تزامنت القمة العربية في البحر الميت بالأردن مع منتدى أبو ظبي المخصص لمعالجة القضايا الأمنية والإرهاب في العالم العربي.
 

وقد بدت القمة العربية في الأردن مملة كمثيلاتها لولا بعض " السقطات " التي حصلت وشكلت مادة دسمة للإضاءة على أحداثها إعلاميا  بعكس منتدى أبو ظبي الذي شكل تظاهرة عالمية جمع وزراء داخلية وأجهزة أمنية عربية ودولية لمناقشة سبل مكافحة الإرهاب.

قمم الروتين :

عقد 40 إجتماع قمة عربية بين ما هو عادي وطارىء وإقتصادي  منذ ولادة الجامعة العربية عام 1948 وحتى اليوم .
ومنذ اليوم الاول للقمم العربية والمواضيع التي تناقش هي ذاتها والأهداف الموضوعة لم تحقق  وأهمها القضية الفلسطينية وإتفاقية حقيقية للدفاع العربي المشترك إضافة إلى الإتفاقيات الإقتصادية كالسوق العربية المشتركة.
فكل هذه الاهداف لم تتحقق وإذا ما تحقق شيء ما فيها لم تنفذ بالطريقة العلمية المناسبة التي تعطي نتائج مفيدة على مستوى التنمية البشرية والإقتصادية وغيرها.
ومع الوقت تحولت القمم العربية إلى " قمم روتين "  تشبه الأعياد في كل عام ويستغلها الزعماء العرب لإضافة " الشرعية " على أنظمتهم أو لتبرير أو تحقيق إجماع عربي  على خطوة مارسوها في داخل بلدانهم كالإنقلابات أو الإعدامات .

إقرأ أيضا : قادة الدول العربية يصدرون إعلان عمان.. وهذا ما جاء فيه
وإذ تأتي اليوم قمة البحر الميت في توقيت جد سيء يعيشه العالم العربي على كافة المستويات، تطرأ أمامه قضايا جدية لا تزال القمم العربية لا تعرف كيف تتفق على تبني إستراتيجية موحدة وسياسة واحدة لمعالجتها.
وفي طليعة هذه القضايا فلسطين والتي تعتبر أبرز مثال على فشل القمم العربية وسقوط العمل العربي المشترك في هاوية السياسات الضيقة والوقوف كطرف مع جانب فلسطيني ضد آخر في حال كان النزاع فلسطيني داخلي أو السكوت وعدم تحريك الديبلوماسية العربية في حال كان الصراع فلسطيني - إسرائيلي.
هذا الفشل إمتد إلى ملفات أخرى مهمة باتت تهدد أمن المجتمعات العربية كالإرهاب.

إقرأ أيضا : قمة حكام أم قُمّة شعوب ..؟
فهكذا ملف مقلق وخطير لم يعرف العرب حتى الآن كيف يواجهونه بأساليب وخطط مناسبة بل ما زالوا يعتمدون على تحالفات تقيمها الولايات المتحدة الأميركية لتغطي عجزهم وفشلهم.
والكارثي في موضوع الإرهاب أن بعض الأنظمة العربية متواطئة مع هذه التنظيمات الإرهابية لتبرر وجودها وظلمها لفئات معينة من المجتمع العربي.
أمام هذا الضعف والعجز العربي كان لا بد  من وجود فراغ عربي على كافة المستويات إستفادت منه كل من إيران وتركيا لتمرير مشاريعهما الخاصة خصوصا في آخر خمس سنوات بعد تخفيف أميركا أوباما لتدخلاتها في الشرق الأوسط.
وبرزت محاولة عربية لمشروع عربي موحد في الحرب اليمنية تحت مسمى " عاصفة الحزم " وتقوده السعودية لكنه حتى الآن لا زال يتقدم ببطىء شديد قد يهدد نجاحه لاحقا.

 

 

منتدى أبو ظبي:

أما على الضفة الأخرى من مشهدية العرب في هذا الأسبوع، كان هناك منتدى في الإمارات يعقد لمعالجة مواضيع أمنية.
منتدى " التعاون من أجل الأمن " الذي عقد في أبو ظبي بالإمارات بمشاركة نحو 45 وزير داخلية وعدل وقادة أمن وشرطة من 80 دولة برعاية رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان وشراكة المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول " ومؤسسة الإنتربول برئاسة الوزير السابق إلياس المر.
ناقش المنتدى سبع فئات من الجرائم وهي الإرهاب والجرائم الإلكترونية والتراث الثقافي والمجتمعات المعرضة للخطر وجرائم السيارات والمخدرات وتهريب البضائع على المستويات المحلية والدولية.
وهذه مواضيع أمنية ضاغطة تشكل عائق ومشكلة للشعوب العربية.

إقرأ أيضا : تظاهرة عالمية في ابو ظبي.. المر: لإلتزام دولي للقضاء على الارهاب
وتأتي أهمية المنتدى وجدواه مقارنة بالقمم العربية من حيث أنه يعالج قضايا مهمة وواقعية ويشرف على هذه المعالجة أصحاب الإختصاص المناسبين وهم يملكون الخبرة الكافية، أضف أنه إنضم إليه خبراء من دول عالمية كون الإرهاب أصبح هما عالميا ومعالجته لا تحصر فقط على المستوى العربي.
فتوفر الخبرة والإختصاص وتحديد الأهداف بواقعية وحصرها وتقديم الخطط المناسبة وفتح آفاق الحلول والمعالجة على مستوى دولي هو ما ميز منتدى أبو ظبي وجعله أكثر جدوى وفائدة من قمة البحر الميت التي كسابقاتها تصدر بيانات ولا تنفذها.

إقرأ أيضا : أي دور للبنان في القمة العربية؟
ولسنا في مورد تسليط الضوء على التطور الهائل في كافة المجالات في دولة الإمارات إلا أنه لا بد من التنويه بالعقلية الإماراتية التي تتعاطى بإستراتيجية وهدوء مع القضايا التي تعالجها.
وهي تجربة جديرة بأن تعمم في كافة أرجاء العالم العربي وفي قمم العرب لمعالجة المشاكل والأزمات.
فالعالم العربي بحاجة اليوم إلى منتديات كمنتدى أبو ظبي أكثر من حاجته لقمم عربية فارغة المحتوى لا تقدم حلولا بل أصبحت هي المشكلة.