في 20 نيسان أطلق حزب الله إعلانين، هما وجهان لحرب واحدة، بدأ يحضّر اللبنانيين لها، وجمهوره تحديداً.
 

 
هما إعلانٌ واحد ذي وجهين، الأوّل من خلال جولة إعلامية جمع خلالها 100 صحافي من 53 وسيلة إعلامية، دار بهم "ضابط من المقاومة"، بالزيّ العسكري، على حدود القرار 1701، الذي يمنع المظاهر المسلّحة جنوب نهر الليطاني.
كان ذلك بمثابة "تهديد" بإنهاء مفاعيل القرار الأممي، وبداية مرحلة جديدة حيث "الزيّ العسكري" هو ما يلبسه ضباط حزب الله وجنوده، بدلا من التخفّي في الزيّ المدني تارة ورعاة الماعز أطواراً. وكان ذلك إعلاناً صريحاً بأنّ "خنق" الحزب مالياً بعقوبات جديدة سيجعله يخرج من عنق الزجاجة الجنوبية إلى مشارف الجليل الفلسطيني المحتلّ.

إقرأ أيضا : الحريري يحد من إندفاعة حزب الله
في اليوم نفسه كانت جامعة AUCE في النبطية تقيم "يوماً مفتوحاً" يتضمن نشاطات فنية من لوحات وصور ولوحات دبكة راقصة و"ستاند آب كوميدي". كان يمكن أن يمرّ النشاط دون أثر يُذكر في وسائل الإعلام  لكنّ حزب الله قرّر تحويله إلى "بيان رقم واحد".
النشاط جمع مئات الطلاب وأصدقاءهم، وربما وصل العدد إلى بضعة آلاف،وقد أتبعه حزب الله بحملة تحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي ضد "الاختلاط والرقص" سرعان ما ارتدّت عليه. إذ انتشر هاشتاغ #النبطية_ليست_إمارة وتعرّض الحزب لهجوم من الناشطين المدنيين.

إقرأ أيضا : جولة حزب الله الإعلامية لا تسمن ولا تغني من جوع
بعد التحريض كتب علي غندور في موقع "جنوبنا"، الذي يحاول "سرقة" اسم موقع "جنوبية" على محرّكات البحث. كتب مقالاً بعنوان "جامعة أم مرقص AUCE؟"، وفيه: "هل هذا النشاط يتناسب مع الرسالة التربوية التي تنادي بها الجامعة "الثقافة والتعليم"؟  وكيف ستكون صورة الجامعة أمام الأهل الذين أرسلوا أبناءهم للتعلّم والثقافة، فهل هذه هي الثقافة؟ وهل باتت سياسة الترغيب على هذا الشكل لجذب الطلاب؟، بعيداً عن كل هذا يقول شاهد عيان "إن بعض الطلاب إشتروا مشروبات روحية وشربوها ثم دخلوا".

إقرأ أيضا : حزب الله يحرض ضد ال AUCE والسبب Open Day !
المقال عبّر تماماً عما يريده حزب الله لكنّ موقع "جنوبنا" الذي يمتلىء بإعلانات لـ"معهد المنار الجامعي" ومتاجر يملكها مسؤولون في حزب الله، يديره العقل الإعلامي نفسه الذي أعدّ 
"جولة الإعلاميين". هذا العقل الذي أراد بعث رسالتين في يوم واحد، عبر الإعلام. الأولى عسكرية – سياسية، إلى من يعنيهم الامر في الداخل والخارج، والثانية إجتماعية – دينية إلى البيئة التي يتحرّك ضمنها. وهي رسالة أبعدت "الأهالي" عن نقاش الجولة الإعلامية، وأغرقتهم في نقاش "الرقص والحلال والحرام والمشروبات الروحية".

إقرأ أيضا : علي أحمد شعيتو يفجر الخلاف بين حركة أمل وحزب الله
هكذا خفّف حزب الله من وقع "طبول المعركة" التي قرعها على رؤوس أهالي الجنوب، والتي سيكونون وقودها، هم وأملاكهم وأرزاقهم وأرواحهم، وستحصد أبناءهم. وحرف أنظار "شهداء الغد" صوب نقاش تافه حول الرقص والأغنيات داخل أسوار جامعة خاصة. هذا بعدما طوّب كليات الجامعة اللبنانية، الرسمية، حيث له وجود عددي، إلى ما يشبه الحسينيات.

إقرأ أيضا : ندوة الصدر: السعودية في الملعب الشيعي.. وحزب الله يرتعب
هما إعلان واحد: المعركة آتية، ولا وقت للرقص والفرح. إستعدّوا للموت. حرامٌ عليكم الفرح، من رسم وتصوير ودبكة وغناء، إبقَوا غارقين في الندب والبكاء وتحضّروا لفقدان الأحبّة وخسارة الأبناء وعذابات القبور.
هما إعلان واحد: الجنوب مطحنة أحلام الشباب، ومن لم يتدرّب ليقاتل في سوريا، عليه أن يتحضّر ليشهد "معركة الجليل". أنظروا إلى الإسرائيلي يتحصّن. لا مكان للرقص والفنون. لا ترسموا إلا كوابيس الحرب، ولا تصوّروا إلا تحصينات العدوّ، ولا فنّ أرقى من كيل المديح للقادة والشهداء.
20 نيسان 2017: تذكّروا هذا التاريخ جيّداً.