خيّب وليد جنبلاط يقين من ظنّ أنه سيفتح ناره المتعددة الاتجاهات في ذكرى والده المعلم كمال جنبلاط بعد أن أُخرج من المعادلة وبات حصين الجبل لا يغادره الاّ لماماً ولظروف إستثنائية تتطلب منه السعيّ الدؤوب لإتاحة قانون إنتخابي يعطيه ما أخذه من حصّة نيابية طيلة وجوده في قلب المعادلة السياسية .
 

كثف الاعلام المحلي من الشعارات التي سيطرحها وليد جنبلاط في خطابه التاريخي ولسببين متعلقين بصاحب المناسبة وبمبايعة ابنه تيمور وما يتطلب ذلك من توجيه رسائل متعددة لمن قتل كمال ولمن يسد الطريق أمام تيمور من خلال حصار انتخابي يحجم من دور الحزب التقدمي ويجعله أسير حجم طائفي ثمة من يرغب حتى بخرق هذا الحجم لصالح توازن درزي جديد .

إقرأ أيضا : أزمة جمهورية... سلطة فاسدة متحكمة ومعارضة تبحث عن ذاتها
لأن منطق جنبلاط مفاجىء فقد غير من مضمون وفحوى البيان الخطابي الذي سالم فيه الجميع وهادن من قتل ومن هدد الأسد في عرينه وطالب بالاستمرار بدفع فاتورة السلام والمصالحة كونها أربح من فواتير الحروب وأوصى تيمور بإكمال دور الشراكة والتعاطي الايجابي مع التيارات اللبنانية كافة .

إقرأ أيضا : كمال جنبلاط الوسطي في السياسات
أراد وليد جنبلاط أن يمهد طريق زعامة ابنه برصيد صفر مشاكل مع الجميع كي يتيح له فرص تثبيت دوره في المشهد اللبناني بتعاون الجميع معه خاصة و أنه مازال لين العريكة ويحتاج الى مرحلة هادئة وآمنة كيّ يمرّ بزعامته الإرثية دون مخاطر تهدد حركتها اذا ما ابتليت بصراعات مع حيتان الطوائف لا مع ديوك الطائفة الدرزية .
حاول وليد جنبلاط أن يدمج الماضي مع الحاضر ليصنع مستقبل تيمور فإعتمر كوفية كمال جنبلاط النضالية والفلسطينية والعربية والاشتراكية وألبسها لابنه تيمور بعد أن مسحها بتاريخ الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الوطنية ودمغها بالمصالحة الوطنية ومع المسيحيين تحديداً ومن ثم شبكها بالتحالف الثابت مع الحليفين الثابتين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري حيث رفع معهما أيادي التحالف لملاقاة تيمور في بداية طريقه السياسي .
لقد حشد وليد جنبلاط في المختارة وفي ذكرى والده كمال جنبلاط كل رصيده السياسي والشعبي والطائفي ليؤكد دور الحزب الموحد خلف تيمور في المرحلة القادمة من موقع هذا التمثيل ومن فضاء هذا التأييد القائم والداعم للمختارة من قبل طائفته ومن تبقى له من حلفاء وخاصة تيّار المستقبل الذي حرص على دعمه المباشر وبتوصية مباشرة أيضاً من قبل المملكة العربية بحيث حضر الرئيس سعد الحريري ليشد من أزر زعيم المختارة في مرحلة سُدت من أمامه كل نوافذ الضوء لوضعه في عتمة محاصرة لأي ضوء خارج حدود الزعامة الجنبلاطية .

 

حتى اللحظة يبدو أن وليد جنبلاط في عزلة كبيرة وما خطابه المهادن إلاّ دليل كاف على ظروف لا يُحسدُ عليها وبالتالي فإن إختياره للكوفية الفلسطينية بدلاً من العباءة الجنبلاطية دلالة رمزية على توسيع أفق تيمور ووضعه داخل الحركة النضالية التقدمية والتي ساهم فيها كمال جنبلاط وبقوّة ومن موقع طليعي وريادي جعله قائداً وطنياً إستثنائياً لبنانياً وعربياً ودولياً و رغم أن هناك ضموراً في الدور النضالي العربي والفلسطيني الا إن إعتمادها كثوابت حزبية من شأنها أن تجعل من الحزب و أن تبقيه حزباً اشتراكياً لا طائفياً كيّ يكون لتيمور دوراً أكبر من طائفة تماماً كما كان دور كل من جده و أبيه .

إقرأ أيضا : كمال جنبلاط و46 عاماً من النضال: أعرف متى سأموت
ثمّة من يعتبر أن وليد جنبلاط قد كبّر من مسؤولية ولده اليافع  وبالتالي فإن كوفية كمال جنبلاط أكبر من رقبة تيمور و أن العاطفة الجنبلاطية قد بالغت في دوافعها اتجاه وريث أصغر من أن يحمل أمانة كمال جنبلاط وثمّة من يعتبر أن تيمور هو  من الفئة العمرية التي كان عليها أبوه وليد لحظة إغتيال كمال جنبلاط وقد قيل آنذاك بأن وليد أعجز من أن يرث أبيه وسرعان ما أثبت جدارة في المسؤولية وكفاءة في حمل الأمانة التاريخية فهل يكون تيمور إبن أبيه كما كان أبوه إبن أبيه كمال جنبلاط ؟