دعوة إلى تقبل الآخر والإيمان بالإنسانية
 

في السوبرماركت القريبة من منزلي في أثينا، حدّقت بوجهي البائعة الخمسينية الواقفة وراء " ستاند الأجبان " وقالت  بعد أن إعتذرت: " تبدو لي كأنك عربي" قلت : "صحيح ". قالت: " أريد أن أقول لك شيئاً، لطالما أردت قوله لعربي يتّقن لغتنا: أهلاً وسهلاً بكم، أقولها كمواطنة عادية تعمل في البيع كما ترى، ولكن عليكم أن تحترموا طريقتنا في الحياة، تاريخنا، ديانتنا، ثقافتنا، بناتنا وأبنائنا. قلت: صحيح، يجب علينا ذلك."
اعتذرت تلك السيدة مرة أخرى وعلا ملامح وجهها " إحمرار الخجل ". أحسست وكأنها نزعت من لسانها شيئاً كان يُزعجها. 

إقرأ أيضا : زعيمي ليس زعيمك !
على مسافة كيلومترات قليلة، منزل كبير تبحث إدارته عن الأولاد المعدمين والأيتام من الأجانب: تأويهم، تُطعمهم، تعلّمهم، وعند بلوغ أحدهم الثامنة عشرة يبحثون له عن عمل مناسب. هذا المنزل الذي تبرع به أحد المواطنين الأثينيين يموّله محام أميريكي وزوجته المحامية من حسابهم الخاص.
على الضفة الثانية، الرّجل الأميريكي وزوجته وأولاده يزورون المبنى بعد رحلة طويلة من نيويورك. قال لي شخص ينتمي الى فريق العمل في ذلك المنزل: "تقصّد ذلك الأميريكي وزوجته وأولاده الحضور بثياب عادية ورخيصة، لعبوا مع الأولاد ومازحوهم ثم تناولوا الغداء معهم."

إقرأ ايضا : سارة سليمان، قالوا رحلتِ، فكذّبتهم واحدًا واحدًا!
سألت: ولماذا جاؤوا بثياب عادية؟ " لكي لا يشعر الأولاد بأي نوع من الحزن واللامساواة " قال لي ذلك الشخص، قبل أن يُكمل: " نسيت أن أقول لك بأن هذه العائلة لم تُخبر الأولاد بأنها هي من تدفع مئات الآلاف من أجلهم ".
بس هيك!