لا تزال المشاورات حول قانون النتخاب على حالها ولا تقدم يذكر سوى ما يحكى عن إمكانية التمديد مجددا لمجلس النواب .
 

لم يسبق للبلد أنه مر بمرحلة دقيقة او بظروف سياسية صعبة كالمرحلة التي يمر بها اليوم نتيجة الاستخفاف الذي تمارسه الطبقة الحاكمة والمتسلطة على رقاب البلاد والعباد إزاء الكثير من الملفات الكبرى والقضايا الملحة التي تطال المواطن في لقمة عيشه. ونتيجة الاستهتار الذي تتعاطى به طغمة أركان الحكم مع استحقاقات داهمة قد يصل بالبلد إلى شفير الهاوية لارتباط هذه الاستحقاقات بالصيغة اللبنانية التي من المفترض أنها تشكل مظلة حماية للبنانيين من الوقوع بين براثن التفتت والخلاف والتي قد تشكل مدخلا لحروب داخلية إلا أنه ورغم قتامة المشهد السياسي اللبناني ورغم الارباك الذي تعاني منه المؤسسات الدستورية التي تحولت إلى خيالات واشباح أمام اللبنانيين الذين لم يروا في رجالاتها سوى أشباه رجال  فبالرغم من كل ذلك فإنه يمكن القول  الله يستر من أعظم  فقد يكون الآتي من الأيام أعظم وأكثر قساوة وايلاما على المواطن اللبناني المغلوب على أمره والمسلوب الإرادة. وهو يرى بأم العين إنهيار مؤسسات دولته الواحدة تلو الأخرى دون أن يمتلك حق الاعتراض والتظاهر ضد هذه الطبقة السياسية الفاسدة التي حولت البلد إلى ما يشبه الريشة في مهب الرياح الإقليمية العاتية والتي قد تلقي به في مهاوي الضياع والشرذمة والتفتت. 

إقرأ أيضا: 17 قانون إنتخاب آخرها التأهيلي ما هي حصيلة المناقشات الإنتخابية؟

فمع وصول التمديد الثاني للمجلس النيابي إلى نهايته والذي استمر لولاية نيابية كاملة اي أربع سنوات بذريعة وضع قانون جديد للانتخابات النيابية. فثمة واقعا بدأ يرتسم أمام الشعب اللبناني يؤشر وبما لا يدع مجالا للشك إلى ان كل المحاولات سواء كانت حقيقية او وهمية لاستيلاد قانون انتخابي جديد قد فشلت او سقطت أمام تعنت القوى السياسية والحزبية التي تصر على وضع قانون يتلائم مع مصالحها واطماعها. ومفصل على مقاس كل فريق من الافرقاء الممسكين بمفاصل اللعبة السياسية بمعزل عن مصلحة الوطن والمواطن. ودون الأخذ بعين الاعتبار تأمين أوسع مشاركة ممكنة لشرائح المجتمع اللبناني في الندوة البرلمانية. ما يعني بأن الجميع بات على أبواب استحقاق الضرورة وهو التمديد القسري للمجلس النيابي لمدة ستة أشهر قابلة لتمديد جديد ستة اشهر أخرى لتصبح فترة التمديد الاضطرارية سنة كاملة أيا تكن الاعتبارات والاعتراضات. 
لقد بات من الواضح أن الملف الانتخابي تحول إلى مسرحية درامية للبنانيين في ظل الارباك الذي تعيشه مكونات الطبقة السياسية الحاكمة مع تزايد الاقتراحات والطروحات لمشاريع انتخابية لا ترقى إلى مستوى المشروع الحقيقي الذي يعبر عن امال اللبنانيين وطموحاتهم ويعكس سعيهم لحسن مشاركتهم في الحياة العامة من خلال تعبيد الطريق أمام ممثلين حقيقين لهم لوصولهم الى المواقع النيابية. 

إقرا أيضا: ١٥ أيار القادم... عُرقوب يخجل من هذه الطبقة السياسية

وإذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتفاديا للوقوع في محظور التمديد النيابي الثالث قد لعب الورقة الوحيدة والأخيرة التي يملكها بموجب الدستور والتي خولته تأجيل موعد انعقاد المجلس النيابي لمدة شهر تنتهي في الخامس عشر من شهر أيار القادم. إلا أن الأجواء لا توحي بأمكانية التوصل إلى قانون انتخابي جديد رغم تأكيد بعض المصادر السياسية من أن مشروع النسبية قد أعيد وضعه على سكة البحث الجدي. ذلك أن مشروع النسبية الشاملة الذي يطرحه حزب الله يلقى رفضا من عدد كبير من الأطراف السياسية. المسيحية منها والإسلامية ضمنا او بالعلن. 
وعليه وأمام هذا الواقع الذي تجلى بسقوط كل القوانين المطروحة. إن كان النسبية الشاملة او المختلطة  اكثري - نسبي  فإن الشعب اللبناني سيكون في منتصف أيار القادم على موعد مع استحقاقات احلاها مر فأما التمديد الذي لا يستطيع رئيس الجمهورية أن يمنعه حتى ولو دخلت البلاد في أزمة نظام شاملة  وإما دخول البلد في أزمة شلل تشمل كافة المؤسسات الدستورية ابتداءا من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة مرورا بمجلس النواب. وإما القبول بالمخرج الأقل مرارة وسوءا وهو العودة إلى قانون الستين واحترام المواعيد الدستورية. 
ويبقى الأفضل والارجح على ما توحي به بعض الأوساط السياسية هو ضرورة الذهاب إلى صناديق الاقتراع ولو بقانون الستين. إذ أن إجراء إنتخابات بقانون لا يقبله أكثرية القوى السياسية خير من عدم إجرائها .