هل من واجب المسلم ان يجابه حاكمه الظالم؟ أم أن ظلم الحاكم حسابه عند رب العالمين كما يقول بعض الفقهاء؟ وان على المسلمين لن يطيعوا حاكمهم المسلم الذي يحكمهم بمشيئة الله، ان كان سلطانا او خليفة او رئيسا لأنه ولي الأمر الذي يحفظ بيضة الاسلام.
 

يجيب المفكر الاسلامي العلامة السيد محمد حسن الامين “لعلّ أهم غايات الاديان والدين الإسلامي بصورة خاصة هو مقاومة الظلم بين بني البشر بصورة عامة، وليس بين المسلمين والمسلمين، فالكائن الإنساني بموجب الخطاب الإسلامي هو كائن مكرّم كما في قوله تعالى “ولقد كرّمنا بني آدم وحملناه في البرّ والبحر”، لذلك نجد أن أكثر ما يثير الدهشة لدينا هو أن الظلم يقع أحياناً بإسم الدين بدعوى الدفاع عن الدين سواء كان إسلامياً أو غير إسلامي”.

ويوضح السيّد الأمين “من وجهة نظرنا فإن الدين يفتقد معناه وجوهره عندما تتضمن الممارسات الدينية أشكال الظلم سواء كان هذا الظلم يرتكب بإسم الدين أو بإسم السياسة. ولماذا نطرح هذه المسألة الآن ونشدد على أهميتها؟ إن سبب ذلك بالدرجة الأولى هو ظهور ما يسمى بالتنظيمات والأحزاب التي تحمل شعار الدين وتمارس أشد أشكال الإرهاب والظلم بإسم الدين، ومن المؤسف أن بعض هذه التنظيمات إن لم يكن أكثرها، إنما تحمل شعار الإسلام وشعار الدفاع عن الإسلام، ولا تجد من يردعها عن ذلك، حتى أن عملية تشويه واسعة يشهدها الدين الاسلامي لم يشهد مثيلاً لها في تاريخ سابق”.
هذا التشويه الذي تساهم فيه افكار الأحزاب الاسلامية المتطرفة والاعلام الغربي بنظر السيد الامين “يعيدنا بما قررناه مداخلات سابقة، أن إعادة النظر في النص الإسلامي وفي الخطاب الإسلامي تعتبر هي المهمة الأكبر للعاملين على استعادة الروح الإسلامية، والتي قررنا فيها أن ما يجب عمله هو إعادة النظر في مسألة العودة إلى قيمة العقل وأهميته في تفسير النص الديني، وإعادة الاعتبار للعقل هي حاجة تمليها مهمة النهوض بالحضارة الإسلامية.”
وعن مسؤولية رجال الدين في تشريع الظلم في بعض الحالات يذكّر السيّد الأمين ” بحقيقة لا تقبل الشك إطلاقاً وهي أن رجل الدين مصطلح لا يلتقي أبداً مع الفكر الإسلامي، الذي يوجد في الإسلام هو الفقيه، وليس رجل الدين الذي يعتبر “ناطقاً بإسم الدين”.فالإسلام لا يجد من ينطق بإسمه كما تحاول المنظمات الإرهابية القائمة اليوم والتي تعتبر نفسها ناطقة بإسم الإسلام. وكذلك الذين يعتبرون أنفسهم رجالاً للدين الإسلامي أي الناطقين بإسمه يرتكبون بذلك ما ليس بحقهم، وبالتالي فإن ترسيخ مؤسسة رجال الدين في الإسلام هي بذاتها ظلم ترتكبه هذه الفئة، سواء كانت تدري أو لا تدري، ومن هنا فإن ما هو مطلوب الآن هو إضاءة الوعي الديني الإسلامي الذي يجعل من رجال الدين كغيرهم من الرجال الذين يمكن أن يكونوا أيضاً علماء وفقهاء ولو لم يكونوا رجال دين، ومع ذلك فإنهم لا يتحولون إلى ناطقين بإسم الإسلام.”
ويختم السيّد الأمين نافيا بشكل قاطع وجوب خضوع الناس لمن يقدم نفسه انه رجل دين” ولا يوجد أي امتيازات لرجل الدين المعمّم، وهو كغيره قد يكون له رأي وقد يختلف في رأي مع الآخرين، وبالتالي فإنه لا يوجد ناطق بإسم الدين، وبالتالي فإن الذين يريدون أن يقيموا دولة بإسم الإسلام لا يحق لهم أن يقيموا هذه الدولة عن طريق رجال الدين. فالدولة هي شأن بشري يقام عن طريق أفراد الأمة، فإذا كانت الأمة مسلمة، فلا شك أن الطابع الإسلامي سيكون جزءاً من هذه الدولة، وتكون سلطة هذه الدولة مستمدة من مجموع أفراد هذه الدولة أو الأمّة”.