فوضى الاقتراحات طيّر قانون الانتخاب وعقوبات أميركية قاسية على لبنان

 

المستقبل :

«سبق وشاهدتُ لبنان من الفضاء وها أنا اليوم على أرضه» بهذه العبارة عبّر رائد الفضاء الأميركي الدكتور دونالد توماس الآتي من وكالة «ناسا» عن سعادته أمس لحظة أن وطأت قدماه الأرض اللبنانية، مع تقديمه نصيحة مكوكية إلى اللبنانيين: «الأرض تبدو من الفضاء ضعيفة لذلك علينا العمل للمحافظة عليها والمهم أن يعلم الإنسان أنه يعيش مع إنسان آخر على هذه الأرض». حبذا لو ينظر اللبنانيون بمعظمهم إلى أرض وطنهم من منظار توماس فيحافظون عليها، لكن ما خفي على رائد «ناسا» عن هذه الأرض كان أعظم.. فما لم يلحظه من الفضاء سيعاينه عن كثب اليوم ليرى كيف أن المدار اللبناني الذي كاد أن يبتلعه «ثقب الشغور الأسود» ونجح بأعجوبة في تجنّبه، عاد راهناً ليدور في فلك قاتل من الفراغ التشريعي يتجاذبه ويهدد بابتلاعه بعد 20 يوماً تحت وطأة انعدام الجاذبية التوافقية في البلد. وبينما يتناقص عدّاد 15 أيار يوماً بعد آخر، لم تلمع في الأفق السياسي بعد بارقة تفاؤل بقرب التقاء الأفرقاء على أرضية



مشتركة لقانون الانتخاب العتيد، سيما وأنّ عملية وأد المبادرات لا تزال هي الطاغية على الساحة الانتخابية، وآخر تجلياتها بالأمس خروج «حزب الله» لنعي كل مشاريع قوانين المختلط بين الأكثري والنسبي، مع استهداف فجّ وصريح للمشروع الوليد الذي قدّمه «الحزب التقدمي الاشتراكي» ولم يرَ فيه الحزب أكثر من «مضيعة للوقت». 

ففي حين كان وفد من الحزب الاشتراكي يضم تيمور جنبلاط والوزير أيمن شقير والنائبين غازي العريضي ووائل أبو فاعو يشرح مضمون مشروعه الانتخابي لرئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في بيت الوسط، تلقى هذا المشروع «فيتو» مباغتاً من كتلة «حزب الله» البرلمانية باعتباره مشروعاً يفتقر إلى المعايير الواضحة كما رأى رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في معرض إبدائه رفض الحزب لأي قانون انتخابي يقوم على صيغة المختلط، متسائلاً خلال لقاء سياسي في الجنوب: «ما هو المعيار الذي يتيح للمرشحين أن يترشحوا وفق النسبي أو الأكثري في القانون الذي طرحه الحزب التقدمي الاشتراكي، والذي يقضي بأن ينتخب المواطنون 64 نائباً وفق القانون الأكثري، و64 نائباً وفق القانون النسبي؟»، وأردف مضيفاً: «لا يستطيع أحد أن يمنع مرشحاً ما من الترشح وفق الأكثري أو النسبي، وإن كان جميع المرشحين الآخرين ترشحوا وفق قانون آخر، وبالتالي هذا تضييع للوقت فضلاً عن المماطلة». ليخلص رعد إلى كون «الخيار الوحيد الذي يضمن خلاصنا في هذه المرحلة هو إيجاد قانون جديد ينبغي التوافق عليه ويعتمد مبدأ النسبية الكاملة، وإن لم نستطع إنجاز هذا القانون خلال 15 يوماً، فحينها يجب أن ندعو الجميع للاتفاق على مواصفات القانون الجديد الذي نريده أن يقوم على أساس النسبية الكاملة، ونبحث في تفاصيله ونظامه في ما بعد، فيكون هناك تأجيل تقني» للانتخابات النيابية، بمعنى تشديد «حزب الله» على وجوب إقرار التمديد التقني للمجلس ريثما يتم التوافق على القانون العتيد.

تزامناً، وبينما كشفت مصادر وثيقة الاطلاع على ملف قانون الانتخاب لـ«المستقبل» أنّ المشاورات الجارية بشأن هذا الملف «تسير على قدم وساق بعيداً عن الأضواء والإعلام»، معتبرةً أنّ النقاش بات يتركز على خيارين: إما «التأهيلي» وفق النظامين الطائفي والنسبي أو مجلس نيابي نسبي و«مجلس شيوخ» طائفي، أكدت مصادر «عين التينة» من جهتها لـ«المستقبل» أنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري بات في طور وضع اللمسات الأخيرة على مشروع القانون النسبي الذي يعتزم طرحه في الفترة الأخيرة الفاصلة عن مهلة 15 أيار، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ بري يتريث في الإعلان عن مشروعه ريثما تنضج نتائج مشاوراته بهذا الخصوص مع مختلف الأفرقاء.

العقوبات الأميركية

في الغضون، برز أمس تحذير رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من التداعيات السلبية لمشروع قانون العقوبات المالية الأميركية المُرتقب صدوره عن الكونغرس، منبهاً أمام وفد مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان «تاسك فورس فور ليبانون»، الذي جال أمس على الرؤساء الثلاثة، إلى أنّ هذا المشروع الذي يجري إعداده «لفرض عقوبات جديدة على أحزاب ومؤسسات وأشخاص لبنانيين سيلحق ضرراً كبيراً بلبنان وشعبه، ولا يأتلف مع العلاقات اللبنانية - الأميركية التي يحرص لبنان على تعزيزها في مختلف المجالات»، وسط تشديد عون في المقابل على أنّ «لبنان يجري الاتصالات اللازمة للحؤول دون صدور القانون، ويرحب بأي جهد تبذله مجموعة العمل الأميركية في هذا المجال».

