تتميز المرأة باستقلاليتها في جميع المجالات، إضافة الى عملها على خلق فرص لتلبية حاجاتها اليومية وحتى المهنية. والوضع الاقتصادي الصعب في البلاد لم يقف حاجزاً امام المرأة اللبنانية، بل جعلها اكثر تصميمًا لخلق المبادرات وضمان يوم غد.لطالما سعت المرأة الى تحديد هويتها واثبات نفسها في المجتمع، ونجحت في ذلك من خلال خلق فرص جديدة لها في ظل الظروف التي ترافقها، كما انها نجحت في اتمام ذلك بما هو متاح لها.

جمعية للتجارة

أسست المرأة جمعيات ايماناً بدورها وبتأثيرها وبحقوقها. وفي هذا الاطار كان لإحدى النساء تجربة في انشاء جمعية لتمكين المرأة في مجال الاعمال التجارية، من خلال مساعدتها بدأً بالمراحل الاولى وصولًا الى مرحلة التطور.

ساهمت هذه الجمعية في خلق علاقات بين سيدات الاعمال بالاضافة الى انشاء شركات ووظائف جديدة. وتحيط هذه المؤسسة النساء المبتدئات في مجال الأعمال بأخريات خضن المجال، فيستفدن من تبادل الخبرات والعلاقات بينهن، ومن الطريق اللواتي مرّت به الأخريات، ما يختصر عليهنّ الصعوبات والوقت والمشاكل. كما ساعدت العديد من النساء على الازدهار في المجتمع، والتمتع باستقلالية وحرية، وأضحت المرأة قدوة لعائلاتها واولادها.

من غرفة صغيرة...

وبما أن المرأة اللبنانية تتمتع بذوقٍ رفيع وحس مميز في الموضة، تمكنت سيدة في الـ55 من عمرها من تحقيق حلماً لطالما كان مستحيلاً لها، وذلك من خلال مثابرتها واصرارها على ان تكون مصممة ازياء.

بدأت رحلتها في المنزل بعد ان خصصت غرفة صغيرة للخياطة وعرض الفساتين. واخذت بعض دروس الرسم وطورت نفسها، وبدأت بإعداد وتصميم الفساتين. ويومًا بعد يوم تمكنت من بيعها وتصميم عدد اكبر، بعد ان تميزت بحسها وذوقها اللذان جعلاها تصل الى احتراف هذه المهنة واعتمادها مصدر عيش.

وقد انتقلت من هذه الغرفة الى فتح محلها الخاص، وقد تمكنت من تحقيق هذا رغم الصعوبات التي واجهتها. أما حلمها فكان مصدر سعادة الى الآخرين ايضًا بحيث استعانت بسيدات لبنانيات لمساعدتها في الخياطة والعمل.

حقائب من «ورق»

أما المرأة الثالثة فكانت لها رؤية مختلفة، وهو حبّها للاعمال اليدوية، وقد اخذها ذلك الى عالم آخر. فبسبب متابعتها لاعمال يدوية مختلفة، تمكنت من احتراف وخلق افكار مميزة وفريدة لتحضير الحقائب النسائية من اوراق الجرائد والمجالات بدل من رميها. بالاضافة الى انتقاء نمط ورسم خاص لكل حقيبة بواسطة اختيار جهات ورسمات معينة في هذه الاوراق. وتعملت هذه الوسيلة من خلال متابعة الفيديوهات على الانترنت، والتعرف الى جميع الخدع والطرق.

ولفتت هذه المرأة الانظار من خلال حملها لحقيبة من تصميمها في احدى المناسبات. ومن هنا بدأت بتلقي الطلبات من جميع الفئات العمرية سواء مراهقات او النساء. وبهذه الطريقة تمكنت من تحويل الهواية، الى مهنة تميزها عن غيرها وتساعدها على اثبات نفسها في المجتمع، وتمكنها من التغلب على التحديات التي واجهتها.

من مطبخها المميز...

أما للضيافة والطعام اللذيذ التي يتمتع به الشعب اللبناني، دوراً اساسياً ايضًا في هذا المجال. «نفسها الحلو» بحسب الجيران والاصدقاء، شجعها على بدء مسيرتها في تحضير المقبلات والطعام، وبدل من تذوق الجيران والاقارب فحسب لأطباقها، اصبح الجميع يقصدها بحثاً عن «الاكل الطيب» الذي تحضره.

ولم تكن بحاجة الى رأسمال كبير ولا الى مكان خاص لتحضير طعامها، اذ لم يسمح لها وضعها المادي بإنشاء وتأسيس مطعم خاص، بل اختارت استثمار بيتها ومطبخها الخاص والمميز، لتلبية جميع الطلبيات، وتمكنت من بين هذه الجدران الصغيرة ايصال طعامها اللذيذ الى الكثيرين، وبأسعار مرضية. أما عندما تكون الطلبات كثيرة، فكانت تلجأ الى احدى السيدات في الحي لمساعدتها مقابل راتب رمزي، كما تحضر الطعام لعائلاتها ايضًا.

إذاً برهنت المرأة الرائدة لنفسها وللمجتمع انها قادرة من تمكين نفسها في جميع الادوار والقطاعات. واستطاعت خلق فرص لتحقيق طموحها واحلامها من موارد شبه موجودة، واموال شبه معدومة.

قصص هذه النساء هي عينة امام المجتمع الكبير الذي يتمتع بنساء رائدات يسعين الى تحقيق ولو جزء من احلامهن، وايجاد الحلول المناسبة مهما كانت الصعوبات كبيرة، من خلال تحويل المشكلة الصغيرة الى ما هو مفيد.