وجّه الرئيس دونالد ترامب انتقاداً شديداً إلى مجلس الأمن أمس بسبب «فشله» في التحرك رداً على هجوم بالأسلحة الكيماوية ضد بلدة خان شيخون السورية، وفرضت إدارته عقوبات جديدة على الحكومة السورية وجهات داعمة لها بسبب اتهامها بالوقوف وراء الهجوم بغاز السارين الذي أوقع قرابة مئة قتيل في ريف إدلب. جاء ذلك وسط تصعيد لافت في الموقف الروسي من هذا الملف، إذ حذّرت موسكو مما سمّته «تحضيرات جارية في ريف دمشق لتنفيذ مسرحيات جديدة تحاكي استخدام الكيماوي» على غرار ما حصل في خان شيخون.
وشدد وزير الخارجية سيرغي لافروف على ضرورة توجّه لجنة تحقيق إلى البلدة لفحص «فرضية» استخدام «الكيماوي» فيها.
وقال مصدر ديبلوماسي روسي لـ «الحياة» أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سيزور موسكو غداً لإجراء محادثات مع لافروف، تركز على ملفي الوضع في سورية والعلاقات الثنائية. وعلى رغم أن الخارجية الروسية لم تصدر بياناً كما جرت العادة، يتضمن برنامج الزيارة والملفات المطروحة للبحث، إلا أن الديبلوماسي قال أن الجبير سيصل في زيارة ليوم واحد في إطار استمرار الاتصالات بين موسكو والرياض لدفع جهود التسوية في سورية، ومواصلة مناقشات ملفات التعاون الثنائي.
وقال مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على التسلح في الخارجية الروسية ميخائيل أوليانوف أن «من المحتمل أن تقع مسرحيات كيماوية جديدة في ريف دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة»، من دون أن يوضح طبيعة المعطيات المتوافرة لدى وزارته في هذا الشأن. وترافق كلامه مع قول الوزير لافروف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن موسكو ستواصل العمل من أجل إرسال منظمة حظر الأسلحة الكيماوية خبراء إلى خان شيخون وإلى مطار الشعيرات (حمص) للتأكد من خلوه من الأسلحة الكيماوية، لكنه شدد على ضرورة أن يضمن وفد خبراء التحقيق «تمثيلاً جغرافياً واسعاً»، أي ألّا يكون مقتصراً على خبراء غربيين.
في غضون ذلك، قال ترامب أمس أن مجلس الأمن الدولي أخفق في القيام بعمل رداً على الهجوم الكيماوي في سورية، وهو ما وصفه «بخيبة أمل كبيرة»، وفق ما أوردت وكالة «رويترز». وكان ترامب يتحدث قبل مأدبة غداء مع سفراء دول أعضاء في مجلس الأمن.
وأدرجت واشنطن على القائمة السوداء أمس 271 موظفاً من وكالة حكومية قالت إنها مسؤولة عن تطوير أسلحة كيماوية. وقالت وزارة الخزانة إن 271 من موظفي «المركز السوري للبحوث والدراسات العلمية» يعملون كخبراء كيماويين، أو عملوا دعماً «لبرنامج الأسلحة الكيماوية» للمركز منذ 2012 على أقل تقدير أو يعملون في المجالين. وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين في بيان «هذه العقوبات الواسعة تستهدف مركز الدعم العلمي للهجوم المروع بالأسلحة الكيماوية للدكتاتور بشار الأسد على رجال ونساء وأطفال مدنيين أبرياء».
ميدانياً، تعرّض تنظيم «داعش» في سورية لضربة شديدة أمس. فقد نجح تحالف «قوات سورية الديموقراطية» في اقتحام أجزاء من مدينة الطبقة بعد أيام من المعارك الضارية في إطار عملية «غضب الفرات» الهادفة إلى طرد التنظيم من الرقة، عاصمته في شمال شرقي سورية. وأكد التحالف في بيان أن عناصره تمكنوا ضمن المرحلة الحالية من «حملة غضب الفرات» من «تحرير دوار العلف وجزيرة المحمية وقسم من حي الوهب» في مدينة الطبقة التي تقع إلى الغرب من الرقة، عاصمة «داعش» في سورية. وأوضح أن عناصره استطاعوا «التقدم في الجبهة الغربية والجبهة الشمالية الغربية والجنوبية لمدينة الطبقة... وحرروا دوار العلف في الجبهة الغربية للمدينة وجزيرة المحمية من الجبهة الشمالية الغربية لها وقسماً من حي الوهب في الجبهة الجنوبية للمدينة». ووزعت «حملة غضب الفرات» بعد الظهر بياناً آخر أكدت فيه أن «قوات سورية الديموقراطية» سيطرت على عشرات القرى والبلدات «ذات الأهمية الاستراتيجية في الرقة»، معتبرة أن الضربات التي تلقاها «العدو (داعش) قسمت ظهره».
في غضون ذلك، أفادت «شبكة شام» المعارضة بأن فصائل معارضة شنّت «هجوماً مباغتاً» على مواقع «داعش» في جبل المحسا التابع إدارياً لمحافظة حمص، وذلك ضمن معركة «سرجنا الجياد لتطهير الحماد». وأوردت أن الفصائل أعلنت أن عناصرها هاجموا مواقع «داعش» في المحسا من محورين رئيسيين، الأول من جهة القلمون الشرقي، والثاني من جهة منطقة العليانية في البادية الشامية. وأضافت أن السيطرة على منطقة المحسا ستؤدي إلى «فك الحصار عن القلمون الشرقي»، مشيرة إلى أن ذلك بات قريباً.