المياومون.. عود على بدء

ميدانياً، عاد ملف مياومي الكهرباء بشكل مفاجئ ليطغى على شريط الأحداث اليومية مع تداعي المياومين إلى تنفيذ اعتصام أمس أمام وزارة الطاقة والمياه حيث أحرقوا الإطارات المطاطية أمام مدخلها ومنعوا الوزير سيزار أبي خليل من دخول وزارته قبل أن ينتقلوا لاحقاً لقطع الطريق أمام مؤسسة الكهرباء وإقفال أبوابها. وسرعان ما اتخذت الأمور منحى تصعيدياً من المُفترض أن يتوالى فصولاً خلال الساعات الأخيرة خصوصاً في ظل نفي المكتب الإعلامي لوزير الطاقة نيته عقد اجتماع اليوم مع وفد المياومين السابقين وإعلان المياومين في المقابل الاستمرار في تحركهم اليوم حتى إقرار الوزارة بمطالبهم.

وبالتزامن، لفت تحرك مطلبي مماثل أمام وزارة الشؤون الاجتماعية نفذه المتعاقدون مع الوزارة وعمدوا خلاله إلى إقفال أبوابها اعتراضاً على قرار الوزير بيار بو عاصي إنهاء مشروع «البرنامج الوطني لرصد التحركات السكانية» باعتباره يُشكل هدراً على المالية العامة ويُشجع ما وصفه بو عاصي «البطالة المقنعة». وبعد ساعات من الهرج والمرج أمام مبنى الوزارة بين المتعاقدين المعترضين وعدد من مستشاري الوزير، لم تُفتح أبواب الوزارة إلا بعد الموافقة على طلبهم مقابلة بو عاصي، غير أنّ الاجتماع الذي عقده مع وفد المتعاقدين لم يخرج بأي نتيجة إيجابية ترضيهم تحت وطأة تبلغهم من وزير الشؤون إصراره على المضي قدماً بقراره وعدم التراجع عنه.

 

الديار :

اتخذت الادارة الاميركية قرارات بشأن عقوبات ستفرضها على لبنان وستكون قاسية جداً، وتتألف من عدة نقاط اهمها:
1- التضييق على كل شخصيات حزب الله وحركة حزب الله بكل مؤسساته.
2- فرض عقوبات على حركة امل وعلى شخصيات شيعية وغير شيعية لها علاقات مع حزب الله.
3- الطلب الى المصارف اللبنانية رفع لوائح اسمية بمن تشك انهم يتعاطون مع حزب الله.
4- فرض عقوبات على كل المؤسسات التي تتتبع وتتعاطى مع مؤسسات حزب الله الانسانية والصحية والاجتماعية وغيرها.
اضافة الى النقاط الاربع سيقرر الكونغرس عقوبات اضافية، ستكون ضارة للشعب اللبناني كما قال فخامة الرئيس ميشال عون.
وكان حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة قد قام في السابق بالتفاوض مع الادارة الاميركية ووزارة الخزانة الاميركية واعضاء في الكونغرس واستطاع التخفيف في مجالات كثيرة من العقوبات الاميركية، وبدلاً من الاسراع في التجديد لحاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة وعقد جلسة فورية للحكومة اللبنانية من اجل ذلك، فان العقوبات الاميركية يجري تحضيرها، في حين ان الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية لم يتخذا القرار بالتجديد السريع والفوري للحاكم الاستاذ رياض سلامه كي يستطيع السفر الى واشنطن والتفاوض مع وزارة الخزانة الاميركية واللجنة المالية في الكونغرس الاميركي ومع المسؤولين الاميركيين في واشنطن من اجل ان يشرح لهم اضرار العقوبات على لبنان، وان هذه العقوبات ستضر بالاقتصاد اللبناني وستزيد من تدهور الاوضاع الاقتصادية في لبنان. وهذا ما سيفتح المجال لنمو الارهاب في كل لبنان، وتزيد البطالة في صفوف اللبنانيين، ويزداد عجز اللبنانيين الذين يعيشون تحت خط الفقر، فيما يتزعزع الامن الاجتماعي والاقتصادي في لبنان الذي يعاني على الحدود حربا مع داعش الارهابية، ويعتقل الخلايا الارهابية لداعش في الداخل وعندما يتدهور الاقتصاد اللبناني سينعكس ذلك على قدرات الجيش اللبناني والاجهزة الامنية كلها، بخاصة في ظل زيادة الغلاء وامكانية التضخم في الاقتصاد وعدم النمو وانخفاض في الانتاج وكلها يدركها حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة الذي هو قادر على التفاوض مع المسؤولين الاميركيين والادارة الاميركية من اجل تغيير قسم كبير من عقوباتها وعدم الحاق الضرر بالشعب اللبناني كله.
ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري والقوى السياسية مطالبة بالدفع لعقد جلسة فورية لمجلس الوزراء كي يتم التجديد لحاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة ويتم تكليفه السفر الى واشنطن في اسرع وقت ومعالجة قانون العقوبات الاميركية الذي سيؤدي الى تدهور في العلاقات الاميركية - اللبنانية بشكل كبير ويترك اللوبي الصهيوني ينتصر وهو الذي يحاول تدمير العلاقات اللبنانية - الاميركية عبر الضغط من خلال الكونغرس والادارة الاميركية لفرض عقوبات على لبنان.
وكان فخامة الرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد حذر من العقوبات الاميركية، ويجري اتصالات على اعلى مستوى، فلماذا لا نعود الى التجربة الهامة لحاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة التي قام بها في السابق والتي خففت من العقوبات على لبنان وقام بحماية القطاعين النقدي  والمالي وحرية حركة المصارف وافساح المجال امام الشخصيات اللبناينة كافة للقيام بدورها واعطاء رأيها بحرية في وقت يشكل حزب الله بجمهوره اكثر من مليون مواطن وله اعضاء في المجلس النيابي ووزراء في الحكومة اللبنانية. لذلك نتوجه بالتحية لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي حذر من العقوبات الاميركية، لكن المطلوب خطوات عملية وسريعة من الحكومة بالتجديد لحاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة وتكليفه السفر لواشنطن لمعالجة موضوع العقوبات ضد قوى سياسية وشخصيات لبنانية وضد الشعب اللبناني كله.
وكان الرئيس  ميشال عون حذر امام  اعضاء وفد مجموعة العمل الاميركية من اجل لبنان «تاسك فورس فور ليبانون»، من مشروع القانون الذي يجري اعداده في الكونغرس لفرض عقوبات مالية جديدة على احزاب ومؤسسات واشخاص لبنانيين، وانه سيلحق ضررا كبيرا بلبنان وشعبه، وهو لا يأتلف مع العلاقات اللبنانية -الاميركية التي يحرص لبنان على تعزيزها في مختلف المجالات.
فيما شدد رئيس الوفد ادوار غابرييل على الجهد الذي تبذله القوى الامنية اللبنانية في مواجهة الارهاب متمنيا على الرئيس عون زيارة واشنطن لوضع المسؤولين الاميركيين في حقيقة المواقف اللبنانية من الاحداث الراهنة.
كما التقى الوفد الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري.
واكد الرئيس عون  ان «لبنان يسعى للخروج تباعا من الصعوبات التي يعاني منها نتيجة الازمات المتراكمة التي انعكست عليه، لا سيما الازمة الاقتصادية العالمية والاوضاع المضطربة في عدد من دول حوض البحر الابيض المتوسط وموجة النزوح السوري الكبير الى لبنان».
وابلغ الوفد، ان التوافق الوطني الذي تحقق نتيجة الانتخابات الرئاسية وفّر حالة مثالية من الاستقرار على رغم وجود مسائل لا تزال تحتاج الى معالجة، وفي مقدمها مسألة النزوح السوري ومكافحة الارهاب والمحافظة على الامن على الحدود اللبنانية  - السورية، ووقف الانتهاكات الاسرائيلية في الجنوب وتطبيق القرار 1701 تطبيقا كاملا. 

