أجرى تقرير لمجلة "نيوزويك" الأميركية، مقارنة بين الدور الروسي قبيل حرب عام 1967 وبين دورها الحالي في سوريا، لافتاً إلى أن روسيا لم تبالِ عندما أغلق الرئيس المصري جمال عبد الناصر مضيق تيران عام 1967، ما أدى إلى قطع طرق السفن من الوصول إلى ميناء إيلات في إسرائيل، الميناء الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر.


وأشار التقرير إلى أن تحركات القوات المصرية والسورية على الحدود الإسرائيلية، إلى جانب الخطاب الناري لعبد الناصر مهَّدت الطريق إلى الحرب. في غضون كل ذلك، أمدت موسكو المصريين والسوريين بمعلوماتٍ خاطئة حول تحركات القوات الإسرائيلية.

"التاريخ يكرر نفسه"

وتزعم الصحيفة أنه بعد خمسين عاماً من ذلك التاريخ، يبدو التاريخ مستعداً ليعيد نفسه. فحلفاء روسيا مرةً ثانية يستفزون إسرائيل، التي قد لا ترى في النهاية أي خيار سوى أن تضرب أولاً. وتحذِّر إسرائيل من أنَّ هذه الحرب، مثل حرب الأيام الستة عام 1976، قد تغيِّر المنطقة تماماً، حسب "النيوزويك".

وتقول الصحيفة الأميركية: "مسرح الحرب هذه المرة سيكون في سوريا، لكنَّ العامل المسبب للصراع المقبل -صدِّق أو لا تصدِّق- ليس استخدام الرئيس السوري بشار الأسد للأسلحة الكيماوية ضد شعبه، وإنما أخطر وكلاء إيران في المنطقة حزب الله".

أرسلت طهران حزب الله لدعم قوات الأسد المحاصرة في سوريا، فنشر حزب الله، آلافاً من المقاتلين في سوريا، وهم الآن يكتسبون خبرة ثمينة من الحرب.

علاوة على ذلك، تُسلِّح إيران حزب الله استعداداً للصراع المقبل مع إسرائيل. في خريف عام 2015، قدَّر الجيش الإسرائيلي أنَّ حزب الله قد زاد ترسانته الصاروخية من 100 ألف صاروخ إلى حوالي 150 ألفاً منذ بداية الحرب السورية.

لاحقاً في العام ذاته، بدأ الروس في تنفيذ ضرباتٍ جوية ضد مجموعات المعارضة التي تقاتل لطرد الأسد من سوريا. وكانت موسكو قد أمدَّت الأسد بالأسلحة والإمدادات الأخرى، لوقت طويل، عبر منشآتها البحرية على ساحل البحر المتوسط في طرطوس. لكن سرعان ما نشر الروس قوات برية وجوية، ومساعدات استخباراتية، ومعدات ثقيلة لحماية نظام الأسد، لتوضح بذلك أنَّ سوريا جزءٌ من منطقة نفوذها الآخذة في الاتساع.

وسرعان ما أنشأت روسيا مراكز اندماج لتنسيق جهودها الحربية مع إيران وحزب الله ونظام الأسد. استفاد حزب الله من الغطاء الجوي الروسي، بل وقاتل حتى جنباً إلى جنب مع قوات روسية ضد قوات المعارضة السورية.

أسلحة متطورة

في غضون ذلك، حاولت إيران ووكيلها اللبناني استغلال كل من الحضور الروسي، وضباب الحرب لنقل ما سمَّاه الإسرائيليون "أسلحةً مُغيِّرة للمعادلة" من منطقة الحرب إلى لبنان. وقال المسؤولون الإسرائيليون إنَّ الأسلحة التي يحاول حزب الله الحصول عليها تتضمَّن صواريخ طويلة المدى وعالية الحمولة، وصواريخ قوية مضادة للسفن، وربما حتى أنظمة معقدة مضادة للطائرات.

حفَّزت هذه الأسلحة شعوراً واضحاً بالحذر داخل إسرائيل، إذ قال المسؤولون إنَّ هذه المعدات سوف تقلِّص من تفوُّقهم بشكل كبير عند اندلاع الحرب المقبلة، وهو السبب الذي من أجله شنَّت إسرائيل حتى الآن حوالي ثلاثين ضربة جوية في سوريا، بحسب واحد من كبار المسؤولين الإسرائيليين.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الغارات الجوية تمثل كامل الجهد الإسرائيلي. لكنَّ ما نعلمه علم اليقين أنَّ هذه الدراما قد بلغت أوجها في شهر آذار2017، عندما أطلق الجيش السوري أسلحةً مضادة للطائرات على طائرةٍ إسرائيلية، بعدما ضربت هذه الطائرة ما يُعتقد أنه شحنة أسلحة أخرى لحزب الله داخل سوريا. تَقدَّم الصاروخ المضاد للطائرات تجاه الأراضي الإسرائيلية، مما حدا بالإسرائيليين لاستخدام نظام دفاعهم الصاروخي متوسط المدى (آرو).

أدت هذه الحادثة إلى تصعيد الحرب الكلامية، فهدَّدت دمشق أنَّ أية غارات أخرى سوف تُقابل بهجماتٍ بصواريخ السكود، بل إنها حتى حذَّرت أنَّ روسيا سوف تهبّ إلى نجدتهم لو ضرب الإسرائيليون مرة أخرى.

هل تغيث روسيا "حزب الله"؟

ومن المشكوك فيه أنَّ روسيا قد تطلق النار على طائرةٍ إسرائيلية، خصوصاً أنَّ الإسرائيليين قد قاموا بزياراتٍ متعددة لموسكو لضمان استمرار قواتهم الجوية في تنفيذ ضربات ضد عملاء إيران وحزب الله عند الضرورة.

وكلما طالت المدة المطلوبة لتستكمل إيران وحزب الله بنية التهريب التحتية الخاصة بهما، زاد احتمال التهريب الناجح "لأسلحة تُغيِّر من المعادلة". يمتلك حزب الله بالفعل عشرات الآلاف من الصواريخ، ولكنَّ النقل الآمن لأسلحةٍ أكثر تطوراً سوف يكون خطاً أحمر بالنسبة لإسرائيل، ما سوف يحضُّ على تنفيذ ضربة استباقية قبل نشر هذه الأسلحة.

(نيوزويك)