فُجعت مدينة طرابلس فجر أمس الخميس بخبر وفاة الشاب عمر مكّاوي بحادث سير مروّع إثر اصطدام السيارة التي كان يقودها والده بالفاصل الاسمنتي على أوتوستراد القلمون باتجاه طرابلس.

هكذا خطف الموت عمر من حضن والده الذي أصيب بجروح ونقل إلى المستشفى، وعمر الطالب المجتهد، الخلوق، المثقّف والمهذب، والذي كان يكمل دراسة الطب في تركيا بعدما أنهى دراسته الثانوية في مدرسة "الإيمان" – طرابلس، حالماً بتحقيق آماله، والسّبب أوتوستراد "القلمون" الذي بات يسمّى "أوتوستراد الموت" حيث فقد العديد من الشباب حياتهم وهم في ربيع عمرهم، في غياب الإنارة على طريق في وقت الظلام، والمضحك المبكي أنّ أضواء الأوتوستراد تكون في بعض الأوقات مضاءة في فترة النهار.

على من يقع اللوم؟ من يحاسب؟ ومن المسؤول؟ من يعيد عمر إلى حضن والده ووالدته؟ كلّها أسئلة برسم دولة "اللادولة"، الدولة المستقيلة من مسؤولياتها تجاه مواطنيها الذين باتوا يخشونها، مواطنون باتت الدولة بالنسبة لهم عاراً عليهم.

دولة ينهش مسؤولوها الشعب بأنيابهم حتى الموت، دولة "يزحف" سياسيّوها خلف مصالحهم ومقاعدهم ومناصبهم، على حساب أرواح الشعب الذي فقد كلّ أمل بوطنه، فإلى متى سنظلّ ننعي الشاب تلو الآخر؟ إلى متى سيبقى أب يخسر فلذة كبده؟ إلى متى سيبقى قلب أمٍّ ينكسر بسبب فقدانها ابناً ربّته بدموع عيونها؟

أسئلة لا ولن تنتهي.. ولا جواب يشفي القلوب!

كلمات كثيرة قيلت عن عمر، زملاؤه لم يصدّقوا أنّه غادرهم ولن يعود، أساتذته أفجعهم الخبر وشهدوا بما رأوه منه، أصدقاؤه آلمهم الخبر، والأقرباء عالقون بين نار رحيله ونار والده المصاب في المستشفى.

أحد أساتذة عمر في مدرسة "الإيمان" نعاه قائلاً: "من أصعب الأمور على الإنسان أن ينعي ويرثي ابناً له انتقل لرحمة الله في عمر الزهور وهأنذا أفعل مع طالبي الحبيب عمر مكاوي رحمه الله الذي انتقل لبارئه إثر حادث سير أليم. كان رحمه الله وبشهادتي وشهادة كلّ من علمه لسنوات مثال الطالب الخلوق المؤدّب المميّز بعلمه وأخلاقه وسلوكه وتصرفاته، ما عرفناك يا عمر إلا من خيرة طلاب الإيمان".

 

وكتب أحد أصدقائه: "رافقتنا منذ الصغر؛ خلوقاً لا يحزن منك أحد؛ ناصحاً تحبّ غيرك؛ لا تؤذي أحداً من الناس.. الله يرحمك يا آدمي يا عمر".

 

وكتب آخر: "أأشتكي موتهُ هل دمعتي تحيهِ.. أدعوكَ يا صَمَدٌ بجنةٍ تأوهِ

جرحي أنا عُمَرٌ في الإسم والزمنِ.. من جرحهُ عُمَرٌ لا شافيٌ يشفهِ

تفاؤلٌ دائمٌ قد كان ما بيننا.. يا حزننا ما لنا غير أن نرثهِ

وضحكةٌ مبهجةْ وخيرةُ الصحبةِ.. وطيبةٌ وتقى كم قلَّةً مثله

يا ليتني عالمٌ بخطَّةٍ للرِّدى.. لكنتُ ودعتهُ من قبل أن يأتهِ

الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة رفيقي عمر".