 

الجمهورية :

كلما ضاقت المسافة الزمنية عن الجلسة النيابية لإقرار التمديد في 15 ايار المقبل، زادت سماكة الجدار الانتخابي أكثر، وضعفت الآمال في امكان اختراقه بصيغة توافقية ترضي كل الاطراف. وفي الموازاة يبدو المشهد الداخلي مفتوحاً على احتمالات اخرى يغلب عليها الطابع السلبي، ربطاً بالتوجّه الاميركي الى إقرار عقوبات على اطراف لبنانيين مع ما لذلك من تداعيات تبعاً لحجم هذه العقوبات والاطراف او القوى التي ستشملها، وهو الامر الذي كان محل متابعة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اكد انّ هذه العقوبات لا تصب في مصلحة لبنان وتلحق ضرراً به.

في حين يستمرّ مفعول العاصفة السياسية التي أثارها كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي عن الإقرار بالفشل والذهاب الى انتخابات على أساس القانون النافذ، أي قانون «الستين» لأنه أفضل من التمديد او الفراغ، أوضحت بكركي خلفيات كلام الراعي والأسباب التي دفعته الى إطلاق مواقفه «النارية».

فنفت مصادرها لـ«الجمهورية»، في أول تعليق لها، ان «يكون البطريرك قد تلقّى إشارات من الفاتيكان أو الدول الأوروبية تدعوه الى اتخاذ مثل هكذا مواقف»، مشيرة الى أنّ «سيّد الصرح لا يعمل أو يتخذ مواقف وفق الإشارات الخارجية مثلما يفعل معظم الطبقة السياسية».

واستغربت المصادر «كيف أصبح كلام الراعي هو الحدث، في وقت يحاول الذين فشلوا في إقرار قانون جديد تحويل الاهتمام وحرف الأنظار الى اتجاه آخر».

وجزمت المصادر أنّ «البطريرك ضد قانون «الستين»، مشيرة الى انه «انطلق من الفشل الذريع الذي سبّبته الطبقة السياسية والذي بات شبه محسوم، حيث باتت الإنتخابات بحكم المؤجّلة»، لافتة الى أنّ «الراعي دق ناقوس الخطر وأطلق هذه المواقف ليستفزّ السياسيين ويحضّهم على التجاوب مع دعوة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليستعجلوا الاتفاق على قانون انتخابي ضمن مهلة الشهر التي بدأت تنتهي».

وأكدت المصادر أنّ «البطريرك يتكلم من وجع الناس ويصرخ لكي تتحرّك الكتل والنواب الذين لم يفعلوا شيئاً في وقت كان يجب ان يعلنوا حالة طوارئ سياسية وانتخابية من أجل الإتفاق على القانون الموعود، لكننا نراهم لم يقدموا على خطوة كهذه».

وإذ شدّدت المصادر على أنّ البطريرك «لا يغطّي «الستين» بل يعتبر أنّ الإقرار بالفشل ليس عيباً»، حذّرت من «أن يُستغلّ كلامه في غير مكانه وان يبنوا عليه من أجل الإبقاء على الوضع الحالي». وقالت: «غبطته يحذّر من الكارثة الكبيرة المقبلة وينتقد ازدواجية البعض الذين يرفضون الستين علناً ويريدونه من تحت الطاولة».

طريق مسدود

سياسياً، لعل العلامة الإيجابية الشكلية التي طَفت على السطح تجلّت في انطلاق الموازنة العامة للسنة الحالية في رحلة الدرس والنقاش حولها في اللجنة النيابية للمال والموازنة، بما يعطي الاشارة الى انّ لبنان قد يدخل، في نهاية النقاشات إن استمرت بشكل انسيابي كما هو مفترض، الى عودة مالية الدولة الى الانتظام بعد اكثر من 11 عاماً من الوضع الشاذ الذي حكم الدولة في ظل عدم وجود موازنة.

