لقد بات السياسيون في لبنان أبطال في التمثيل المسرحي والكذب السياسي فأغرقوا البلاد في بطولاتهم الوهمية على حساب الوطن والشعب
 

لا زالت مستودعات الطبقة السياسية الحاكمة تختزن الكثير من الكذب والمراوغة والخداع، وهي البضاعة الرائجة التي تستخدمها في كل مناسبة لعبور أي مطب يواجهها في الشارع من خلال إعتصام أو تظاهرة أو قطع طريق قد يلجأ إلى أي منها شريحة من المجتمع اللبناني للمطالبة بحق أو لتقويم اعوجاج. 
والكذب هو المادة الأكثر رواجًا في أوساط الطبقة السياسية وخصوصًا عندما يتباكون على معاناة الناس ويذرفون دموع التماسيح على حقوق الشعب المهدورة. 
ويتجلى الكذب بأبشع صوره خلال الجلسات النيابية أو الوزارية لمعالجة أي أزمة أو مشكلة إجتماعية تعني المواطن في تفاصيل حياته اليومية من لقمة العيش إلى حبة الدواء إلى الاقساط المدرسية إلى الإستشفاء إلى كافة الخدمات التي يحتاجها الناس من طرقات وبيئة واتصالات ونقل عام، حيث يتبارى السياسيون في المزايدات على بعضهم البعض وتبادل التهم وتحميل الدولة مسؤولية التقصير بواجباتها تجاه الشعب بعدما باتوا يتقنون فن الكذب ويجيدون أرفع درجات الخداع والدجل والتحسر على المواطن المظلوم على قاعدة الكذب ملح الرجال..... وكأن الدولة هي عبارة عن صندوق محكم الاقفال وعصي على الفتح لدرجة أن رجال السياسة ومعهم رجال الدين وكافة الأحزاب والتنظيمات والميليشيات ومن كل الطوائف والمذاهب وقفوا أمام هذا الصندوق عاجزين عن فك رموز الشيفرة الخاصة بفتحه بالرغم من أنه بات معلوما لدى الجميع ولدى القاصي والداني بأنهم هم الدولة والدولة هي هم أولئك الفاسدين واللصوص الذين يتاجرون بالبلد ويغامرون ب مستقبله. 

إقرأ أيضًا: الإصلاح قبل فوات الأوان
فمنذ سنة على وجه التقريب عندما فاحت روائح النفايات التي تكدست كالجبال في شوارع العاصمة وغابت الحلول لهذه المعضلة التي لم يعد لها مثيلًا في كافة أنحاء العالم وحتى في مجاهل أفريقيا فلا يوجد اثر لهذه المشكلة ولأمثالها، فقط في لبنان فإن النفايات شكلت أزمة وكادت أن تتحول إلى مشكلة وطنية مما إضطر لفيف من الشباب المثقف والواعي للمبادرة لرفع الصوت بوجه المسؤولين والمعنيين لإيجاد الحلول الناجعة لهذه الأزمة فتنادوا للإعتصام في الساحات العامة في العاصمة وأمام المجلس النيابي وهدفهم ليس أكثر من المطالبة برفع أكوام القمامة التي ملأت المكان لدرء الأخطار من أمراض وروائح كريهة ومشاهد تتقزز من رؤيتها أعين الناظر وخصوصًا السائح والمصطاف الذي لم يعتاد أن يرى مثلها في بلاده. 
فما كان من المسؤولين المعنيين بالأمر وبدل من الإسراع في المعالجة فإنهم رموا الكرة في ملعب السياسيين الذين دخلوا حلبة مصارعة الثيران وبدأوا بالتناطح فيما بينهم للفوز بصفقة معالجة النفايات، وحتى اليوم لم يهتدوا إلى الحل الجذري باستثناء بعض الحلول الجزئية التي لا تغني ولا تسمن مع توجيه الإتهام إلى الدولة بالتقصير ولم يجدوا سوى الحل الوحيد وهو الاتفاق فيما بينهم بالتكافل والتضامن متجاوزين كل خلافاتهم وتناقضاتهم لضرب هذه الحركة الشبابية المطلبية، وذلك بتحريك القوى الأمنية للاعتداء على البعض منهم بالضرب المبرح وايداع البعض الآخر في السجون بعد توجيه تهم ما أنزل الله بها من سلطان لهؤلاء تراوحت بين التعدي على الأملاك العامة والخاصة والإخلال بالنظام العام وتعطيل الحركة التجارية في العاصمة. 

إقرأ أيضًا: سعد الحريري وحيداً: الصادق الواضح وسط متلوّنين
ثم جاءت مسألة النفط والكل تفاءل خيرًا بهذه النعمة المدفونة في قعر البحر إلا أن الاشتباك السياسي انفجر بين الأطراف السياسية حول البلوكات ومن أين نبدأ بإستخراج هذه الثروة قبل أن تغزوها إسرائيل وتفتح منافذ لسرقتها من أعماق المياه وكل طرف يحاول سحب البساط إلى دياره ليكون البادىء في تذوق طعم البترول وحتى اللحظة لم يتم التوافق على تقاسم مغانم هذه المادة الحيوية متجاوزين مصلحة المواطن التي قد تخفف عنه الكثير من الأعباء فيما لو وصلت إيراداتها إلى خزينة الدولة. 
أما المعركة التي تدور رحاها اليوم في أروقة المجلس النيابي وفي قاعة مجلس الوزراء فهي مسألة إقرار سلسلة الرتب والرواتب حيث تم إقرار سلسلة من الضرائب تطال السلع الضرورية لذوي الدخل المحدود والفقراء من عامة الناس ولم يتم إقرار السلسلة. 
لكن الأنكى من ذلك فإن الناس لا زالت تأمل خيرا وتعيش تحت وطأة الوعود الكاذبة والأمل بإمكانية الإصلاح وهم كمن يطلب الدبس من طي..... النمس.