في تظاهرة عالمية ضخمة شارك فيها نحو 45 وزير داخلية وعدل، وقادة الامن والشرطة من 80 دولة، افتتح نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الاماراتي الشيخ سيف بن زايد آل نهيان ورئيس مؤسّسة الإنتربول الياس المرّ اليوم في ابو ظبي، فِعاليات الدورة الأولى من منتدى التعاون من أجل الأمن الذي تستضيفه أبوظبي على مدى ثلاثة أيام.
 

 
ويناقش المنتدى الذي يعقد برعاية رئيس الامارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، بالشراكة مع "مؤسسة الإنتربول" والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول"،  سبع فئات من الجرائم تشمل الإرهاب والجرائم الإلكترونية والتراث الثقافي والمجتمعات المعرضة للخطر وجرائم السيارات والمخدرات وتهريب البضائع على المستويات المحلية والدولية.
 
وشارك في المنتدى وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على رأس وفد رفيع من الوزارة، المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، مدعي عام التمييز القاضي سمير حمود، سفير الامارات في لبنان حمد الشامسي، السفير اللبناني في ابو ظبي حسن سعد، امين سر مجلس الامن المركزي الياس الخوري.
 
سيف

ورحب الشيخ سيف في كلمته الافتتاحية بالمشاركين وضيوف المنتدى، وأكد أن "التحديات التي يواجهها عالم اليوم قد تغيرت أنواعها وتعقدت أدواتها وأصبحت مكافحتها تحتاج إلى التعاون المشترك بين الحكومات والمنظمات الأفراد والشعوب"، مشيراً إلى "ضرورة التعاون الحقيقي والفعال للخروج بنماذج مبتكرة للمنظومات الأمنية مبنية على دراسات معمقة ومستمرة لمواكبة هذه التغييرات والحفاظ على أمن المجتمعات من أجل مستقبل زاهر للأجيال القادمة".
 
وقال "إن الإمارات عملت على إعلاء قيمتي التسامح والسعادة والاهتمام بهما لدرجة الإعلان عن تأسيس وزارتين في حكومة الإمارات هما وزارتا "التسامح" و "السعادة"، مشيرا إلى أن "الإمارات أدركت أن الطريق إلى مكافحة الجريمة يبدأ من الإنسان وبالإنسان ومن بناء الأخلاق وإعلاء القيم الإيجابية التي تتماشى مع الفطرة الإنسانية السليمة".
 
ولفت سيف إلى "توجيهات الشيخ محمد بن زايد بتدريس مادة "التربية الأخلاقية " في جميع المدارس بدولة الإمارات انسجاماً مع موروثنا الثقافي والذي يرتكز على التعاون والتآلف والعطاء والانفتاح وتقبل الآخر وهي رسالة القيم الأخلاقية من الخالق عز وجل إلى خلقه ومن رسُله إلى بني الانسان وبها تستدام الأوطان".
 
وأعرب عن الشكر والتقدير لـ "الإنتربول" على الجهود المميزة ودورها في تعزيز الأمن العالمي"، داعياً الى "دعم مؤسسة الانتربول لدورها المهم والحيوي في مكافحة الجريمة".
 
المرّ

من جهته، رأى المرّ أنّ "مسألة الامن تقدّمت على سائر القضايا والاهتمامات في العالم. وأصبحت هاجسَ رؤساءِ الدول والحكومات . اصبحت التحدي الأكبر امامَ أجهزةِ الامنِ والشرطة، واصبحت التهديدَ الأخطر للدبلوماسيين، والقطاعات الاقتصادية والسياحية والاجتماعية على المستوى الدولي، وكلِ انسانٍ على وجهِ الارض".
 
وأشار المرّ إلى أنّ "العالمَ يعيشُ اليوم عصرَ الارهاب، ونحنُ نريدُهُ أن يعيشَ عصرَ القضاءِ على الارهاب. وكما يزدادُ الارهابُ والجريمة المنظمة وحشيةً، وانتشاراً، وتعقيداً، يزدادُ العالمُ حاجةً الى ابتكارِ استراتيجياتٍ أكثرَ تقدُّماً، والى تعاونٍ أكثرَ التزاماً، للقضاءِ على هذهِ الوحشية".
 
ولفت إلى أنّ "الارهاب لا دين له، ولا وطن، ولا قضية، ولا هوية، والعالم، المتمثلُ في كلِ وطنٍ ودولةٍ ودين، لا خيارَ امامَهُ الاّ المواجهة لاستئصالِ الارهاب. وقد آنَ الاوانُ اليوم، لكي نتحرَّكَ في اطارِ استراتيجيةٍ عالميةٍ جديدة. آنَ الاوانُ اليوم، لكي ينتقلَ العالمُ من رداتِ الفعل، الى استباقِ الفعل".
 
ولفت المرّ الى أنَ "صاحبَ السمو الشيخ محمد بن زايد، سبقَ كلَّ الناس إذ قرّرَ، برؤيتهِ الاستراتيجية، تبنّي سبعة برامج أمنية فريدة، ستخلقُ شبكةَ امانٍ لسبعةِ ملياراتِ انسانٍ في العالم. وسيذكرُ التاريخُ انَّ الشيخ محمد جعلَ مِن ابو ظبي منصةً عالميةً لاِرساءِ عالمٍ أكثرَ أماناً"، معتبرا أنّ "الاوانُ قد آن، لتعاونٍ دوليٍ فعال، لشراكاتٍ استراتيجية، لاشراكِ القطاعِ الخاص  في بناءِ المنظوماتِ الامنية المبتكَرة. 
 