الّا انّ الصور الاخرى تَشي بغير ذلك، سواء لناحية العمل الحكومي شبه المعطل، الّا اذا نجحت المحاولات الجارية لدب الروح ولو جزئياً في نشاط الحكومة وعودتها الى الانعقاد بجدول اعمال عادي، حيث قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ مشاورات تجري بين القصر الجمهوري وبيت الوسط لعقد مثل هذه الجلسة، على ان يكون جدول اعمالها عادياً ولا يقارب فيه الملف الانتخابي.

واللافت هو انّ المصادر الوزارية لا تستطيع تأكيد نجاح هذه المشاورات او فشلها في اعادة اطلاق عجلة مجلس الوزراء، خصوصاً انها تملك معطيات مفادها انّ اطرافاً فاعلة ونافذة سياسياً، تربط انعقاد ايّ جلسة لمجلس الوزراء بالتوصل الى قانون انتخابي قبلها، وهو ما ليس ممكناً حتى الآن تبعاً لفشل القوى السياسية في الوصول الى قانون توافقي.

وآخر فشل سجل على هذا الصعيد ظهّره الاجتماع الرباعي المطوّل الذي عقد ليل الاحد في بيت الوسط في حضور رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير المالية علي حسن خليل، وزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل ونادر الحريري.

وعلمت «الجمهورية» انّ هذا الاجتماع فشل في بلوغ نقاط تفاهم مشتركة حول اي من الافكار والصيغ التي بحثت، حيث جرى استعراض بعض الصيغ المطروحة وخلاصتها تمسّك باسيل بالمشروع التأهيلي على اعتباره الافضل مسيحياً ويؤمن عدالة في التمثيل.

على انه في موازاة الليونة الحريرية حيال المشروع التأهيلي، برز رفض صريح لهذا المشروع من قبل «الخليلين»، مع تمسكهما بطرح النسبية الكاملة. واتبع ذلك بإعلان «حزب الله» على لسان رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد رفضه صراحة للمشروع المختلط الذي قدمه الحزب التقدمي الاشتراكي.

يشار في سياق الطرح الاشتراكي الى انّ وفداً من الحزب الاشتراكي زار امس الحريري، وجرى التداول في الاتصالات الجارية مع مختلف الأطراف لبلورة مشروع قانون انتخاب جديد. وشرح الوفد مضمون مشروع القانون الذي طرحه الحزب في هذا الخصوص. وضمّ الوفد كلّاً من تيمور جنبلاط والوزير أيمن شقير والنائبين غازي العريضي ووائل أبو فاعور، وحضر اللقاء نادر الحريري.

الّا انّ ما لفت الانتباه ربطاً بالمشاورات الاخيرة استياء «التيار الوطني الحر» من نَعي البعض المتعمّد للمشروع التأهيلي، وبرز ما نقلته قناة الـ otv من انه «على عكسِ ما يُشاع أو يُقال، لا يزالُ قانون التأهيل بصيغته الأخيرة، على قيد الحياة».

وعكست الخشية من ان «تؤديَ «عجقةُ» المشاريع والاقتراحات الى المساهمة - بقصدٍ أو من دونه - في إغراق النقاش وإضاعة الوقت، بلوغاً إلى موعد 15 ايار، الموعد المحدد لفرض التمديد.

وإذ اعتبرت انّ «السعي الى تمرير التمديد بالقوة السياسية سيأخذ البلاد نحو أزمة سياسية كبرى»، أعلنت «انّ المَحرومين من الاقتراع في الصناديق، لن يُمنَعوا من ممارسة حقهم في الاقتراع بالأقدام».

حركة مشاورات

الى ذلك، علمت «الجمهورية» انّ الساعات الاربع والعشرين الماضية سجلت حركة مشاورات مكثفة، سواء في داخل القوى السياسية، او ما بين بعضها البعض، إنما على شكل ثنائي محدود، وأبرزت في هذه المشاورات انّ غالبية القوى السياسية باتت تحت ثقل عامل الوقت وتستشعر خطورة جدية من الاحتمالات السلبية التي يمكن ان يدخل فيها البلد فيما لو استمر الافق الانتخابي مسدوداً على ما هو عليه الآن، من دون الوصول الى ما يضع الملف الانتخابي على سكة التوافق.

وبحسب المصادر، فإنّ موعد انعقاد جلسة التمديد في 15 ايار يضغط على الجميع، وبلوغ الحائط المسدود سيحتّم الوصول الى الاختيار الصعب بين التمديد للمجلس النيابي، او اجراء الانتخابات وفق قانون الستين، او الدخول في فراغ.

أمل موجود

الّا انّ مواكبين عن كثب للمشاورات الجارية على الخط الانتخابي لفتوا الانتباه الى انه على رغم ضغط الوقت، فإنّ فسحة الأمل ما زالت موجودة. وكشف هؤلاء انّ هناك تعويلاً على دور فاعل لرئيس الجمهورية قد يبرز في اي لحظة، ومساعد في اتجاه وضع الملف الانتخابي على السكة، من دون ان يستبعد المعولون على هذا الدور أن ينحى الرئيس في اتجاه تبنّي القانون النسبي من حيث المبدأ، وامّا تقسيم الدوائر فسيتم توافقياً.

وفي السياق ذاته، تحدث أحد المشاركين في النقاشات الانتخابية لـ«الجمهورية» عن تطورين بالغي الدلالة: تجلى الأول في التقاء المرجعيتين الروحيتين المارونية والسنية على رفض الفراغ، مع تغليب إجراء الانتخابات على اساس قانون الستين، امّا الثاني فتجلّى في طرح جديد ولد في الساعات الاخيرة ويتم تداوله بين القوى السياسية ويرمي الى تمديد تقني لمجلس النواب من ثلاثة اشهر الى ستة، على ان يسبق هذا التمديد تعهّد خطي توقّع عليه الاطراف السياسية، بالوصول الى قانون انتخابي خلال الفترة الممددة وإجراء الانتخابات على أساسه.

