هل تنجح السعودية في إقناع الصين باختيارها شريكاً بدلاً من إيران؟
 

المشروعات السعودية في المالديف تواجه بعض المعارضة. فجمعية "شفافية المالديف" وهي الفرع المحلي لـ"الشفافية الدولية" طالبت حكومتها بنشر خططها للجزر المرجانية الـ19 جنوب العاصمة، بعد تصاعد احتجاجات معارضة للاستثمار السعودي وإدعاءات بفساد كبير يرافقه. علماً، يقول الباحث الآسيوي نفسه، إن المملكة، قامت في السنوات الأخيرة بتمويل مؤسسات دينية مالديفية، وقدّمت منحاً تعليمية للطلاب الذين يريدون متابعة دروسهم الدينية في الجامعات السعودية المحافظة في مكّة والمدينة. ودفع التمويل المالديفيين نحو عدم التسامح والتديّن العلنيين. ولم تعد الاحتفالات العامة وحفلات الرقص المختلط وأزياء البحر الغربية مقبولة إلا داخل المنتجعات السياحية الغالية. وبذلك حقّق السعوديون نجاحاً طيباً في نشر رؤيتهم بين المالديفيين. وقد توصلوا اليوم الى اقتناع بأن مملكتهم تحظى بتعاطف يسمح لها بموطئ قدم في بلاد هؤلاء. هذا على الأقل ما يقوله المعارض المنفي محمد نشيد.
ماذا ستجني السعودية من القوة الناعمة التي اكتسبتها في المالديف؟
يعتقد الباحث الآسيوي نفسه أنها وسيلة لإقناع الصين بأن السعودية هي "الوصل الأساسي" لمبادرة بيجينغ "حزام واحد وطريق واحدة" من خلال بنية تحتية مموّلة صينياً. ويشير الى أن زيارة الملك سلمان الحالية للمالديف سبقتها عام 2014 زيارة مماثلة قام بها الرئيس الصيني، وأعلن خلالها قرار بيجينغ بناء "جسر الصداقة" الذي يربط الجزء الشرقي من عاصمتها "مال" بالزاوية الجنوبية من جزيرة "هولهول" حيث يقع المطار الدولي، والذي تبلغ كلفته 210 مليون دولار أميركي. الى ذلك وافقت الصين على بناء مدرج طيران ومرفأ في جزيرة تدعى "لامو". وهذا المرفأ سيكون "لؤلؤة" في "صف الجُزر الصيني" الذي أسسته بين جيبوتي وباكستان وسريلانكا، هذا فضلاً عن تطوير مدينة صناعية مجاورة للمطار العُماني في "دُقم" تبلغ كلفته 10,7 بليون دولار أميركي أيضاً.
وفي هذا المجال يلفت الباحث نفسه الى أن تركيز بيجينغ والرياض على القواعد العسكرية التي تريدان إقامتها في المنطقة المذكورة أعلاه، بدأ يخيف قوة إقليمية كبيرة هي الهند التي صارت تخشى تحوّل أرخبيل بكامله قاعدة عسكرية كبيرة ومتنوّعة. وتدعي الاستخبارات الهندية أن مئات المالديفيين انضموا الى "الدولة الاسلامية" في سوريا زارعة بذلك الخشية من تكوّن مجموعة إرهابية غير بعيدة من بلادها. والخوف أو التخويف من غَرَق الجُزر الـ19 الذي أثاره دائماً المعارض المنفي المالديفي نشيد، بدأ يحل مكانه قلق من غرقها في التنافس الإقليمي ومن تحوّلها "كرة" يستخدمها المحافظون المتشدّدون لتهديد العظمة السعودية والخطط الصينية.
هل تنجح السعودية في إقناع الصين باختيارها شريكاً بدلاً من إيران؟
يعتبر الباحث الآسيوي نفسه أن إقدام وزارة الخارجية الأميركية، قبل زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز بيجينغ، على فرض عقوبة مالية على شركة "ZTE" قيمتها 1,19 مليار دولار لخرقها العقوبات على إيران وموافقتها على دفعها، وعلى التحقيق مع شركة Huawei للسبب نفسه، يعتبر أن ذلك حصل في وقت مناسب جداً للسعودية. ذلك أن هدف زيارة مليكها (بدأت قبل يومين)، هو تقوية العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين الدولتين وإقناع الصين بأن بلاده هي الحليف الاقليمي الأكثر فائدة لها لا إيران. لكن وزير الخارجية الصيني قال قبل أيام من الزيارة الملكية السعودية، وبعد قرار العقوبات والتحقيق على الشركتين المذكورتين أعلاه، إن بلاده دولة صديقة للسعودية وإيران. وحضّهما على "حلّ المشكلات القائمة بينهما عبر مشاورات ودّية ومتساوية" وعرض القيام بدور توسطي بينهما. وعملياً الأمل في وساطة صينية ناجحة ضئيل بسبب التنافس الشامل بين الرياض وطهران وأمل الأولى في سياسة أميركية أشدّ وأقوى حيال إيران. فضلاً عن أن معاقبة أميركا شركات صينية لا بد أن تعقّد علاقاتها مع واشنطن التي بدأت تتعقّد خلال ولاية أوباما الثانية ومفاوضاتهما حول التجارة.
طبعاً، يستدرك الباحث الآسيوي نفسه، "تريد الصين دفع العلاقات العسكرية مع السعودية الى مستوى جديد" استناداً الى وزير خارجيتها في آب الماضي. لكن الميزة الاستراتيجية لإيران واضحة جداً في التنافس الشامل لتشكيل الهندسة المستقبلية للطاقة في "أوراسيا". وبذلك تكون إيران محورية لنجاح الصين في خططها العابرة دولاً وربما قارات، في حين أن السعودية ليست كذلك.