قد تكون الإنتخابات الإيرانية المقبلة مرحلة تمهيدية لإنتخاب الولي الفقيه؛ تبدو القراءات في إيران متفاوتة، ففيما يعتبر البعض أن الرئيس الحالي حسن روحاني سيفوز بولاية ثانية، تعتبر مصادر أخرى أن هذا صعب جداً، بسبب الآراء الداخلية حيال روحاني، ومحاولة محاصرته من قبل المتشددين. وإذا كان البعض يحاول الإيحاء بأن استمرار روحاني في الرئاسة قد يسهم في تعزيز طموحه للوصول إلى منصب الولي الفقيه في ما بعد، تلفت المصادر إلى أن هذه الحظوظ منعدمة. ويعتبر هذا البعض أن المرشح ابراهيم رئيسي والمدعوم بشكل أو بآخر من المرشد والحرس الثوري، هو الذي سيكون الرئيس المرتقب لإيران، كمرحلة تمهيدية لإنتخابه في ما بعد مرشداً للجمهورية الإسلامية. يعود ذلك، لعدم وجود تكتّل إصلاحي يشكّل ثقلاً للتوحد حول دعم ترشيح شخص واحد، أو داعم لروحاني حتى. ومعركة الإصلاحيين حتى الآن لا تزال غير واضحة، بعدما ترك غياب هاشمي رفسنجاني أثره على هذا الإستحقاق.

1600 مرشّح تقدموا بترشيحاتهم للرئاسة الإيرانية، حدد "مجلس صيانة الدستور" أهلية 6 منهم لخوض الدورة الأولى. ومن يحصل منهم على أكثر من خمسين في المئة من مجموع الأصوات، سيفوز بمنصب الرئيس، وفي حال لم يحصل أحد من المرشحين على هذه النسبة فيتأهل صاحبا العدد الأكبر من الأصوات إلى دورة ثانية.

غالباً ما شهدت إيران ولايتين متتاليتين لأن الرئيس يستفيد من حالة شعبية داعمة، ويُعطى فرصة لإنجاز ما يريد إنجازه. هذا ما حصل مع رئاسات كل من محمد خاتمي وأحمدي نجاد وعلي خامنئي وهاشمي رفسنجاني، فيما كان الإستثناءان الوحيدان هما؛ محمد علي رجائي الذي قُتل في تفجير مركز "الحزب الجمهوري الإسلامي"، وأبو الحسن بني صدر الذي لم يكمل دورته الأولى بسبب خلافات مع الخميني.

ويُعتقد أن الرئيس الحالي روحاني سيحقق فوزاً سهلاً في الانتخابات الحالية، نظراً لتوقيعه الإتفاق النووي، لكن مجيء إدارة أميركية جديدة وزيادتها الضغط على ايران، والسعي لمراجعة الإتفاق النووي، أرسى جواً شعبياً يلتف حول المحافظين، ما سيصعّب المعركة على روحاني. فيما تشير وجهة نظر المقربين من روحاني، إلى أن المرشد في النهاية سيعود ويدعمه، خاصة باعتبار أن قرار التصعيد مع الغرب لا يتخذه رئيس الجمهورية إنما هو توجه عام يتخذه المرشد.

كان روحاني المرشح الأوفر حظاً، قبل ترشحّ ابراهيم رئيسي، من خارج مجموعة المرشحين التقليديين للمحافظين، وأحد مؤسسي "جبهة الدفاع عن الثورة" التي تضم القوى المحافظة في إيران لمواجهة روحاني، بعدما كان مفترضاً أن تواجه هذه الجبهة روحاني وتدعم مرشحاً مشتركاً.

ويحاول رئيسي استنساخ تجربة خاتمي، لناحية الدعاية الإعلامية، والتي أثّرت بشكل كبير في المجتمع الإيراني، وكانت صدمة للمحافظين بالإكتساح الذي حققه خاتمي. يشبّه الإيرانيون اليوم، إلى حدّ بعيد، حملة رئيسي بحملة خاتمي، لاعتبارات داخلية، أبرزها الديني والروحي لإختيار المرشحين. أحد شعارات خاتمي الأساسية بأنه "سيد" يعتمر العمامة السوداء، وعمل على إطلاق شعار "ثلاثة سادة فاطميين"؛ الخميني والخامنئي وخاتمي. شعار له رونق في اللغة الفارسية، إذ استقطب الناس لرنّته الشعرية: "سه سيد فاطمي.. خميني خامنئي خاتمي". شعار طبع على صور خاتمي التي وزّعت، فاستثار المشاعر والعواطف البسيطة. الأمر نفسه يتكرر مع رئيسي، بطريقة توزيع الصور واسلوب الكتابة.

لكن رئيسي قريب من المحافظين ومن خامنئي، وقدّم ترشحه من خارج التنسيق مع المحافظين، ويتمتع بوضعية شعبية داخل إيران. والمؤشرات تفيد بأن خامنئي هو أحد الداعمين له، ولكن ثمة من يعتبر أن دوره الرئيسي لم يحن بعد، إنما جرى طرحه ودعمه في سياق تحضيره لمرحلة مقبلة.