عون والعقوبات

في موقف هو الأول من نوعه تجاه التهديدات الأميركية بقرارات جديدة تستهدف «حزب الله» واطرافاً لبنانية متحالفة معه، رفع امس الرئيس عون لهجته أمام وفد مجموعة العمل الاميركية من اجل لبنان «تاسك فورس فور ليبانون» الذي استقبله في قصر بعبدا، برئاسة السفير السابق ادوارد غابريال.

وقال عون رداً على اسئلة اعضاء الوفد: «انّ مشروع القانون الذي يجري إعداده في الكونغرس لفرض عقوبات مالية جديدة على احزاب ومؤسسات واشخاص لبنانيين، سيلحق ضرراً كبيراً بلبنان وشعبه».

واعتبر انّ مثل هذه الإجراءات الأميركية «لا تأتلف مع حجم ونوعية العلاقات اللبنانية - الاميركية التي يحرص لبنان على تعزيزها في مختلف المجالات».

وأبلغ عون الوفد بأنه «كلّف من يجري الإتصالات اللازمة مع الإدارة الأميركية للحؤول دون صدور هذا القانون»، وانّ لبنان على استعداد للتعاون مع واشنطن وغيرها من دول العالم متى اتصل الأمر بمواجهة ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة ونقل الأموال بطرق غير شرعية.

أقصر الطرق

وعلمت «الجمهورية» انّ عون ابلغ هذه المواقف الى الوفد الأميركي الذي سيعود قريباً الى واشنطن باعتباره أقصر الطرق لإيصال موقف لبناني رسمي الى الإدارة الأميركية الجديدة بشكل واضح لا يحمل اي تأويلات او تفسيرات مزدوجة، فاللبنانيون موحدون تجاه ما يحفظ وحدة لبنان وأمنه وسلامة اراضيه.

وعلم أيضاً انّ من بين اعضاء الوفد من شارك في الحملة الإنتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب وهم من اقرب المقرّبين اليه وستوكل اليهم مهام دقيقة في المرحلة المقبلة لترجمة القرارات الأميركية تجاه لبنان خصوصاً ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.

ولفت عون امام اعضاء الوفد الى انّ لبنان «لا يمكنه ان يتحمّل مثل هذه القرارات الكبيرة التي تهدد دولاً وليس مؤسسات بحد عينها». وشدد على «أهمية ان تراعي الإدارة الجديدة الخصوصيات اللبنانية وحجم «حزب الله» ودوره في الداخل اللبناني، وانّ ما يقوم به الحزب في الخارج لن تكون له اي انعكاسات في الداخل اللبناني ولا يمكن استثماره في القضايا اللبنانية الداخلية. وطلب من اعضاء الوفد إطلاع الإدارة الأميركية على هذه القضايا

بالتفصيل للتخفيف من حدة الإجراءات الأميركية التي لن تقف عند بعض المؤسسات والأشخاص بحد ذاتهم بل ستطاول الاقتصاد اللبناني برمّته.
وتحدث عون عن مرحلة ما بعد انتخاب رئيس الجمهورية والمتغيرات الكبيرة التي أحيَت الأمل بقيام لبنان ومؤسساته الدستورية والعسكرية بالأدوار الكبرى المكلفة بها.

فرحّب الوفد باستعادة هذه المؤسسات دورها وانتهاء مرحلة الشلل واضعين إمكاناتهم بتصرّف لبنان ورئيسه وحكومته، مؤكدين انّ من أهم اهداف الزيارة استقصاء الوضع في لبنان لتقدير حاجاته على كل المستويات، وانهم مكلفون نقل هذه التوجهات في زيارتهم الحالية ولقاءاتهم القيادات اللبنانية للاطلاع على الحقائق والتي يمكن ان تخدم استراتيجية السلام في المنطقة ولبنان بشكل خاص.

وأكد رئيس الوفد اهمية ان يقوم رئيس الجمهورية بزيارة الى الإدارة الأميركية ولقاء ترامب بأسرع وقت ممكن لوَضعه في اجواء لبنان وما يحتاجه في هذه الفترة ولا سيما على مستوى المساعدة العسكرية والديبلوماسية والإقتصادية.

واكد الوفد استعداده للقيام بالإتصالات اللازمة لتوفير ما يحتاجه لبنان من دعم عسكري وسياسي وديبلوماسي واقتصادي. وذكّر بحجم المبادرات السابقة التي خاضَتها المجموعة لمصلحة لبنان من كل النواحي. ونَوّه بجهد القوى العسكرية والأمنية اللبنانية في مواجهة الارهاب وانّ لكل ذلك صدى ايجابياً في الأمم المتحدة وواشنطن وعواصم العالم الكبرى وخصوصاً تلك التي عجزت عن مواجهة عمليات خطيرة ومعقدة مماثلة لتلك التي شهدها لبنان.

إستهداف «داعش» و«النصرة»

وبعيداً عن الجدل السياسي، وفي تطور أمني نوعي، نفذ الجيش ليل أمس عمليات عسكرية واسعة في جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال، وقصَف بالمدفعية الثقيلة والراجمات مواقع المسلحين بعد رصد تحركات مشبوهة، فيما سجلت مشاركة واسعة للطيران المروحي، وسمع صوت القصف بوضوح في منطقة البقاع الشمالي.

وأكد مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» أنّ ما حصل هو عملية استباقية نتيجة رصد ومراقبة تحركات الارهابيين، وقد أغارت المروحيات بكثافة على أكثر من موقع وتجمّع لـ«داعش» في جرود رأس بعلبك، كما استهدفت اجتماعاً لقيادات «جبهة النصرة» في جرود عرسال موقعة خسائر كبيرة، حيث أفادت المعلومات الأولية عن وقوع أكثر من 20 مسلحاً بين قتيل وجريح.

