التنافس الإنتخابي للرئاسة لا يعني المواطن الإيراني بقدر ما يعنيه إيجاد الوسائل والسبل التي تخفف من مأساته ومعاناته وتخرجه من ظلمات الفقر إلى نور الحياة
 

 تعيش إيران أجواء الإنتخابات الرئاسية وسط تنافس حاد بين المرشحين لمنصب الرئاسة فيما الشعب الإيراني يتابع المناظرات الإعلامية من على شاشات التلفزة بين المتنافسين لهذا المنصب بالكثير من السخرية والإستهزاء الممزوجين بمنسوب كبير من الألم والمعاناة وعدم الثقة بأي منهم بغض النظر عن ميوله الإصلاحية أو المحافظة وذلك على خلفية وعود سابقة لرؤساء سابقين بتحسين الوضع المعيشي للمواطن الإيراني الذي يعيش تحت خط الفقر والتي لم تأت أبدًا ولم يتم الإيفاء بها منذ إنتصار الثورة الإسلامية الإيرانية أواخر سبعينيات القرن الماضي. 
ويركز المتنافسون في حملاتهم الإنتخابية على الجانب الإقتصادي لما له من تأثيرات مباشرة على الحياة اليومية للمواطن وهي ترديد لصدى أصوات الملايين من أبناء الشعب الإيراني الذين يعيشون أوضاعًا إجتماعية صعبة، بحيث أن الفقر يحرمهم من أبسط مقومات الحياة الضرورية وهم يدركون جيدًا أن حديث المرشحين عن الفساد والفقر ليس أكثر من يافطات ودعايات إعلانية وشعارات براقة ينتهي مفعولها ويتم طمسها بانتهاء الإنتخابات فيما يستمر الشعب في مأساته ومعاناته. 

إقرأ أيضًا: الأقلية السنية في إيران تحدد إسم الرئيس القادم

وخلال إحدى المناظرات قال المرشح محمد باقر قاليباف أن 11 مليون من الإيرانيين يعيشون في بيوت من الصفيح فرد عليه المرشح إبراهيم رئيسي مصححًا الرقم بأنه 16 مليون فيما رفع رئيس الحملة الإنتخابية لرئيسي علي نكزاد العدد إلى عشرين مليون إيراني. 
على أنه مهما كان الرقم إلا أن المؤكد فهو مرشح للإرتفاع بما يهدد أركان النظام، إذ أن هذه الملايين من أبناء الشعب الإيراني تعيش تحت خط الفقر لدرجة وصل الأمر ببعض العائلات إلى بيع أطفالها من أجل لقمة العيش في ذات الوقت الذي يبسط فيه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي الخامنئي يده على إمبراطورية مالية تجعله من أغنى أغنياء العالم، فيما يسيطر الحرس الثوري الإيراني واذرعه على مفاصل الإقتصاد في البلاد وعلى المرافق العامة للدولة. 
وفي السياق عينه وفي تصريح لها لوكالة دوتشيه فيلله الألمانية تلخص ناشطة حقوقية إيرانية الواقع الإيراني بالقول: في شوارع طهران يمكن شراء العديد من الأشياء - الكحول والمخدرات والجنس والكلي السليمة، فالمواطنون اليائسون باتوا يبيعون أعضاء جسدهم بل وأصبحوا يبيعون أطفالهم أيضًا لسد رمق جوعهم. 
ولم ينكر المسؤولون الإيرانيون هذا الواقع المزري بل صرحوا به علنًا إلا أنهم تكتموا على الأرقام الصحيحة لهذه الظواهر الأليمة. 

إقرأ أيضًا: المناظرة الانتخابية : روحاني يتحدى الحرس الثوري

وإذا كان الرئيس الإيراني حسن روحاني - وبمقتضى الإتفاق النووي الموقع بين إيران والدول الغربية الست - نجح في تحقيق رفع نسبة من العقوبات المفروضة على إيران إلا أن الأموال التي حصلت عليها طهران جراء ذلك لم تذهب إلى الشعب وإلى جيوب الفقراء بل سلكت طريقها لتغذية الحروب التي تشعلها إيران في منطقة الشرق الأوسط. 
وتبين أن توقيع الإتفاق لم يحقق الرفاهية الموعودة للشعب الإيراني ولم يحسن من معيشته بل على العكس زاده عزلة وفقرا وغير ذلك من الأزمات الاجتماعية بحيث راجت تجارة المخدرات بشكل ملحوظ فالاموال ذهبت لشراء أسلحة روسية متطورة ولأحياء المشاريع الثورية التي من شأنها تحسين أوضاع طبقة النخبة فقط. 
من الواضح أن الثورة الإسلامية الإيرانية لم تأت للشعب الإيراني بالمن والسلوى بل على العكس من ذلك فإنها زادت وفاقمت أزماته الإجتماعية ومشاكله المعيشية وإن استطاعت طبقة من الوصوليين والإستغلاليين من إستخدام الثورة كمطية للغنى الفاحش والأثراء غير المشروع. 
فالتنافس الإنتخابي للرئاسة لا يعني المواطن الإيراني بقدر ما يعنيه إيجاد الوسائل والسبل التي تخفف من مأساته ومعاناته وتخرجه من ظلمات الفقر إلى نور الحياة فإيران من فوق غير إيران من تحت.