كثيرة هي العادات التي نقوم بها دون أن نعلم ضررها على صحتنا، كما تتعدد الحالات التي نشعر بها ونظن أنها عابرة. ولكنّ هذا التفكير غير صحيح، خصوصاً بوجود تفسيرات طبية ودقيقة، من المهم أن نتعرّف اليها. فما هي الحالات الطبية والعادات الشائعة التي نقوم بها على مستوى الأنف الأذن والحنجرة؟
 

قد يبدو طنين الأذن أمراً عادياً وغير خطير يستلشئ به الشخص عند الشعور به ويفسّره على أنّه «في حدا عم يحكي عليه». كذلك، بالنسبة لإفرازات الأنف التي تبدو واضحة عند قيام الشخص بتناول الطعام الشهي أو المشروبات الروحية، وأيضاً عادة «حك الزلعوم» التي تريح الشخص.

فاذا كنتم من مَن يشعرون بأيّ من هذه الحالات دون معرفة السبب، فمن المهم التعرّف الى التفسير الطبي لكل حالة. وفي هذا الإطار، حاورت «الجمهورية» الإختصاصي في الأنف والأذن والحنجرة وفي الجراحة والتجميل الدكتور إبراهيم الأشقر الذي قال: «يا ريت حدا عم يحكي عليه»، طنين الأذن مشكلة كبيرة وجدّية لا يجب إهمالها»، موضحاً «تتكوّن الأذن من 3 أقسام: الأذن الخارجية أي من الطبلة الى الخارج، الأذن الوسطى بين الطبلة والعصب وهي موصولة بالأنف، والأذن الداخلية.

إذا كان مصدر الطنين من الخارج، تكون الأذن الخارجية مغلقة بالصمغ أو أيّ شيء آخر، وهنا يسهل التخلّص منه. كذلك، إلتهاب الأذن الوسطى الموصولة الى الأنف عبر مجرى قد يغلق في حال أُصيب الشخص بالرشح، أو في حال تعرّضه لإرتفاع الضغط الجوي، فينتج عن ذلك الطنين الذي يمكن أيضاً الحد منه. أمّا الطنين في الأذن الداخلية نتيجة إلتهاب العصب، فهو من أصعب المشكلات التي لا يمكن حلّها بسهولة».

الأصوات المرتفعة

لا يبدو علاج الطنين في الأذن الداخلية أمراً سهلاً، بل على العكس هو معقد ويصعب حتّى اليوم الشفاء منه نهائياً. من هنا أهمية معرفة السبب للوقاية من الإصابة، ويشير الأشقر الى أنّ «السبب الشائع يعود الى التعرض للأصوات المرتفعة.

فمثلاً إذا كان الشخص يتعرض منذ الصغر لذلك سيؤذي عصب أذنه وسيجرحها. ومع تكرار هذا الوضع سيُصاب بالطنين الذي يمكن أن يكون مزمناً. وإذا كان يسمع من فترة لأخرى لهذه الأصوات سيكون الطنين لمدة معيّنة وقصيرة، أمّا اذا كان كثير التعرض لها فستكون دائمة بعد عمر الـ50 أو الـ60.

لذلك، أنصح الجميع بالإبتعاد من الأصوات القوية قدر الإمكان، وعند توجّههم الى أماكن السهر المختلفة يجب عليهم الحصول على السدادات وأغطية الأذنين، كذلك على العاملين في بيئة ترتفع فيها الأصوات استعمال هذه الأدوات الوقائية.

ويجب على الذي يقود يومياً مسافات طويلة إغلاق نوافذ سيارته للحد من الأصوات المزعجة، ولا يجب أبداً الجلوس قرب مكبّرات الصوت في المطاعم. وتجدر الإشارة الى أنّه إذا إجتمعت كل هذه المسبّبات مع بعضها، ستؤدي حتماً الى الطنين الذي لا علاج له».

إضافةً لإرتفاع الأصوات وجرح الأذن الداخلية، توجد عوامل أخرى للطنين، وبحسب الأشقر «يتعب عصب الأذن مع التقدم في العمر، فيبدأ السمع بالانخفاض مسبِّباً الطنين، كذلك يفعل التوتر. كما أنّه يتواجد مفصل الحنك داخل الأذن وبالتالي أيّ مشكلة فيه سينتج عنها طنين الأذن. أمّا بالنسبة للذين يسمعون أصواتاً فعندها تكون المشكلة نفسية لا علاقة لها بالأذن».

