تسعى الدولة اللبنانية من خلال وزارة الطاقة والمياه، الى تسريع عملية التنقيب عن النفط والغاز، وتعويض بعض الاضرار التي لحقت بها جراء التأخير في هذا الملف. ووفق الخطة المرسومة، ُيفترض توقيع أوّل عقد استشكاف وإنتاج، في تشرين الثاني 2017. فهل تنجح الحكومة في الالتزام بخطتها؟ وما هي العوائق التي قد تحول دون ذلك؟من خلال الاقبال على المشاركة في دورة التأهيل المسبق الثانية، يمكن الاستنتاج بأن اهتمام بعض الدول في مجال التنقيب لا يزال قائما، ولو ان العروض التي قد تقدمها هذه الشركات لن تكون موازية للعروض التي كان سيحصل عليها لبنان فيما لو أطلق مشروع التنقيب قبل سنوات.

وبانتظار 15 أيلول المقبل، وهو الموعد النهائي أمام الشركات المتأهلة لتقديم عروضها على الرقع البحريّة الخاضعة للمزايدة وهي البلوكات 1 و4 و8 و9 و10، هناك تساؤلات حول النقطة الساخنة الابرز في هذا الملف، والمتعلقة بالخلاف مع اسرائيل على تحديد حصة لبنان في المياه الاقتصادية.

وحتى الان لا تزال هذه المسألة عالقة، وتحتاج الى معالجة تسمح للبلد بالعمل براحة وطمأنينة. فهل من جديد على هذا الصعيد؟

بعد عودته بأيام من زيارة الى الولايات المتحدة الاميركية، كشف وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل، ان واشنطن تعتزم ارسال بعثة الى بيروت في الايام القليلة المقبلة، في اطار احياء الوساطة السابقة بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية.

هذا الخبر اثار علامات استفهام، حول الظروف التي تغيرت، وباتت تسمح باستئناف الوساطة الاميركية، التي عملت لفترة طويلة في السابق، قبل ان يتم اعلان فشلها بسبب رفض لبنان المقترحات التي تقدم بها في نهاية مهمته عاموس هوكشتاين نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة.

من الاسباب التي دفعت الى طرح تساؤلات حول استئناف الوساطة الاميركية ما يلي:

اولا – هل تبدلت السياسة الاسرائيلية بحيث باتت اكثر انفتاحا، ومستعدة لتقديم تنازلات اضافية الى لبنان من اجل الوصول الى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية؟

ثانيا - هل ان سياسة الادارة الاميركة الجديدة اكثر تشددا مع اسرائيل ولديها النية لمحاولة فرض حلول لم تنجح الادارة السابقة في فرضها.

ثالثا - هل أصبح الموقف اللبناني الرسمي اكثر انفتاحا على العروض التي قد تُقدم له، وبات مُحرراً أكثر من الضغوطات التي قد تمارسها اطراف داخلية عليه، في مقدمها «حزب الله»؟

رابعا - هل ان الموفدة الأميركية الجديدة السفيرة ماري دورليك صاحبة قدرات استثنائية تفوق قدرات عاموس هوكشتاين لكي تنجح حيث فشل السلف؟
هذه التساؤلات تقود الى مكان آخر، حيث يسود همس في بعض الاوساط مفاده ان ما عجزت عن القبول به حكومات لبنان السابقة، ستكون الحكومة الحالية قادرة على الموافقة عليه.

تضيف المعلومات، ان وزير الطاقة كانت لديه توجيهات واضحة باجراء محادثات مع الاميركيين لحضّهم على احياء مبادرة الوساطة بين لبنان واسرائيل.

ويستنتج البعض، ان نجاح الوزير في إقناع الأميركيين ما كان ليتم، لو لم يقدم الى الاميركيين ما يوحي بأن الموقف اللبناني سيكون أقل تصلبا، من دون أن يعني ذلك الاستعداد للتخلي عن أي حق ثابت للبنان في ثروته النفطية.

لكن السلاسة المطروحة ترتبط بفكرة براغماتية تتعلق بضرورة الخروج من النفق، وعدم المجازفة باستمرار النزاع البحري مع اسرائيل، لأن ذلك يقلل من فرص لبنان في الافادة القصوى من ثروته النفطية، وبأسرع وقت ممكن، لأن التأخير يزيد من احتمالات ضياع الفرص المتاحة اليوم.

في المعلومات أيضا، ان «حزب الله» الذي كان يراقب قدر المستطاع، تحركات وزير الطاقة اللبناني في واشنطن، كان متوجسا من طبيعة الاتصالات التي يجريها ابي خليل هناك.

خصوصا ان قيادة الحزب باتت تشتبه في ان البعض في الداخل اللبناني يبني حساباته على اساس ان الحزب في مرحلة وهن، وغير قادر على فتح مواجهات جديدة، وما فيه يكفيه. وعلى هذا الاساس يتم بناء المواقف، ودائما حسبما يعتقد بعض المسؤولين في الحزب.

هل هذه الهواجس في محلها؟ وهل اصبحت السلطة اللبنانية اكثر تحررا من أجندة «حزب الله» الاقليمية بحيث تستطيع ان تحسم موضوع ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل بناء على الاقتراح الاميركي كوسيط؟

مستقبل الافادة من الثروة النفطية والغازية مرتبط بالجواب على هذا السؤال.