كنعان

وعشيّة جلسة لجنة المال والموازنة، سألت «الجمهورية» رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان: هل يمكن ان تضيفوا بنوداً لتحسين الايرادات او خفض الانفاق من اجل خفض العجز المُقدّر؟

فأجاب: «هناك اكثر من بند ممكن العمل على تخفيض حجمهم كالمساهمات التي تذهب في بعضها لمؤسسات غير فاعلة او وهمية وبعض الاعتمادات التي تتكرر سنوياً وتشكل زيادة غير مبررة بالانفاق الخ... أمّا تعزيز الايرادات فسنناقش مسألة الجباية ومكافحة التهرّب الجمركي بالاضافة الى إصلاحات أخرى».

وعن موقفه من المادتين 54 و66 المتعلقتين بالضمان الاجتماعي لجهة إلغاء براءة الذمة وتقسيط ديون الدولة للضمان بلا فوائد، قال كنعان: «نحن مع كل ما يؤدي الى حماية المضمونين وسنستمع الى رأيهم باهتمام والى ادارة الضمان الاجتماعي».

ولدى سؤاله: هل تملكون صلاحية دمج السلسلة بالموازنة المقترحة؟ اجاب: «كلا، لأنّ مشروع السلسلة محال الى المجلس بشكل مستقل وصلاحية سحبه او دمجه تعود للحكومة».

 

 

الاخبار :

بعد تأكيد عدد من المصادر السياسية الرفيعة المستوى أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي يوافق على مشروع قانون الانتخاب المبني على «التأهيل الطائفي»، نفى رئيس المجلس لـ«الأخبار» هذا الأمر قائلاً «لن أسير بهذا المشروع»، وأضاف: «إن كانت الأطراف الأخرى تؤيده فليذهبوا إلى طرحه في مجلس النواب والتصويت عليه، وأنا سأصوّت ضده».

وأبلغ الوزير علي حسن خليل المعنيين هذا الموقف، لا سيما إذا ما كانوا يريدون طرحه على التصويت في الهيئة العامة. وأشار برّي إلى أن «كل المشاريع التي سبق أن طرحت هي مخالفة للدستور»، معتبراً أن «اعتماد أحدها هو ضربة للعهد الجديد»؛ ففي الوقت الذي يفترض أن يكون فيه قانون الانتخاب هو أبرز إنجازات العهد، نكون قد اعتمدنا قانوناً مخالفاً للدستور. وأطلق الرئيس بري لاءات التمديد قائلاً «لا لا لا للتمديد»، مشيراً إلى أن دعوته إلى جلسة التمديد تنطلق أولاً من دوره كرئيس للمجلس لتلافي الفراغ. وعلّق بالقول: «هل يستطيعون تحمّل كلفة الفراغ؟»، معتبراً أن «كلام البطريرك بشارة الراعي الأخير يصبّ في هذا الإطار، وهو أدرك أن مخاطر الفراغ كبيرة جداً، وستطال المسيحيين خصوصاً». وفيما كان بري يريد عقد مؤتمر للإعلان عن طرحه الانتخابي، لفت إلى أنه تراجع عن هذا الأمر حالياً، مكرراً أنه «يريد إعطاء الفرصة أمام المشروع المقدم من الحزب الاشتراكي ليأخذ مداه».


 

يُذكر أن المشروع الذي سيقدّمه بري يقضي باعتماد النسبية في دوائر متوسطة، وبانتخاب مجلس شيوخ على أساس طائفي. ويتسلّح بري بالقرار الذي تبلّغه من عدد من النواب الذين يجزمون بأنهم سيطعنون أمام المجلس الدستوري في مشروع «التأهيل الطائفي»، في حال أقرّه مجلس النواب.
وعلّقت مصادر رفيعة المستوى على موقف بري بالقول إنه يعني سقوط «التأهيلي». ورداً على سؤال عن إمكان الذهاب بهذا المشروع للتصويت عليه في مجلس النواب، ردّت المصادر: كيف سنصوّت على مشروع يرفضه الرئيس بري والنائب وليد جنبلاط والقوات اللبنانية؟». وقالت المصادر: «نحن لا نسير بقانون غير توافقي، ولا يمنح المستقلين فرصاً تساوي فرص غيرهم، يعتمد روحية مشروع اللقاء الأرثوذكسي».
وعلمت «الأخبار» أن اللقاء الرباعي (يضم التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل والمستقبل) الذي عُقِد أول من أمس لبحث مشروع «التأهيل» لم يُفضِ إلى أي نتيجة إيجابية، لجهة تمسّك ممثل حركة أمل، الوزير علي حسن خليل، برفض المشروع. وأشارت مصادر وزارية إلى أن الدليل الأوضح على سقوط «التأهيلي» تلويح كلّ من بري والرئيس سعد الحريري والقوات اللبنانية بطرح مشاريع انتخابية يرى كلّ منهم أنها تشكّل مخرجاً من الأزمة.
وفي الإطار عينه، تقاطعت مواقف وزراء ونواب حزب الله وتيار المستقبل على رفض اقتراح قانون «التأهيل الطائفي»، رغم إيحاء قيادتَي الحزب والتيار باستعدادهما للسير به. فعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض رأى أن «الطائف في بنوده الإصلاحية كلٌّ متكامل، لا يصحّ تطبيقه مجتزأً، وأن عناصره الإصلاحية مترابطة بتوازن بعضها مع بعض، من تشكيل الهيئة الوطنية العليا، الى وضع خطة لإلغاء الطائفية السياسية، إلى انتخابات خارج القيد الطائفي، إلى تشكيل مجلس شيوخ طائفي». وقال فياض: «إن بلوغ الأهداف الوطنية الكبرى لا يتم بلحظة واحدة، بل لا بد لها من تدرج ومسار انتقائي، ومن هنا تبدو أهمية القانون الانتخابي، وأهمية أن يرتكز هذا القانون على النسبية الكاملة التي تشكل ترجمة لما ورد في الطائف والدستور». أما وزير العمل محمد كبارة فحذر من «القوانين الانتخابية التي تطرح، وتتضمن فرزاً طائفياً ومذهبياً للبنانيين». وفي السياق عينه، قال وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، في حديث إذاعي، إن «كثرة المشاريع تدل على أننا ما زلنا في المربع الأول»، معرباً عن «عدم تفاؤله بوجود معطيات تؤشر إلى إمكانية التوصل الى إقرار قانون جديد قبل انتهاء مهلة الشهر» يوم 15 أيار، متمنياً على القوى السياسية أن «تكون مسؤولة عن خطابها السياسي في هذه المرحلة لعدم أخذ البلد الى مواجهة طائفية ومذهبية». وأكد «أنه لم يتم الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء لغاية الساعة، رغم وجود جدول أعمال إداري جاهز، لأن بعض القوى تمنّت عدم عقد أي جلسة حكومية ما لم تكن مخصصة لدرس قانون الانتخاب». وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس سعد الحريري يعبّر في مجالسه عن الامتعاض من قرار التيار الوطني الحر تعطيل جلسات مجلس الوزراء، وربطها بقانون الانتخابات النيابية. وقالت مصادر «المستقبل» لـ«الأخبار» إن هناك مساعٍي لعقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً، من دون ضمان وصول هذه المساعي إلى نتيجة إيجابية، بسبب موقف الوزير جبران باسيل الرافض لذلك.