الأطفال والسمّاعات

«المصيبة» كما وصفها الاشقر، تكمن عند إستعمال الأطفال السماعات (earphones) بشكل مفرط، ويقول: «من الشائع جدّاً اليوم، أن يضع الصغار سماعات في أجهزتهم الذكية والاستماع الى الموسيقى المرتفعة. وهذا من أخطر العادات التي يمكن أنّ تجرح لهم آذانهم في عمر صغير. هنا يأتي دور الأهل بإدارة إستعمال هذه الأجهزة وإبعاد أطفالهم عن الأصوات المرتفعة».

40 الى 50 في المئة من الأشخاص بين عمر الـ50 والـ60 يشعرون بالطنين في آذانهم، لذلك تلعب إستشارة الطبيب دوراً مهماً، ويلفت الأشقر الى أنّ «العلاج المبكر يحسّن من وضع المريض، خصوصاً أنه كلما تأخّر العلاج زاد الطنين وأصبح مزمناً، الأمر الذي سيعرّض المصاب للتوتر وقلّة النوم ليلاً. ولنكون صريحين فإنه مع الأسف لا يوجد بعد علاجٌ نهائيّ وشافٍ، بل توجد وسائل تخفّف من الطنين وتساعد الشخص على التعايش معه».

متلازمة الذوق

بعد طنين الأذن، تشكل متلازمة الذوق «gustative syndrome»، حالة مزعجة بالنسبة للشخص، فهي تمنعه من الأكل أو الشرب، بسبب السائل الذي يفرزه أنفه. إلّا أنّ الأشقر أوضح أنّ «هذه الحالة التي تتعلق بالذوق، شائعة مع تناول الكحول أكثر من الأكل، وينتج عنها تفاعل على شكل حساسية فيحتقن الأنف ويسيل منه سائل مخاطي. هذه الحالة يمكن أنّ تولد مع الشخص أو يمكن أن تظهر في الكِبر.

وتبدو زيارة الطبيب مهمة للكشف عن وجود اللحمية في الأنف، التي تتضخم أو تتقلص بحسب العوامل التي يمكن أن تحفّزها، كالأكل الشهي الذي يضخّم اللحمية فيحتقن الأنف مسبِّباً هذه الإفرازات.

لذلك، من الأفضل أن يكشف الطبيب على المريض لمعرفة ما إذا كان يعاني من الحساسية أو من التهاب الجيوب الأنفية «sinusite» مثلاً. وقد يحتاج المريض الى جراحة لتصغير حجم اللحميات، في حال الاحتقان الجدّي الذي يسبب ضيقاً في التنفس. أمّا إذا اقتضت المشكلة على الإفرازات مع الأكل والشرب فقط، فيمكن أن يحصل المصاب على قطرة يستعملها قبل العامل الذي يحفّزه أنفه بـ10 دقائق، وتكون كفيلة للحدّ من هذه المشكلة».

«حك الزلعوم»

الى ذلك، نسمع الكثير من الناس يقومون بأصوات غريبة على مستوى حنجرتهم، وعند مساءلتهم عن السبب يقولون إنهم «عم بحكّوا زلاعيمهم». ويفسرّ الأشقر هذه الحالة قائلاً «يمكن أن تحصل نتيحة سببين، الأول نوع من الحساسية يمكن علاجه، والثاني عادة سيّئة.

وفي حال كانت بسبب الحساسية أو جرّاء تناول بعض المأكولات التي تهيّج الزلعوم، عندها يكون العلاج بالدواء الذي يسمح بالتخلص من الحاجة الى الحك. أمّا العادة السيّئة فلا يمكن السيطرة عليها. ومن المهم أن يعلم كل مَن يحك زلعومه، أنه يسبب في جرحه، ومع تكرار هذه العادة بالطبع ستصبح مشكلته مزمنة».

وأخيراً، نصح الأشقر «بعدم «التسرسب» في تنظيف الأذن الأنف والحنجرة، لأنّ هذه الأعضاء تنظف نفسها بنفسها، من هنا أهمية الابتعاد عن حك الزلعوم، أو «التمخيط» بطريقة غير طبيعية بحجة تنظيف الأنف، والابتعاد عن استعمال العيدان القطنية (coton tige) لتنظيف الأذن. وكلما زادت فلسفة الإنسان في عملية تنظيف هذه الأعضاء عرّض نفسه للإلتهابات والمشكلات الصحّية التي لا داعي لها».

 

(جنى جبور - الجمهورية)