نشرت صحيفة "تسايت" الألمانية تقريرًا؛ تحدثت فيه عن الاستراتيجية العسكرية للإدارة الأميركية الجديدة، خاصة أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب كان قد أعلن عن الزيادة في النفقات العسكرية وأنه سيسعى إلى تحقيق النصر في الحروب.

وقالت الصحيفة في تقريرها، إن كل الرؤساء الأميركيين السابقين خاضوا حروبا خلال فترة ولايتهم. وتنذر العديد من المؤشرات بأن ترامب سيواصل هذا النهج، حيث إن ترامب أعلن منذ تنصيبه بشكل رسمي، عن رغبته في أن يقود بلاده إلى انتصارات جديدة عبر الاعتماد على سياسة التسليح.

وفي هذا السياق، قال ترامب قبل أسبوعين: "إنني معتاد منذ أن كنت طالبا على مشاهدة انتصارات الولايات المتحدة الأميركية. أما في الوقت الراهن، خسرت بلادنا معظم الحروب، وبالتالي يجب علينا أن نعود إلى سابق عهدنا وننتصر خلال الحروب". ولكن يبقى السؤال المطروح هو: كيف ستكسب الولايات المتحدة الأميركية المزيد من الحروب؟

وأضافت الصحيفة إن طموحات ترامب العسكرية تجسدت من خلال الإعلان عن الزيادة في النفقات العسكرية بمبلغ يناهز 54 مليار دولار، وذلك بقصد تصنيع المزيد من الدبابات العسكرية وحاملات الطائرات والقنابل النووية. في المقابل، أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة عن رغبتها في التقليص من الأموال المخصصة للسلك الدبلوماسي والمنظمات الدولية، إلى جانب نفقات التنمية وحماية المناخ.

وبينت الصحيفة أن ترامب يسعى إلى القطع مع الاستراتيجية الحربية المعتمدة منذ حرب فيتنام، إذ إن معظم القيادات العسكرية الأميركية تعتقد أن الصراعات المسلحة تعود للعجز عن حل المشاكل السياسية التي لا تحل إلا عن طريق العنف. في المقابل، كانت معظم التدخلات العسكرية الأميركية في السابق، تهدف إلى إنقاذ الشعوب على غرار الحرب العالمية الأولى والثانية وحرب كوسوفو.

وبينت الصحيفة أن نوعية الحروب تغيرت، من حروب بين الدول إلى عمليات عسكرية سرية، على غرار الغارات باستعمال طائرات دون طيار التي كانت تعتمدها الإدارة الأميركية خلال عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

وأوضحت الصحيفة أن الإدارة الأميركية الجديدة تريد أن تسترجع أمجاد الحرب العالمية الثانية، التي كانت تعدّ من أعظم انتصارات الجيش الأميركي. من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى أخذ العبرة من حرب فيتنام التي كانت أشبه بحرب عصابات انتهت بانسحاب القوات الأميركية.

ومعظم الحروب أصبحت غير متكافئة أو تنتهي بفوز الأقوى، حيث باتت تتضمن استنزاف قوى الطرف القوي من قبل الطرف الأضعف.

وأفادت الصحيفة أن العديد من المؤشرات تدلّ على أن ترامب قد يشن ثلاثة حروب. فمن المرجح أن يتم التصعيد في الصراع حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية، فضلا عن إعلان ترامب عن رغبته في دحر تنظيم "داعش". بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تهديد الرئيس الأميركي بإلغاء الاتفاق النووي في أي وقت إلى شن هجمات على المنشآت النووية الإيرانية.

وأكدت الصحيفة أن ترامب يمكن أن يشن حربا ضد كوريا الشمالية التي لم تتوان عن استعراض قدراتها النووية، عبر إجراء اختبارات الصواريخ كلما سنحت لها الفرصة. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأميركية كانت قادرة في السابق على قصف المنشآت النووية الكورية، إلا أن أي هجوم على المنشآت النووية لكوريا الشمالية قد يتحول إلى صراع مباشر مع الصين.

كما يعتبر برنامج التسليح الذي أعدته الولايات المتحدة الأميركية دليلا قاطعا على استعداد ترامب لمواجهة عسكرية كبرى، خاصة أن الصين التي كانت في السابق دولة فقيرة، أصبحت اليوم قوة نووية لا يستهان بها. وفي هذا الإطار، يجب علينا أن نطرح السؤال التالي: ما هي الانعكاسات الاقتصادية المحتملة لأي مواجهة أميركية مع قوة اقتصادية وتكنولوجية بحجم الصين؟

وبينت الصحيفة أن الإدارة الأميركية الجديدة تعتبر سوريا أرض معركة، ما دفعها إلى تعزيز وجودها العسكري هناك. كما يستعد البنتاغون إلى إرسال المزيد من القوات العسكرية للمنطقة، بهدف إعداد العدة لمواجهة تنظيم الدولة.

ولكن، يبدو أن الإدارة الأميركية لا تعي مدى صعوبة هذه المواجهة متعددة الأقطاب، إذ إن ترامب أرسل قواته العسكرية لمنطقة وعرة وأكثر تشعبا من العراق. وفي هذا الإطار، قال السفير الأميركي السابق بدمشق، روبرت فورد، إن "هذه المهمة محفوفة بالمخاطر".

وأردفت الصحيفة أنه على الرغم من التهديدات التي أطلقها ترامب والمتعلقة بإلغاء الاتفاق النووي الإيراني، إلا أنه لم يتخذ حتى اليوم قرارات ملموسة. ومن المرجح أنه يسعى إلى فرض المزيد من الضغوط والعقوبات على إيران كي يجبرها على المبادرة بإلغاء هذا الاتفاق.

وأكدت الصحيفة أن معظم الخبراء العسكريين يرجحون أن تتعاون كل من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، بمساندة بعض الدول الخليجية، على نزع الأسلحة النووية الإيرانية. وقد أعرب ترامب عن مساندته لهذا التعاون المحتمل، واعتبره اتفاقا مهما للغاية ومثمرا، نظرا لأنه سيقلص من النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت الصحيفة، إن هذه الحروب الثلاث المحتملة، قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد، خاصة أن ترامب يمكن أن يخوض حربا كبرى مجهولة العواقب في أية لحظة.

(عربي 21 - تسايت)