وفق القاعدة العامة، فإن أي حرب قد تنشب لتحقيق أهداف إقتصادية أو مصالح توسعية. وفي سياق تبسيطي أكثر لهذه القاعدة، فإن أي طرف تتعرض مصالحه للخطر أو التضييق أو المصادرة، فإن ذلك يقوده إلى الإستشراس للدفاع عنها. من حيث الشكل والمواقف التصعيدية، فإن ذلك أصبح مشهوداً في سياق العلاقة بين حزب الله من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى. وهذا ما مثّلته صورة الجولة الإعلامية التي نظمها الحزب في الجنوب. السؤال الأساسي الذي يطرح نفسه في هذه المرحلة، هو بشأن إمكانية نشوب حرب جديدة بين الحزب وإسرائيل. وهل أن حزب الله سيلجأ إلى التصعيد ضد إسرائيل رداً على استهدافها سوريا أولاً، ورداً على قانون العقوبات الجديد؟

من البديهي، وفق ما يعتبر البعض، أن تكون آلية التعاطي مع القانون الجديد محصورة باللجوء إلى خطوة عسكرية لتنفسيها والبحث عن مخارج سياسية في ما بعد للتخفيف من حدتها. هذا من جهة حزب الله. أما من جهة إسرائيل، فقد تستفيد من جو دولي وإقليمي معارض لحزب الله، وتستغله من أجل شنّ عملية عسكرية ضد الحزب.

وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة اللبنانية إلى إيجاد طريقة ملائمة للتعاطي مع قانون العقوبات والتخفيف من حدّته، فإن الحزب يبحث في تلك السبل أيضاً. لكن، من بين الخيارات المطروحة لديه خيارات غير سياسية، خصوصاً أن الصيغة التي جرى فيها نصّ القانون "لئيمة إلى أقصى الحدود"، وفق تعبير مصادر مطّلعة. فهو يشمل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله، وكل أعضاء مجالس الشورى والتنفيذي والسياسي، وكل المؤسسات التابعة للحزب أو التي تربطها علاقات بالحزب، سواء أكانت تربوية أم خيرية أو ربحية. 

ووفق المصادر، فإن ما يختلف عن العقوبات السابقة في هذا القانون، هو أن عقوباته ستطال أي شخص له علاقة مالية بحزب الله، وإن لم يكن منضوياً في صفوفه. فمثلاً، إذا كانت العقوبات ستشمل قناة المنار، فهي تشمل كل العاملين فيها. وهؤلاء سيحرمون من التعاطي مع أي مصرف. أما بالنسبة إلى وزراء الحزب ونوابه، فقد تُمنع المصارف اللبنانية من فتح حسابات لهم. بالتالي، فإنهم سيتقاضون رواتبهم نقداً، فيما ستتوسع العقوبات أكثر لتشمل قيادات من حركة أمل.

وتعتبر المصادر أنه إذا صدر قانون العقوبات بالصيغة المطروحة حالياً، بالإضافة إلى استمرار التضييق الأميركي على حزب الله وإيران، فهذا يعني أن الامور قد تتجه إلى تصعيد أكبر، عبر إندلاع حرب بشكل أو آخر، سواء أكان ذلك في لبنان أم في سوريا. إذ يستحيل على حزب الله أن يسكت على ما يتعرض له. بالتالي، فإن أي حرب إسرائيلية، قد تسهم في إعادة البحث بإمكانية التخفيف من حدة هذه العقوبات.

لكن هناك من يستبعد إمكانية إندلاع حرب، معتبراً أن ما يهم الحزب هو منع إسرائيل من شنّ حرب، تجنّباً لتكاليفها. بالتالي، كل الرسائل التي يوجهها الحزب وتصب في خانة التصعيد، هدفها الإشارة إلى أن أي حرب ستقدم إسرائيل عليها ستكون تكلفتها باهظة. 

أما في حال انعدمت كل الخيارات في المواجهة، سواء في لبنان أم في سوريا، إذ إن الوضع السوري يعتبر الأساس في هذا الموضوع، فحينها قد تكون الحرب الرصاصة الأخيرة. لكن هذا لا يمكن قراءته إلا من خلال بروز رأي وتوجه أميركيين بوجوب سحب حزب الله من سوريا وتقليص نفوذ إيران. بالتالي، ستكون الحرب خياراً لا بد منه. 

المسألة هنا تبقى في خلفية وجهة النظر الأميركية. فهل هي ترفض وجود إيران والحزب في سوريا، أم أنها تختلف مع طهران بشأن مناطق هذا الوجود؟ الأسابيع المقبلة ستكون كفيلة بإيضاح الصورة، وإذا كانت الأوضاع ستذهب نحو التسخين أو التبريد.