا تهدأ ليل نهار، أمّا جنرالات الحرب الذين تناسلوا بعد الإنسحاب السوري، فيُستدعون بدورهم إلى عنجر، ويتلقّون التعليمات اللازمة للحدّ من غلواء الممانعين والمقاومين في زمنٍ لا مقاومة فيه ولا ممانعة، بل حروب أهلية مُتنقّلة، عليهم أن يلبسوا لبوسها، ويحملوا عدّتها، ويتقنّعوا بأقنعتها، فطبخة التقسيم والشّرذمة باتت جاهزة، ولا يفوز بالنّصيب الأوفر إلاّ كلّ جسور، أو كلّ ذي حظٍّ عظيم.