اشار وزير الخارجية جبران باسل الى انني "اعود من زيارتين الى عاصمتين كبيرتين في العالم، الاولى كانت الى عاصمة الكثلكة حيث انشأ الموارنة اول مدرسة خرجت البطاركة والأساقفة وأسست للنهضة العربية. ووضع الموارنة الحجر الاساس لبناء وطن سيد ومستقل وحر، ووطن اللقاء المسيحي والإسلامي، وإئتمنوا، ولا زالوا، على وطن الرسالة الذي ميزته وفرادته في انسانه، ومسؤوليتنا اليوم الحفاظ عليه. اما زيارتي الثانية فكانت الى العاصمة الاميركية واشنطن التي نتشارك معها بالكثير من القيم والحرية والدفاع عنها وحقوق الانسان والمبادرة الفردية الوثابة والخلاقة".
أضاف باسيل خلال احياء الرابطة المارونية عشاءها السنوي في صالة السفراء في كازينو لبنان، "لدينا اليوم انتظارات كبيرة ويفترض بنا ان نقوم بقراءة هادئة ومتأنية لما يحصل كي لا نكرر اخطاء الماضي، لا ان نقوم برهانات خاطئة ونذهب باعتقادنا الى ما هو ابعد مما في استطاعتنا الحصول عليه وان نعطيه، لاننا اولاد تجربة اخطأنا فيها ايضا بالذهاب بعيدا من خلال رهانات مماثلة، وفي الوقت ذاته في التخلي عن ذاتنا وعدم قراءة التطورات وقبولنا "بذمية" معينة ارتضاها البعض ان كان في لبنان او في المنطقة. نحن اليوم امام حدين ولدينا المسؤولية في ممارستهما، اولا في رفضنا "للاسلاموفوبيا" وكل ما يرافقها من عنصرية وتطرف لا يشبهنا، وعكس وجودنا واعتدالنا الديني الذي تعيشه ونمارسه. من جهة اخرى لدينا فرصة لاستعادة حريتنا وذاتنا ووجودنا من خلال المحافظة على حريتنا ودورنا. نحن اليوم مدعوون الى التطلع الى الماضي لنتعلم منه، والنظر بأمل كبير الى المستقبل الذي نراه واعدا في حال احسنا إدراته من الان، واحسنا قراءة كل التطورات الحاصلة. ما يجمعنا في هذا الوطن هو ابعد من وحدة اللغة والأرض والانتماء اليها، انها ارادة العيش معا. هذه الإرادة ترجمتها الوحيدة اليوم تكون في السياسةوليس في الأمنيات والمشاعر الطيبة التي نحملها لبعضنا البعض. هذا الامر أساسي ولكنه لا يكفي، الترجمة الفعلية تكون من خلال قانون الانتخاب الذي يجمعنا في المشاركة الفعلية في إدارة البلاد ويعطينا الأدوار المتكافئة تحت عنوان الرسالة التي يحملها لبنان".
وتابع: "قانون الانتخاب في طبيعته في هذه المرحلة التي نمر بها، لا يمكن ان يكون خارجا عن الواقع ولا يمكنه ان يبقى في الماضي الطائفي الذي يزداد ويتعمق في لبنان، ولا يمكن ايضا ان يتنكر لامنياتنا وأمنيات شبابنا الذين يريدون مستقبلا مختلفا، وفكرهم ابعد من الطائفية. هذا الواقع الذي نحن فيه يحتم علينا ان يكون هناك انتقال مطمئن لكل مكونات هذا البلد، انتقال من الطائفية الى العلمنة تواكبه كل المكونات وتشارك فيه. لانه اذا ذهبنا وحدنا بإتجاه العلمنة وبقيت جماعتنا خلفنا نكون بذلك لا نقدم لها شيئا. واذا بقينا اسرى لتطرف او غرائز البعض، يعني ذلك اننا لم نأخذنا "ناسنا" الى حيث يجب ان يذهبوا. بإختصار نحن نرى انه يجب ان يكون قانونا انتخابيا يجمع ما بين الحاضر والمستقبل، ويخرج من الطائفية الى العلمنة التي نطمح اليها، ويحقق التمثيل الفعلي لكل مكون بشكله الحقيقي والفعلي ومن دون تزوير. اعتقد ان اليوم هو الوقت الانسب لنا جميعا من خلال طمأنة بعضنا البعض من دون الاستقواء على بعضنا لا من خلال عوامل داخلية او خارجية لاننا في مرحلة استعادة الثقة والميثاقية والقوة في البلاد. ولا اقصد هنا القوة المتعالية والتي حملها البعض في الماضي، انما اعني القوة الناعمة التي هي قوة المعرفة والتلاقي التي تخرجنا. من الصورة المتناقضة في لبنان، بين بلد الثقافة والإقطاع، التعدد والتفرد، بلد الهجرة وموطن المهجرين".
اضاف:" ان جوهر حفاظنا على لبنان هو وجودنا الحر، وعلينا الحفاظ على القيم المسيحية التي أولها المحبة وأعظمها الإيمان وأهمها الرجاء، ويبقى ايماننا بوطننا ورسالتنا ونترجى الأفضل دائما. نحن في لحظة علينا ان نتضامن جميعنا مع بعضنا البعض، مسلمين ومسيحيين، نحن نسعى الى ربط اللبنانيين في الداخل مع بعضهم البعض من جهة، ومن جهة اخرى بدول الاغتراب. هويتنا مهددة بالفناء اذا لم نحافظ عليها وعلى خصوصيتنا من خلال انفتاحنا، وعلى ذاتنا من خلال تعددنا، وعلى مناصرتنا من خلال عيشنا المشترك".
واعتبر باسيل: "انه الوقت الحقيقي لنقول فيه لكل اللبنانيين الى اي مدى نحن ضنينون بلبنان وفيهم، ومهما واجهنا ما إغراءات وترهيب، وحكما سوف نتعرض لهما من الأصدقاء والخصوم، لكننا لن نتخلى عن بعضنا البعض لا كمسيحيين ولا كمسيحيين ومسلمين لانه في النهاية ليس لدينا الا بعضنا البعض وهذه ضمانتنا الحقيقية وحمايتنا".