تحية في يوم العمل للعمال السوريين والبنغلادشيين والفليبنيين والأثيوبيين والسودانيين وغيرهم من العمالة المتعددة الجنسيات في بلد لا يعمل أهله فيه لأنهم متفرغون لأعمال السياسة والنضال ضدّ بعضهم البعض وضدّ الغير لأن مهمة النضال عندهم أمانة تاريخية كلفتهم بها آلهة متعددة الأفكار والمعتقدات الدينية والدنياوية .
 

يعتبر الحزب الشيوعي الأوّل من أيّار عيداً رسمياً للإشتراكيين الباحثين عن حقوق الطبقة العاملة عن طريق الثورة ضدّ أرباب العمل لذا يكتفي الحزب في لبنان في وضع الأعلام الحزبية واليافطات المنددة بالبرجوازية والمؤيدة للعمال والشغيلة في كفاحهم اليومي لتحصيل رغيف الخبز العزيز في بلد يأكل حقوق الفقراء ويأكل من بقايا عظامهم.
يتحمس الحزب كثيراً لمناسبات العمال وخاصة عيد العمال كون لينين دعا العمال الى الإتحاد في يوم عيدهم الأكبر ليصبحوا كتلة واحدة تأخذ طريقها باتجاه الثورة التي نظر لها ماركس واعتبر الطبقة العاملة الكتلة التاريخية القادرة على إحداث عملية التغيير في بنى المجتمع.

إقرأ أيضًا: جنبلاط يستعيد عافيته
هذا القلق الماركسي المتواضع المنسوب في لبنان بعد ذهاب الشيوعية عن الحزب أسّس لتعاطي فلكلوري شبه مسرحي مع حدث راهن عليه ماركس واعتمده كمدخل أساسي للتحوّل الإجتماعي حيث يعتمد الحزب على إحياء مناسبة عيد العمال بحفل خطابي تنفيسي لا يرقى في أدبياته الى التصور الماركسي نفسه بحيث يحتشد داخل أطر القوى الرجعية وفق رغبة برجوازية إضافة الى أجواء إعلامية دعائية همها تأكيد وجود الحزب وعدم إختفائه من الساحة السياسية المتجاوزة لدور الحزب في تقاعده النضالي .
يبدو أن حزب العمال مغفور له تقاعسه أو تقاعده عن الدور النضالي المناط به كون العمالة في لبنان أجنبية ولا توجد في لبنان طبقة عمالية لبنانية إذ من الغريب العجيب أن لا ترى عاملاً لبنانياً في الشارع والمعمل وفي ورش كثيرة بإعتبارأن اللبنانيين يمارسون مهن أخرى أكثر قداسة من قدسية العمل في المصنع فهم روّاد النصال العربي والجهاد الإسلامي يموتون ويقومون كل يوم وهم ذاهبون في إتجاه فلسطين عن طُرُق قصيرة من القُصير الى تورا بورا، لذا لا عمل غير عمل الثورة وهذا ما لم ينتبه له ماركس وقد خانه تفكيره ورصده لأوروبا الصناعية فإعتباره أن العالم كله أوروبياً كان خطيئة نبؤة ماركسية ولم ينتبه الى أن هناك مناطق تولد ثورية دون المرور بالحركة العمالية فلا عمال ولا عمل ولا مصانع ولا صناعيين فقط يوجد في أكثر بلداننا ثورات وثوّار يُنشّطون حركة الموت كسياحة داخلية تخفف من الهم والغم وشظف العيش وتنقل الكثرة الفقيرة الى جنّات عدنهم وتترك القلّة الغنية متنعمة بجنة الله.
لهذا نحن سنسمي الأوّل من أيّار بعيد الشهداء لا بعيد العمال فلا عمل متوفر عندنا ولا عمال موجدون والحديث عن طبقة عاملة لبنانية وهم كبير لا لواهم بل لمستثمر في الفراغ ليبقي حاضراً في ساحة تحتاج الى مبررات تاريخية أو تجارية ليدخل السوق السياسي من بازاره الكبير.

إقرأ أيضًا: حزب الله سلاح غير شرعي
نحن مقتنعون بذلك برحلتنا الدائمة مع الموت بحثاً عن الحياة السهلة التي تتوفر فيها كل أسباب الراحة الجسدية والنفسية ودون عناء تماماً كما يحصل عليها نسبياً الدنمركي أو السويدي والسويسري وغير مفتونين بالدعوة الى العمل والكدح المُذل والصراع الطبقي ففيه ملل كبير وثمّة طريق أسرع لتحقيق ما ترتجيه الماركسية من الوصول البطيء الى الشيوعية الآمنة للبشر والمتساوية معهم قدرة وحاجة، بواسطة الثورة التي تنقلك مباشرة الى جنة عرضها السموات والأرض تتكاثر فيها أنهار الخمر والعسل وفيها قاصرات الطرف عين ينتظرن وفودنا اليهن بلهفة الشهوة المكبوتة في داخلنا منذ ملايين السنيين.
تحية في يوم العمل للعمال السوريين والبنغلادشيين والفليبنيين والأثيوبيين والسودانيين وغيرهم من العمالة المتعددة الجنسيات في بلد لا يعمل أهله فيه لأنهم متفرغون لأعمال السياسة والنضال ضدّ بعضهم البعض وضدّ الغير لأن مهمة النضال عندهم أمانة تاريخية كلفتهم بها آلهة متعددة الأفكار والمعتقدات الدينية والدنياوية .