تحت عنوان "نوال الزغبي... ليس كلُّ ما يلمع ذهباً!" كتب جوزف طوق في صحيفة "الجمهورية": "هناك خوف حقيقي من أنّ بعض نجوم الصفّ الأول في الغناء اليوم يسعون أحياناً إلى تقديم مادة فنّية ترضي قواعد فانزاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي فقط، لا أعمالاً تدغدغ حاسة ذوق الرأي العام.

ولأنّ بوابة الساحة الفنّية باتت مشرّعة أمام متفنّنين ومتفنّنات من مستوى "الزنّار وبالنازل" يدخلون ويخرجون على هوى شهواتهم ورخص أذواقهم، تعاظمت مسؤولية الفنانين المحترمين والذهبيّين في دهس كلّ ما يشوّه نضارة السباق الفنّي وتميّزه.

ليس مطلوباً من أيّ فنّان أن يلتزمَ بغناء لهجته الأم، ولكن من غير المسموح غناء كلمات تثير البلبلة لدى شعب الفنّان في بلده الأم، وربما لا سمح إله الموسيقى، أن تذكّرنا بأسلوب المتفنّنين تماماً مثل ما حدث في أغنية الفنانة الذهبية اللبنانية نوال الزغبي الجديدة "تولّع" التي كتبها الشاعر العراقي عدنان الأمير، والتي تضمّنت كلمة "بِدينِك" التي يمكن أن تمرّ مرور الكرام لدى الشعب العراقي، وإنما تثير النعرات الجنسية لدى المستمع اللبناني مثلما لُفِظَت في العمل، كل ذلك قبل أن يأتي فيديوكليب الأغنية من إخراج جو بو عيد ليزيد الطين "شَطْفة".

نوال الزغبي كانت وما زالت النجمة التي أغنت بأعمال مميزة ريبيرتوارها الغنائي الذي لا يقربه أصحاب المواهب التنكية غابت هي أم حضرت، وجو بو عيد المخرج المشهود له بنظافة صورته وجماليات كادراته التي يغنيها في كلّ مرّة بألوان وأزياء جريئة لم يبخل على الوسط بإبداعات كاميرته...

ولكن، فيديوكليب أغنية "تولّع" لم يكن واضحاً إذا كان مجرّد مادة تسويقية وترويجية لبعض الماركات، لأننا صراحة لم نفهم خلال دقائقه الأربع إذا كان التصوير يتمّ في كاراج تصليح سيارات، أو داخل محلّ لبيع الخضار، أو في بوتيك مجوهرات، أو داخل حمّام عمومي، أو يمكن في مطبخ أو صالة انتظار في صالون تجميل.

فكانت المشاهد متشابكة وغير مترابطة أبداً، فكلّ ما لفتنا كان ماركات السيارة والمجوهرات والعطور، وبلاط الحمام الأبيض الذي ظهر أكثر من مرّة في العمل والذي أغرقنا في كلوستروفوبيا الألوان والأنوار... قبل أن نطرح على أنفسنا السؤال الجوهري الأزلي الأبدي، شو خصّ اللوبية البادرية التي كانت نوال تقصقصها على السرير؟ وهل كانت تنوي تجهيز طبخة لوبية بالزيت أو باللحمة، وهل عنوان الأغنية "تولّع" يحضّرنا للتوليع تحت الطبخة في أيّ لحظة؟

إذا هذه الأغنية وهذا الكليب تمّ إنتاجهما لإرضاء الفانزات والمعجبين فقط، فهو لا شكّ جميل ويستحقّ الثناء والإطراء، أمّا إذا كان الهدف منه إغناء الساحة الفنّية على الصعيدَين السمعي والبصري، فهو بالتأكيد يرجونا أن نطرح كل هذه التساؤلات، وعلى رأسها: هل يعمد الفنّان إلى تصوير فيديوكليب أغنية حتى لا يغيب عن الساحة وتذكير الناس فيه، أم يفعل ذلك لتلميع ذهب موهبته أكثر وطرح نفسه عُقداً على صدر الفرادة.

صحيح أنّ الذهب لا يصدأ، ولكن ليس كلّ عمل يلمع هو ذهب".