 


بدوره، هاجم رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد القانون المختلط مجدداً، معتبراً في المقابل أن «القانون الصحيح والعادل والذي يضمن صحة وعدالة وشمولية وفعالية التمثيل في لبنان هو النسبية الكاملة، وعليه فإذا وافق الجميع معنا على هذا المبدأ يمكننا أن نناقش بتقسيم الدوائر، سواء لبنان دائرة واحدة أو خمس دوائر أو أكثر، ولكن في المبدأ نحن مصرّون على أن القانون الذي ينطبق على الجميع وفق معيار واحد هو النسبية الكاملة». أما رئيس المجلس السياسي في حزب الله السيّد ابراهيم السيد فقال إن «قوانين الانتخابات توضع في كل العالم من أجل تداول السلطة، إلا في لبنان وظيفتها حماية بقاء التركيبة السياسية، وهذا مشهد مخجل، ليس للسياسيين فقط بل للشعب اللبناني الذي يستحق أكثر وأرقى من هذا». وأكد أن هناك «تركيبة سياسية تريد إنتاج نفسها من جديد، وهذه ديكتاتورية وليست ديموقراطية».
وكانت قناة «أو تي في» قد ذكرت في نشرتها المسائية أمس أن رئيس الحكومة سعد الحريري يعطي «التأهيلي» فرصة 48 ساعة أيضاً لينال الموافقة المطلوبة، أو سيقدم صيغته الانتخابية كمخرج محتمل. وأكدت القناة أن رئيس المجلس وزّع بدوره على الأفرقاء الرئيسيين صيغته الانتخابية القائمة على النسبية وفق عدة نماذج، إضافة إلى مشروع إنشاء مجلس شيوخ، لدرسها تمهيداً لمناقشتها.
في المقابل، أكد وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس أن «التأهيلي على أساس طائفي غير دستوري، ونحن «الفراطة» سنقف في وجه الثنائي في الانتخابات النيابية المقبلة».
في الشأن المالي، رأى رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان أن هدف لجنته من مناقشة مشروع موازنة عام ٢٠١٧ هو تحقيق إصلاح فعلي لا إعلامي وهمي، وذلك من خلال مشاركة النواب في عمل جدي لإخضاع إنفاق الدولة اللبنانية لرقابة فعلية. وقال كنعان إن جدول الاجتماعات المكثف يصل حدّ عقد اجتماعين في اليوم الواحد. أما رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل فاستغرب عدم اجتماع الحكومة منذ أسبوعين، كأن البلد بألف خير، وتوقف عند عدم اجتماع اللجنة الوزارية التي شكلت لتأمين اقتراح قانون الانتخاب. وأكد الجميّل أن «البلد ذاهب إلى انهيار اقتصادي اجتماعي فيما حكومته لا تجتمع».
أمنيّاً، أغارت الطائرات المروحية اللبنانية على مواقع لإرهابيي تنظيم «داعش» في جرود راس بعلبك. كذلك استهدف مقاتلو حزب الله نقاطاً للإرهابيين في الجرود نفسها بالصواريخ الموجّهة.
من جهة ثانية، يسلّم الأمن العام اللبناني اليوم إلى السلطات السورية جثامين خمسة شهداء من الجيش السوري، سبق أن عثر الأمن العام على جثثهم في الجرود الشرقية قبل نحو شهرين، مشتبهاً في أن تكون الجثث عائدة إلى الجنود اللبنانيين المختطفين. وستنقل الجثامين إلى ساحة باب توما في دمشق، ثم إلى كاتدرائية سيدة النياح في باب شرقي، حيث سيرأس الصلاة البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، ثمّ إلى مدافن بلدة معلولا. وكان هؤلاء الشهداء يدافعون عن بلدة معلولا، حيث اختطفتهم المجموعات الإرهابية التي اجتاحت البلدة عام 2013، وقتلتهم في الجرود.

 

 

الحياة :

يقف مجلس الوزراء اللبناني عاجزاً ولم يدعُ حتى الأمس إلى جلسة لمناقشة قانون الانتخاب الجديد الذي لا يزال يغرق في فوضى المشاريع والاقتراحات، مع أن رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري كانا تعهدا وضع قانون انتخاب تجرى على أساسه الانتخابات النيابية، لكن حتى الآن لم يبادرا إلى استرداد المبادرة من الأطراف التي تتبارى حول أي قانون جديد يمكن أن يرى النور قبل انتهاء مفعول قرار عون تعليق عمل البرلمان حتى 13 أيار (مايو) المقبل، وبالتالي فإن تعذر إنتاج أي قانون سيطلق يد البرلمان في جلسته التشريعية المقررة في 15 أيار.

