رأت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب تأمل بأن تحلّ الصواريخ التي استهدفت بها قاعدة الشعيرات السورية مشكلة تحدٍّ لسنوات، وهي نيّة الرئيس السوري بشار الأسد استخدام الأسلحة الكيماويّة.
 

ونقلت الصحيفة عن محلّلين أنّه بالرغم من المعضلات الكثيرة التي تحيط بالحرب السوريّة، إلا أنّ مشكلة الكيماوي هي الأكثر عسرًا لإيجاد حلٍّ لها.

واعتبرت أنّ الأسلحة الكيماويّة، تؤدّي وظيفة سياسية مماثلة لدورها في المعركة، ويُمكن أن تخبّأ أو تنقل وتهرّب بسهولة، لذلك فعمليات الرصد والمراقبة تكشف معامل الإنتاج، لكن لا يمكنها رصد كلّ حركة على الأرض.

هذا الأمر يعني أنّه حتّى الزعماء الذين يقولون إنّهم تنازلوا بأسلحة كيماويّة –كما فعل الأسد عام 2013- يمكنهم تخبئة البعض منها من دون أي خشية لاكتشافها، كذلك فعل العقيد الليبي الراحل معمّر القذافي والرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إذ اكتشفت القوات الأميركية بعد سنوات أنّ بعض الأسلحة المخبأة في العراق، والتي لم تكن ظروف تخزينها جيّدة، إلا أنّها كانت مميتة.

بالنسبة لرؤساء مثل الأسد، يخشون الإنتفاضات المسلّحة (كحالة القذافي وصدام حسين)، فإنّ الإحتفاظ بمخزونات سرية طارئة أمرٌ مهمّ لتجاوز أي تكاليف محتملة. وعمليّا من المستحيل إزالة كلّ ما يمتلك أي رئيس من أسلحة كيماويّة من دون إيجاد حلّ للأسباب الكامنة التي تدفعه لاستخدام هذه الأسلحة، ما يعني أنّ الأسد لا يزال قادرًا على إطلاق ضربات صغيرة لكن مدمّرة كما فعل مؤخرًا.

توازيًا، قال محلّلون: "إنّ الأسد ومع التنازل عن معظم مخازن الأسلحة الكيماوية وأماكن إنتاجها، خسر القدرة على نشرها على نطاق واسع في حرب كبيرة، مثلاً بحال إندلاع حرب ضد إسرائيل".

وترى الصحيفة أنّه إذا كان الأسد يعتبر الأسلحة الكيماويّة مهمّة لإستراتيجيات المعركة والسياسة، فإنّ رادعًا فعّالاً لاستخدامها سيغيّر كلاً منهما.

وكشفت الصحيفة أنّه في سباق التسلّح الفظيع، الأسلحة الكيماويّة لها قوّة نفسية. وفي دراسة طبية نشرت في العام 2006، تبيّن أنّ الإيرانيين الذي نجوا من هجمات بأسلحة كيماوية، يعانون من إكتئاب ما بعد الصدمة المزمن.

أمّا عسكريًا، فأوضحت الصحيفة أنّ الأسد يعتمد الأسد على الغارات الروسية التي ساعدته على قلب دفّة الحرب، لكنّ الجيش يعاني من عدد القوات على الأرض، التي تعبت من سنوات القتال. وبالرغم من الدعم العسكري والديبلوماسي الروسي إلا أنّ موسكو ليست الداعم الوحيد للأسد، فهو يتلقى دعمًا كبيرًا من إيران، والتي تختلف أهدافها عن روسيا.

وهنا، توضح الصحيفة الأميركية أنّ هدف موسكو يتمثّل بحماية الأسد، وهي إستراتيجية يُمكن أن تتطلّب في نهاية المطاف تسوية سياسيّة، تُصبح أصعب عندما تحضّ الضربات الكيماويّة العالم ضدّ الأسد. أمّا هدف طهران، فهو الدفع نحو النصر الكامل على المعارضة، الأمر الذي يحفّز استخدام الكيماوي.

وفي هذا الصدد، رأى أرون ستاين، وهو من كبار الباحثين في شؤون الشرق الأوسط أنّ الأسلحة الكيماويّة بالنسبة للأسد تمثّل طريقة لحلّ مشاكل المعارك، ولدى الهجوم الكيماوي على ريف إدلب مؤخرًا، كانت المعارضة تتقدّم ما شكّل تهديدًا للأسد.

وبالعودة التاريخ إستخدام الأسلحة الكيماويّة، لفتت الصحيفة الى أنّ مصر إستخدمتها في اليمن في الستينيات، عندما تدخّلت في الحرب الأهليّة المستعرة هناك، العراق إستخدمها في الداخل وضد إيران في الثمانينيات، كذلك إتّهمت حكومة تشاد القوات الليبية باستخدامها هذه الأسلحة خلال الحرب في الثمانينيات أيضًا. ورأت الصحفية أيضًا أنّ البرنامج النووي الإسرائيلي خلق عدم توازن إستراتيجي في المنطقة.

 

 

(NYTimes - لبنان 24)