تعود قضية توقيف هنيبعل القذافي إلى الواجهة، مع نشر الصحافي الأميركي فرانكلين لامب مقالاً، في صحيفة Counterpunch، عن معطيات جديدة عن اعتقاله واعترافاته بشأن قضية اختطاف الإمام موسى الصدر. ومع رفض الحكومة اللبنانية المطالب المحلية والدولية المتزايدة للإفراج عن هنيبعل، كون ما يحدث ينتهك حقوقه الإنسانية الأساسية، يكشف لامب أن القذافي كان يريد العودة إلى ليبيا قبل أن يدبر النائب السابق حسن يعقوب عملية اختطافه. 

وتعتقد مصادر مقربة من عائلته، وبعض المراقبين السياسيين في ليبيا والقاهرة، أن شقيقه سيف الإسلام الذي أطلق سراحه أخيراً ويعيش حالياً في إقامة جبرية، قد يكون زعيم ليبيا في المستقبل. وعودة سيف الإسلام إلى العمل السياسي ترتبط، وفق لامب، بقضية الصدر حيث ينقل عنه قوله أخيراً إن "الوقت قد حان لوضع قضية الصدر وراءنا". ما يعني أنه سيفتح ملف القضية.

يضيف لامب أن بعض السياسيين اللبنانيين، من بين بعض المتهمين بحبس هنيبعل غير القانوني، بالإضافة إلى شركاء في العاصمة الليبية طرابلس الغرب، وعناصر من القضاء اللبناني. ووفق محامي هنيبعل، لهؤلاء دافع واحد هو اخفاء حقيقة مصير الصدر ورفيقيه من أجل الحصول على المال الليبي من حكومة طرابلس الغرب. 

ويكشف لامب أن هنيبعل قال أمام القضاء اللبناني إن والده لم يخطف الصدر ورفيقيه. وشهد أن الشخص المسؤول عن عمليات الاختطاف والقتل كان مساعد والده عبدالسلام جلود، الذي لايزال حياً ويعيش في فرنسا. لكن السياسيين المشاركين في قضية الصدر تجنبوا التحدث معه. وأضاف هنيبعل أن والده مسؤول عن تعويض أسر الضحايا فحسب، لأن العقل المدبر لعملية الاختطاف كان مسؤولاً حكومياً في نظامه.

ورداً على سؤال من قاضي التحقيق زاهر حمادة: "من يعرف القصة الكاملة للإمام موسى الصدر؟"، أجاب هنيبعل: "ثلاثة أشخاص، سيف الإسلام القذافي، معتصم القذافي، (قتل بالقرب من سرت في ليبيا مع والده في تشرين أول 2011) وعبدالسلام جلود". كما نصح هنيبعل المحكمة باستجواب موسى كوسا، وزير الخارجية الليبي السابق، الذي لايزال على قيد الحياة، ويعتقد أنه يعيش في لندن.

وباستمرار التحقيقات قال هنيبعل إن جلود نقل الصدر إلى جنزور في ليبيا لإبقائه قيد الإقامة الجبرية، مضيفاً أنه غير متأكد مما حدث بعد ذلك. فذكره القاضي حمادة أنه قال في الجلسة السابقة إن الصدر نقل من جنزور إلى سجن سياسي ثم قُتل، ليرد هنيبعل بعدها بأن هذا هو رأيه، لكنه لا يملك دليلاً على ذلك.

وينقل لامب عن مراقبين للقضية قولهم إن المحكمة لن تسقط القضية الجديدة أو تصدر حكماً فيها في أي وقت قريب. فهنيبعل يجب أن يبقى موقوفاً حتى يتم دفع فدية. ومن المرجح أن يظل قيد الاحتجاز في انتظار صدور حكم في قضية مزيفة موازية بشأن معرفته ومشاركته في خطف الصدر ورفيقيه في العام 1978. وتتقدم تلك المحاكمة ببطء بعدما استقال محاميه السابق أكرم عازوري من القضية منذ أشهر متهماً بعض السياسيين اللبنانيين بالتآمر ضد القضاء اللبناني وإفساده.

ويتحدث لامب عن مزاعم تشير إلى طلب الرئيس نبيه بري من هنيبعل عزل المحامية بشرى الخليل كشرط لإطلاق سراحه. وقد استجاب القذافي لهذا الأمر. وتفيد التقارير أن مشكلة بري مع الخليل هي أنها كشفت عن صفقة سرية بقيمة 200 مليون دولار مع حكومة طرابلس الغرب لتسليمهم هنيبعل. ويُزعم أن "شركاء الأعمال" المزعومين في طرابلس الغرب هم عناصر من "فجر ليبيا" المرتبطة بالقاعدة.

ويخلص لامب إلى القول إن ما يجعل قضية هنيبعل أكثر فظاعة هو حقيقة أن السياسيين المعنيين وبعض أعضاء السلطة القضائية في لبنان يعرفون، وبعضهم منذ 11 أيلول 1978، ما هو مصير الصدر ورفيقيه. ولأسباب مالية، وسياسية أيضاً، لعب بعضهم دور البكم وخدعوا مجتمعهم الشيعي بتقارير وهمية سنوية عن حياة الصدر في السجون الليبية المختلفة.