يؤكد السياسيون الغربيون أن الاعتداء الإرهابي الذي استهدف الشارع الأشهر في باريس، قبيل الانتخابات الرئاسية سيكون له أثر كبير على سير الانتخابات، مع التصريحات النارية التي أطلقها المرشحون في الدفاع عن الأمن ضد الإرهاب.
 

تبارى المرشحون للانتخابات الفرنسية في عرض خططهم لمكافحة الإرهاب وحماية الأمن في البلاد، بعد الاعتداء الإرهابي الذي قتل فيه شرطي مساء الخميس في جادة الشانزليزيه بباريس، وأثار بلبلة وتوترا قبل يومين من الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية المقررة الأحد.

وشهدت جادة الشانزليزيه مساء الخميس في قلب باريس اعتداء بإطلاق النار تسبب في مقتل شرطي وإصابة اثنين آخرين وسائحة بجروح طفيفة بحسب الشرطة.

وفور إعلان نبأ الاعتداء توالت التحليلات والتكهنات حول تأثيره على سير الانتخابات الرئاسية، ولا سيما مع صعوبة ترجيح كفة أحد المرشحين حيث تشير استطلاعات الرأي إلى تقارب حظوظ المرشحين، وهو ما استغله المرشحون لإطلاق تصريحات نارية والتأثير عن الناخبين.

وقال المرشح المحافظ لانتخابات الرئاسة الفرنسية فرنسوا فيون إنه سيسعى إذا انتخب إلى إقامة تحالف عالمي يضم الولايات المتحدة وروسيا لمحاربة “الشمولية الإسلامية”.

بدورها هاجمت المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان، الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته فرنسوا هولاند وسلفه اليميني نيكولا ساركوزي وقالت إنهما “فعلا كل شيء لخسارة” الحرب على الإرهاب، بينما دعا إيمانويل ماكرون الناخبين إلى عدم الخوف أو الانقسام بعد هجوم الشانزليزيه. وقال إنه سيعطي الأولوية لمراقبة داخلية أفضل للعثور على الأشخاص المتطرفين والتعامل معهم.

واستفزت تصريحات لوبان وفيون، رئيس الوزراء الفرنسي برنار كازنوف، الذي قال إن لوبان، في دعوتها إلى تشريع صارم ضد المتطرفين، “نسيت أن تخبر الشعب الفرنسي أن حزبها صوت ضد كل قانون لمكافحة الإرهاب” اقترحته الحكومة.

وتابع أن زعيمة الجبهة الوطنية “تحاول تحقيق مكاسب من الهجوم واستغلاله من أجل إحداث انقسام” في صفوف المواطنين.


برنار كازنوف: لوبان نسيت أن تخبر الشعب أن حزبها صوت ضد كل قانون لمكافحة الإرهاب
وانتقد كازنوف المرشح المحافظ فيون قائلا إن وعده بتوظيف 10 آلاف ضابط شرطة جديد غير موثوق به لأنه خفض عدد عناصر الأمن بمقدار 13 ألفا في الوقت الذي كان يشغل منصب رئيس الوزراء خلال الفترة 2007 -2012.

وذكر أن المجلس استعرض إجراءات لتأمين الانتخابات التي ستشمل نشر حوالي 50 ألفا من رجال الشرطة والدرك مع وضع وحدات تدخل خاصة في حالة تأهب للتعامل مع أي موقف طارئ.

وجرى الاعتداء بالتزامن مع برنامج تلفزيوني أتاح للمرشحين للرئاسة الأحد عشر، عرضا ملخصا عن برامجهم للمرة الأخيرة قبل استحقاق الأحد الذي يتعذر التكهن بنتائجه. وبينت الاستطلاعات تقاربا شديدا في نوايا التصويت لأبرز أربعة مرشحين.

وأعلن ثلاثة مرشحين الخميس إلغاء لقاءاتهم الأخيرة المقررة قبل نهاية الحملة الرسمية منتصف ليل الجمعة، ووحده مرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلانشون الذي يخوض حملته تحت شعار “فرنسا المتمردة” أبقى على لقاء مقرر مساء الجمعة في حي باريسي.

وتبنى تنظيم داعش الاعتداء عبر وكالة “أعماق” الدعائية التابعة له معلنا أن “منفذ الهجوم هو أبويوسف البلجيكي وهو أحد مقاتلي داعش”. لكن مصادر مقربة من التحقيق قالت أن المعتدي كريم الشرفي، هو فرنسي في التاسعة والثلاثين من عمره كان يخضع لتحقيق من جهاز مكافحة الإرهاب وسبق أن حاول قتل شرطي قبل أكثر من 10 سنوات. وأفادت المصادر أن الرجل كان يخضع للتحقيق بعد أن أعرب عن نيته قتل شرطيين وأوقف في 23 فبراير ثم أفرج عنه لعدم كفاية الأدلة.

وأعلن مصدر قريب من التحقيق الجمعة العثور على ورقة كتبت بخط اليد تؤيد داعش قرب جثة المهاجم. كما أفاد بيان لوزارة الداخلية الفرنسية، أن المشتبه به الثاني في الهجوم والذي تبحث عنه الشرطة الفرنسية، سلم نفسه في مدينة أنتويرب، غربي بلجيكا.

وقال المدعي العام في أنتويرب البلجيكية “إن الرجل جاء الى الشرطة في وقت متأخر من مساء الخميس عندما رأى صورته على وسائل التواصل الاجتماعي، كمشتبه فيه بهجوم الشانزليزيه” وأضاف المدعي العام الذي رفض الكشف عن هوية المشتبه فيه الثاني، بسبب سير التحقيقات، أن الرجل ليست له علاقة بالهجوم.

وداهمت الشرطة مساء الخميس منزل المعتدي في منطقة سين-إي-مارن في ضاحية باريس، وهو صاحب وثيقة تسجيل السيارة المستخدمة في الاعتداء. كما استجوبت شرطة مكافحة الإرهاب ثلاثة أشخاص من معارف المهاجم الجمعة بحسب مصدر قضائي، بعد توقيفهم في مداهمات ليلية في ضواحي باريس الشرقية.

وأعربت عدة عواصم عن تضامنها مع فرنسا، فقدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعازيه إلى الشعب الفرنسي، واستغل الحادثة للقول إن اعتداء باريس سيكون له تأثير “كبير” على الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وكتب ترامب على حسابه في تويتر “هجوم إرهابي في باريس. إن الشعب الفرنسي لن يقبل هذا الأمر كثيرا. سيكون له تأثير كبير على الانتخابات الرئاسية”.

بدورها أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وقوف بلادها “بحزم وتصميم إلى جانب فرنسا”.

وأدانت المفوضية الأوروبية الجمعة “الهجوم المروع الذي استهدف رجال الشرطة الفرنسية”. وقالت مينا أندريفا وهي متحدثة باسم المفوضية “أوروبا عاقدة العزم على مواصلة قتالها ضد الإرهاب وسندافع معا عن أوروبا ديمقراطية ومفتوحة ولكن هناك تحديات أمنية”.

ويأتي هذا الاعتداء بعد يومين على توقيف الفرنسيين كليمان بور (22 عاما) ومحيي الدين مرابط (29 عاما) في مرسيليا للاشتباه بتحضيرهما لاعتداء وشيك لم تحدد النيابة العامة هدفه بدقة.

وتجري الانتخابات في ظل حالة الطوارئ التي أعلنت في أعقاب اعتداءات 13 نوفمبر. وتعود آخر الاعتداءات إلى صيف 2016 في نيس خلال احتفالات العيد الوطني.