وعلمت «الحياة» أن اجتماعاً عقد ليل أول من أمس في دارة الرئيس الحريري حضره كل من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، معاون الأمين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، المعاون السياسي لرئيس البرلمان وزير المال علي حسن خليل وعدد من معاوني الحريري، استمر حتى ساعة متأخرة ليلاً، طرح خلاله «حزب الله» مجدداً اعتماد النسبية الكاملة في قانون الانتخاب. وقالت مصادر مطلعة أن المجتمعين لم يتوصلوا إلى اتفاق.

وباستثناء الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي تقدم السبت الماضي بمشروع قانون بكل تفاصيله، يجمع فيه بين النظامين الأكثري والنسبي، فإن الآخرين يتحدثون عن القانون في العموميات من دون بلورته بمشروع متكامل يشمل تقسيم الدوائر الانتخابية والنظام الواجب اعتماده وتوزيع المقاعد. وعلى رغم أن «حزب الله» باق على موقفه باعتماد النسبية الكاملة في لبنان دائرة انتخابية واحدة، فإن حليفه رئيس البرلمان نبيه بري يتريث في طرح مشروعه، وكأنه ينتظر أن ينفد صبر الآخرين ويبدوا مرونة في تعاطيهم مع الأفكار التي سيطرحها من دون إطاحة المشروع الذي طرحه حليفه «التقدمي».

كما أن الحديث عن استحداث مجلس شيوخ على أساس «المشروع الأرثوذكسي»، أي أن تقترع كل طائفة لمن يمثلها فيه، بدأ يتقدم ويحظى بتأييد غالبية الأطراف. وهؤلاء يتجنبون التطرق إلى آلية إدراجه في صلب قانون الانتخاب ليكون مشمولاً في سلة واحدة متكاملة معه.

في المقابل، فإن «الحزب التقدمي» وإن كان يرفض كل أشكال الصيغ التأهيلية للمرشحين في القضاء، فهو قرر أن ينأى بنفسه عن الدخول في سجال حول مجلس الشيوخ، لأنه سيبني موقفه على الصيغة النهائية عندما تطرح عليه.

أما على صعيد تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية»، فإن مصادر مواكبة للاتصالات الجارية بينهم تؤكد أن الأولين باتا على تفاهم في شأن الخطوط العريضة لقانون الانتخاب وتحديداً بالنسبة إلى اعتماد النظام النسبي بعد تقسيم لبنان إلى دوائر انتخابية وهذا يشمل النظام التأهيلي في القضاء، شرط أن يكون طائفياً أي يعود للمسلمين انتخاب مرشحيهم في القضاء وكذلك بالنسبة إلى الطائفة المسيحية.

وسجل حزب «القوات» أكثر من ملاحظة على المشروع قيد البحث بين «المستقبل» و«التيار الوطني».

ولدى الأطراف الثلاثة توجه يقضي بابتداع صيغة تقوم على اعتماد النظام التأهيلي لمرة واحدة، شرط أن يتم التحضير لاستحداث مجلس شيوخ، وأن لا مشكلة لديهم في التوصل إلى صيغة مركبة تجمع بينهما، يشملها مشروع القانون الذي على أساسه سيصار إلى التفاهم على التأجيل التقني للانتخابات.

وبعيداً من الفوضى في المشاريع الانتخابية، توقفت أوساط متابعة أمام إصرار البطريرك الماروني بشارة الراعي على موقفه، باعتماد قانون الانتخاب النافذ حالياً أي «الستين»، لإجراء الانتخابات في حال تعذر وضع قانون جديد لأنه يبقى الأفضل من التمديد للبرلمان أو الفراغ. وهو الأمر الذي لقي اعتراضاً من «التيار الوطني الحر» و«القوات» وإن بقي داخل الغرف المغلقة في بكركي.

وعلمت «الحياة» أن ممثلين عن «الثنائي المسيحي» لم ينقطعوا عن التواصل مع الراعي حتى بعد موقفه من القانون النافذ في عظته أول من أمس، انطلاقاً من شعورهما بأنه من غير الجائز وضع المسيحيين بين خيارين، الأول سيء والثاني أسوأ منه، بدلاً من الضغط لإنجاز مشروع جديد.

وأفيد بأن الراعي كان واضحاً في موقفه، بقوله أمام ممثلي الثنائي المسيحي «أني لست في وارد تظهير موقفي كأني على تناقض مع التيار الوطني والقوات. وأنا أرفض استغلال موقفي من قبل البعض لجهة تقديمه على أني على خلاف معهما».

ونقل عن الراعي قوله إن «موقفي مبدئي انطلاقاً من الثوابت التي تؤمن بها بكركي وتدافع عنها، وفي حال حصول الفراغ في البرلمان لا نعرف إلى أين سنذهب بالبلد وهل من أبواب جديدة ستفتح علينا وكذلك الحال بالنسبة إلى التمديد الذي لا أؤيده وأقف بقوة ضده». كما نقل عنه قوله إن لا خيار إلا باعتماد القانون النافذ، خصوصاً أن الوضع المسيحي بدأ يتغير وأن تفاهمكما يفترض أن يساهم في تحسين التمثيل المسيحي ويقلل من مجيء نواب مسيحيين بأصوات آخرين.

وكرر الراعي تأكيده أنه أكثر حرصاً من أي وقت على وحدة المسيحيين ولن يسمح باستغلال طرحه خصوصاً أن موقفه معروف من القانون النافذ، وإلا لما كان بادر إلى دعوة النواب المسيحيين للاجتماع في بكركي للبحث في بديل منه، ومن ثم المرشحين لرئاسة الجمهورية في محاولة لتوحيد موقفهم بترشيح أحدهم للرئاسة. وعلم أن الراعي قال لمن التقوه: «كفى مزايدةً علي في البعد المسيحي. وفي الوقت ذاته لا يجوز أن تستمر الأمور التي نشكو جميعاً منها».