وقال: "آنَ الاوان لكي نهزمَ الارهابَ والجريمة العابرة للحدود. لذلك نحنُ هنا اليوم، في أبو ظبي، عاصمة التسامح والاعتدال، عاصمة القيم والرجال، لكي نضعَ بين ايديكُم، بالتعاونِ مع الانتربول والامارات، أحدثَ البرامجِ الامنية لمواجهةِ الارهابِ المتمادي والجريمة المنظمة المتنامية".
 
وتوجّه الى رؤساءِ الوفودِ وممثلي الدول المشاركةِ في هذا الحدث، مؤكّدا ان "هذه البرامج هي لكم جميعاً، وانتم شركاء حقيقيون فيها لننتصرَ على الارهابِ والجريمة المنظمة".
 
وأضاف: "لا شك في اننا جميعاً نملكُ الارادة والنية الطيبة لجعلِ العالم اكثرَ سلاماً وأماناً، ولكنَّ الارادةَ وحدَها لا تكفي. ولا شك في اننا جميعاً على قناعةٍ راسخة في أنه لا يمكنُ التغلبُ على الارهابِ والجريمة المنظمة الاّ من خلالِ تعاونٍ دولي شامل، واستراتيجيةٍ أمنية شاملة على مستوى العالم"، وأضاف أنّ "الانتربول جاهزٌ لهذا التحدي وقادرٌ على المساعدةِ والدعم، بما يملكُ من بنوكِ معلوماتٍ لا تقدّرُ بثمن، وخبرةٍ تكادُ لا تضاهيها خبرة، وبرامجَ استراتيجيةٍ هي الاكثر تطوراً وفعالية في العالم".
 
وشدّد المرّ على أنّ "قوة الانتربول، مؤسسة ومنظمة، هي منكم ولكم، والانتربول متفانٍ لتقديمِ كلِّ ما لديهِ من أجلِ عالمٍ يسودُهُ الامنُ والامان. ولا بد من إشراكِ القطاعِ الخاصِ في العالم، لأنهُ معنيٌ مباشرة بالتهديدات، سواء من الارهاب او الجريمة المنظمة. فشركاتُ الطيران والفنادق مثلاً، والمصارف والمعلوماتية والادوية والسيارات وغيرها، تحتاجُ الى حمايتِها وحمايةِ واستثماراتِها. كذلك، انَّ الشركات العالمية تحتاجُ الى حمايتِها من القرصنة وتزويرِ علاماتِها التجارية، وهو ما يلحقُ بها  خسائرَ فادحة، وفي المقابل،  يدرُّ على المجرمينَ ارباحاً تعزّزُ جرائمَهم".
 
وقال: "آنَ الاوانُ لاتخاذِ خطواتٍ جريئة، آن الاوان لوضعِ حجرِ الاساس لبناءِ شراكةٍ حقيقيةٍ بين القطاعين العامِ والخاص في مواجهةِ المجرمينَ والقراصنةِ والمزورين"، معتبراً أن "دولةَ الاماراتِ العربية المتحدة كانت سباقةً على المستوى العالمي، في تبنّي هذه الاستراتيجية الشاملة بفضلِ حكمةِ قيادتِها. لقد راهنَت الامارات على الشراكة الاستراتيجية مع الانتربول، وتبنَّت دعمَ اطلاقِ البرامج الامنية الرائدة السبعة، على الصعيدِ العالمي، من مكافحةِ الارهاب، الى الجريمة السيبيرية، الى جرائم المركبات، والاتجارِ بالمنتجاتِ الطبية المزورة، والسلعِ غير المشروعة والمخدِّرات، وحمايةِ الارثِ الثقافي في العالم، والفئاتِ الهشّة.وسيكون لمؤسسة الانتربول مقر في ابو ظبي لاطلاقِ هذه البرامج ومتابعة تنفيذها، وسيناقَشُ الخبراء تفاصيل البرامج خلال فعالياتِ هذا الحدث".
 
وختم المر قائلاً: "معاً، يمكنُنا ان ننتصرَ على الارهاب، نعم، معاً سننتصرُ على الارهاب".
 
امين عام الانتربول

بدوره، قال الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" يورغن ستوك "إن التهديدات التي نواجهها اليوم أصبحت أكثر سرعة وتنقّلا وقوة وترابطا وامتدادا وهو ما يستنزف موارد الشرطة كما لم يحدث من قبل ونحن اليوم أمام مشهد أكثر تعقيدا للتهديدات الإرهابية والإجرامية وهو ما ينتج عنه تحدّيات كبيرة فيما يتعلّق بإنفاذ القانون".
 
وأضاف: "إننا اليوم بحاجة إلى توحيد جهودنا وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص وهذا المنتدى يوفّر البيئة المثالية لإعادة تقييم أدوار الأطراف المعنية كافة وتحديد المسار الذي يمهّد لتعزيز التعاون في المستقبل".