بعد إنتهاء حركة 14 اذار وانتهاء مفاعيلها السياسية هل ما زال لبنان بحاجة إلى حركة من هذا النوع؟
 

لم يعد يوم 14 أذار يومًا عاديًا في تاريخ لبنان، ولا هو حالة ظرفية مضى عليها الزمان، بل لا يزال هذا اليوم عنوانًا دائمًا لمشروع العبور إلى الدولة، وعنوانا دائما لقضايا السيادة والحرية والإستقلال والتي يحتضنها مشروع واحد هو مشروع الدولة المستقلة عن كل المهاترات الحزبية والطائفية والمذهبية والفئوية.
شكلت 14 أذار حالة قادرة على التغيير، ونجحت في اختراق الواقع اللبناني المليء بالطائفية والمذهبية والحزبية، والمليء بالتناقضات السياسية والمصلحية، وأسس هذا اليوم برمزيته بعودة الروح الوطنية وعودة الهوية الوطنية الواحدة التي تجمع كل الشعب اللبناني تحت يافطة واحدة إسمها الوطن والدولة والدستور.
شكل هذا اليوم في وجدان الشعب اللبناني الولاء الوطني والإنتماء للدولة والإقتناع بالآخر وإحترام القيم الوطنية والمقدسات والأديان تحت رعاية الدولة والقانون.

إقرأ أيضًا: 14 آذار: ذكرى باقية لشهدائها لكنها يتيمة
ومع إنتهاء المشهدية السابقة لحركة 14 أذار نتيجة المتغيرات السياسية التي حصلت في لبنان والمنطقة فإننا نتطلع إلى إطار جديد يستعيد فيه الشعب اللبناني قدرته على التوحد من أجل وطنه ودولته ومطالبه، كمشهد جديد يشبه 14 أذار 2005 يوم خرج اللبنانيون جميعهم بوجه الوجود السوري، وقالوا كلمتهم بحرية وكرامة وتركت هذه الكلمة صداها في عمق التاريخ والمستقبل وحققوا من خلالها أهم الاهداف التي سعى إليها لبنان الحديث .
وحيث فشلت 14 أذار في المحافظة على تشكّلها وحركتها فإن لبنان ما زال بحاجة الى استلهام هذه الروح يوم وقف نصف الشعب اللبناني ضد الوجود السوري وحقق ما عجز عن تحقيقة كل الطاقم السياسي الذي حكم البلاد في تلك الفترة، لبنان ما زال بحاجة الى هذه الروح الوطنية العالية التي شكلت فرصة جدية وتاريخية لرفض الوصاية السورية على لبنان التي استمرت لمدة ثلاثين عامًا.

إقرأ أيضًا: في ذكرى 14 اذار لبنان بحاجة إلى ثورة جديدة !!
وحيث أنهت الإنقسامات الحزبية والسياسية والطائفية حركة 14 أذار فإننا نتطلع اليوم إلى أن تتشكل كل تلك القوى من جديد لخلق فرصة جديدة وجدية لتجمع جديد يؤمن بلبنان الواحد ويضع مصالح الوطن فوق كل إعتبار بعيدا عن الطائفية والمذهبية والمصالح الحزبية الضيقة التي قضت على ما كان، تجمّع يعبّر تعبيرًا حقيقيًا عن الإيمان بالوطن والدولة، ويرفض مبدأ الدويلات والزعامات، ومن مبادئه الركون إلى الوطن الواحد وإلى الدولة الواحدة كضمانة وحيدة للتاريخ والمستقبل، ويشكل القاعدة الأساسية للنهضة الفكرية والسياسية على الواقع الأليم الذي يمعن في الوطن قهرًا وتمزيقًا.
نتطلع اليوم إلى إعادة إنتاج حركة قادرة على تلبية حاجات المجتمع اللبناني بعيدًا عن المحاصصات السياسية والطائفية حركة تؤمن بلبنان التنوع، حركة تؤمن بالشعب اللبناني وقدرته على التغيير حركة لا تتخلى عن مبادئها عند أول إنعطافة سياسية أو حدث سياسي أو محاصصة سياسية.
وفي هذه المناسبة ندعو جميع النخب الفكرية والثقافية والإعلامية والسياسية المستقلة إلى إعادة إنتاج حركة وطنية شاملة عنوانها المحافظة على دولة القانون والمؤسسات في وجه الفساد والحزبية السياسية المقيتة.