قال رئيس قسم العمليات البحريّة في الجيش الإسرائيليّ الجنرال (د)، الذي سيدخل قريبا منصبه الذي لا يقل صعوبة كمساعد لرئيس الأركان، قال إنّه لم يعد بعد اليوم سلاح البحرية خالصا، فـ”نحن نُشارك في جميع جهود الجيش الإسرائيليّ، وفي كلّ حربٍ وفي أيّ حسمٍ”. وبحسبه، في (السور الواقي) حققنا هناك نتائج ممتازة، اليوم عملية من هذا النوع ستكون عملية أكثر تحديًا، فالخصم تطور أيضًا وطوّر قدرات مهمة، مؤكّدًا على أنّ كلّ شيء يحدث اليوم في أغلفة أكثر اتساعًا وبتخطيط أدق وسرية ومعلومات استخبارية دقيقة والرد على أيّ سؤالٍ يُمكن أنْ يثار، كل شيء أصبح أكثر تعقيدًا، ولكنّه يُعالج بما يناسبه.

وبرأيه، البحر بات مكونًا مهمًا ومعيارًا حقيقيا في الأمن القومي الإسرائيليّ، لافتًا إلى أنّ أول من شخّص هذا الأمر كان بن غوريون. شمعون بيريس قال لنا ذات مرة في زيارة له للسفينة إنّ الأمر المذهل في البحر أنّه ليس له حدود، جميع أعدائنا تقريبًا ليس لديهم حدود صلبة، 98 بالمائة من تجارة واقتصاد البلد تأتي عن طريقه، الاحتمالات لا متناهية، في هذه المساحة يعمل سلاح الجو في واقع فيه ممتلكات إستراتيجيّة، والتي يجب أنْ ندافع عنها آخذة في التزايد، ونحاول ألّا نتخلف عن الواقع.

وتابع: السيادة البحرية تمتد 12 ميلًا من الساحل، والمياه الاقتصادية التابعة للكيان الاسرائيلي تمتد لغاية 40 ميلًا من الساحل، وفي المجمل فإنّ منطقة المياه الاقتصادية التابعة لنا، والتي نمتلك فيها ممتلكات إستراتيجية تبلغ ضعف ممتلكات الكيان الاسرائيلي نفسه. يجب أنْ نتواجد هناك بكلّ مكان وطوال الوقت، نحن مثل فريق كرة القدم الذي لا ينبغي أنْ يسمح لنفسه بأنْ يسجل فيه هدف، صاروخ يطلق على منصة الحفر، وإنْ لم يُسبب أضرارًا كبيرة، يُعتبر بحريًا كارثةً إستراتيجيّةً.

وشدّدّ على أنّ الجبهة الشماليّة هي التي تحظى بأغلب الاهتمام في السنوات الأخيرة، وقال في لقاءٍ خاصٍّ مع صحيفة (معاريف) إنّه ليس هذا من قبيل المصادفة، فحزب الله استخلص العبر كاملة من حرب لبنان الثانية، وقد حظي بنجاح بضربه (الفرقاطة حانيت) ويحاول أنْ يجعلها أكثر قوةً في المرة القادمة، يحدد أهدافًا ولديه اليوم أهداف أكثر بكثير ممّا كانت لديه حينها، إنّه خصم متطور للغاية حتى في المعركة ما بين الحروب، مُوضحًا أنّه في حال وقعت المواجهة مع حزب الله اليوم أعرف بالضبط ما الذي أفعله في الساعات الأولى طوال زمن الحرب، إنّه تحدٍ خطير نعمل بما يوائمه طوال الوقت.

وتابع: بالمناسبة حماس تتعلم من حزب الله طوال الوقت وتسير على خطاه، شاهدنا في (الجرف الصامد) ما كان يجب أنْ يكون مفاجأة كبرى، إنزال حماس البحري في منطقة (زيكيم) والتي أحبطناها، تحدي غوصهم أصبح أكثر خطورةً، وهنا أيضًا الأمر معقد وصعب.

وبرأيه، ستُحاول حماس تكرار ذات السيناريو في المواجهة القادمة، سنصل إليها جاهزين، نعرف اليوم كيف نقاتل من اليم إلى البحر، وكيف ننضم إلى جميع أذرع الجيش الإسرائيليّ ونشارك في الحسم، نحافظ على التواجد الدائم في البحر وسيما قبالة أعدائنا نعمل ونحافظ على مصالحنا.

وأشار إلى أنّه في حال اندلعت مواجهة سنعرف كيف نُحقق التفوق البحري، وسنُقدّم للمستوى السياسي أدوات فاعلة في تحقيق الحسم، نستثمر الكثير من الطاقات في تعقب مراكز ثقل العدو التي يمكن أنْ نشوشها في الوقت المناسب، إذا علمنا كيف نعرف ونتعقبها نستطيع أنْ نحيدها أوْ ندمرها، ووضعنا لا بأس به في هذا المجال.

وبحسبه، إضافةً إلى هذا كله، ممنوع على سلاح الجو تهميش القاعدة: قتال أسطول أمام أسطول، رغم أنّه ليس هناك اليوم أساطيل حقيقية تحتشد ضدنا، فسلاح البحرية، ومثل سلاح الجو، يناور اليوم على جبهة أكثر تعقيدًا من حيث عدد المشاركين: الروس، الأميركان، الفرنسيون والأتراك، وكذلك كلّ سفينة تابعة للأمم المتحدة تبحر في المنطقة منذ حرب لبنان الثانية بناءً على قرار مجلس الأمن 1701.

وتناول أيضًا اختلاف سلاح البحرية عن القوات الأخرى، وقال: عملية عسكرية في فترة المعركة ما بين الحروب يمكن أنْ تستغرق نصف ساعة أوْ عدّة ساعات أوْ يوم أوْ يومين، عندما أُرسل غواصتين لتنفيذ عملية تعود بعد أسابيع طويلة، وعندما تخرج قوّة مكونة من عدد من السفن للقيام بعملية يمكن أنْ يستغرق الأمر أسبوعين.

وأردف قائلاً إنّه إعداد مختلف وحجم مختلف ونطاق سيطرة مختلف تمامًا، يجب التخطيط لذلك بمستوى تشغيلي وبناء جميع الأدوات والأغلفة التي تمكن من مواجهة أي سيناريو، فالتهديدات معقدة ومتغيرة وغير معروفة دومًا، ويمكن أنْ تُواجهها الآن وفورًا، ويمكن أنْ تكون تحت الماء.

وبرأيه، البوصلة معايرة ومجهزة لساعة الاختبار الحقيقية، والتي هي ساعة الطوارئ في الحرب، حيث يجب أنْ نبقى على استعداد حتى النهاية، إذْ أننّا لو قمنا بعملياتٍ جيّدةٍ على مدار كل المواجهة، وجاء العدو وحقق إنجازًا يرسم صورة للانتصار في اللحظة الأخيرة، فكأننا لم نفعل شيئًا. واختتم قائلاً إنّ تفوق سلاح البحرية هو تفوق نوعيّ وليس عدديًا، بحسب تعبيره.


رأي اليوم