لا تزال أزمة قانون الإنتخابات مستمرة في الوسط السياسي اللبناني التي على إثرها تنمو مشاكل وأزمات فرعية لا تقل أهمية عن المشكلة الأم.
 

وإن كان القانون الجديد للإنتخابات هو بمثابة قانون تأسيسي لمرحلة جديدة وربما لنظام جديد فإن قطاف ثمرات هذا القانون لا زالت مستعصية على جميع الأطراف اللبنانيين.
وبين الأخذ والرد والتصعيد حينا والتهديد بحروب أهلية أحيانا، جاء خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليرتب المشهد السياسي مؤقتا ويؤجل البحث في المشكلة.

إقرأ أيضا : بري : الشارع له أربابُه ونقطة على السطر وأنا لا أشتغل لنبيه برّي

تباين بين عون وحزب الله:

في هذا الخطاب بالتحديد كان لافتا دعوة نصر الله لعدم التصويت قبل التوافق لما يحمله هذا الأمر من خطر وجودي على بعض المذاهب في لبنان كالدروز مثلا لا حصرا.
وكان هذا التأكيد من السيد حسن والتكرار بعد الكلام الذي قيل من قبل التيار الوطني الحر وأوساطه عن إحتمال الذهاب بخيار التصويت في مجلس الوزراء.
فجاء كلام نصر الله ليؤكد من جهته عدم صوابية هذا الخيار في الحياة السياسية اللبنانية.

إقرأ أيضا : خطاب السيد حسن نصر الله... الإيجابيات والسلبيات
ظن الجميع بمن فيهم حزب الله والرئيس نبيه بري أن كلام نصر الله وتحذيره من سياسة " حافة الهاوية " ستردع الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل من العودة إلى هذا الخيار وتبنيه.
لكن ما قاله الرئيس عون في آخر جلسة أطاح بكل هذه التوقعات فهو لمح مباشرة بأن التصويت هو حق دستوري، ما فهم على أنه رد على خطاب نصر الله.
ما يؤكد وجود هذا التباين أيضا هو ما حصل في نفس الجلسة الحكومية من إصطفافات جديدة بين حزب الله والقوات اللبنانية من جهة والتيار الوطني الحر والمستقبل من جهة أخرى وإن بحجة مكافحة الفساد والصفقات.
فالتجربة السياسية والوزارية تخبرنا بأن حزب الله مستحيل أن يقف مع القوات ضد التيار في أي ملف سياسي أو إقتصادي وأن الحزب  أقل شيء كان يفعله بالماضي هو أن   يتحفظ على الملفات التي كان يصطدم بها مع التيار ولكن لا يأخذ موقفا مع القوات ضده، ما يعني أن الحزب يريد توجيه رسالة لعون يعبر فيها عن إنزعاجه من الأداء الحالي الممارس من قبل العهد وباسيل.
وهي الرسالة الأولى في مسار قانون الإنتخابات.

إقرأ أيضا : سالم زهران ينذر باستقالة “أمل” وحزب الله من الحكومة

 

 

الرسالة الثانية مؤجلة:

أما الرسالة الثانية فهي ذهاب الثنائية الشيعية ( حركة أمل وحزب الله ) إلى خيار الإستقالة من حكومة الرئيس سعد الحريري كتكرار لتجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
وحتى هذه اللحظة لا يوجد شيء مؤكد في هذا الموضوع " الكبير " إلا أن هناك إشارات وتسريبات توحي  بالموضوع.
فقد حذرت مصادر عين التينة للجمهورية من تكرار سيناريو إستقالة وزراء الثنائية الشيعية ما يفقد الحكومة ميثاقيتها في ظل عدم وجود أي وزير شيعي من حصة رئيس الجمهورية.
هذا الكلام جاء ردا على من يشكك بالفراغ في الحكومة بعد دخول مجلس النواب الفراغ بحيث تتمسك بعبدا بقراءة مختلفة عن عين التينة تقول بأنه لا يوجد فراغ وستستمر الحكومة بعملها طبيعيا  ، وضمن الرد على هذه القراءة جاء التهديد بالإستقالة.

إقرأ أيضا : وليد جنبلاط: كلام السيد نصر الله دقيق جدا وشامل
وتفهم الثنائية الشيعية وبالأخص حزب الله  أن قراءة بعبدا للفراغ هو إستهداف لمكاسب الشيعة بعد الحرب الأهلية اللبنانية، وفي هذا الموضوع بالأخص، حزب الله من المستحيل أن يفرط بهذه المكاسب أو أن يجعل الحكومة تعمل بشكل طبيعي من دون الشيعة ما سيكرس عرفا وبمعنى آخر فإن البلد لا يمشي من دون الشيعة وأن العهد ضعيف من دونهم أيضا.
بل طموح الحزب أن يستغل فائض القوة لديه ليحصل مكاسب إضافية في النظام ، وهو الذي يعتبر نفسه " الأقوى " في لبنان والجوار فمن المستحيل أن يتنازل ويقبل بأي إنتقاص للرئاسة الثانية وهو في عز قوته.

إقرأ أيضا : نصرالله: لا يمكن فرض قانون انتخاب على المسيحيين او الدروز والمطلوب دمقراطية توافقية
والتهديد بالإستقالة قد يكون كرسالة ثانية لردع عون وباسيل من الذهاب بعيدا في مغامراتهما وقد يكون أيضا رسالة مزلزلة لما قد يحصل لاحقا.
فاليوم يصادف ذكرى أحداث  7 أيار المؤلمة، تلك الأحداث التي بدأت بإستقالة وإنتهت بإسقاط حكومة وسيطرة حزب الله على البلد.
فهل ستكون الرسالة رادعة وكافية للعهد وحلفائه؟ أما أن تحذيرات وليد جنبلاط عن الحرب الأهلية لم تفهم بعد؟