من نكد الزمان على لبنان أن صبية القوم وأراذلهم هم من يحكمونه وكأن البلد خلا من الرجال الأفذاذ والجهابذة وأصحاب الضمائر الحية
 

كانت بيروت أم الشرائع وأضحت أم الرذائل والفضائح وبيوت الإستقلاليين الكبار تحولت إلى بيوت للعهر والفجار. 
وإذا كنت أتجنب الغرق أو الدخول في لعبة أسماء الرجال العظام الذين عرفهم بلدي منذ ما قبل الإستقلال وإلى عهد قريب مضى وهم كثر وأكثر ممن نتصور ولكن ذلك لا يمنع من التساؤل، أين نحن من عظمة هؤلاء الكبار ومن عطاءاتهم ومن نهجهم الوطني ومن تضحياتهم التي بلغت في الكثير من الأحيان حد تضحية البعض بأنفسهم وأرواحهم على صخرة حماية البلد وصيانته من الغدر والاطماع والحسد وسالت دماء البعض الآخر على مذبح حرية هذا الوطن الصغير والحفاظ على إستقلاله وعدم الإرتهان للغريب الوافد لإحتلاله وإستغلاله وتشتيت أهله وتمزيقهم فرقًا وشيعًا متناحرة ومتنافرة والأطباق على خيراته ومقدراته ونهب ثرواته وزرع الفتنة بين سكانه لأذلالهم وإمتهان كراماتهم؟ 
من حقي أن أسأل أولئك الذين تسلقوا مواقع السلطة بقوة الأمر الواقع وإعتلوا مناصب الحكم بإسم الدين وبأسم القانون وبأسم الدستور وبإسم الميثاقية، أين هم من الدين ومن القانون ومن الدستور ومن الميثاق؟ 
فأي دين يبيح حماية الظالم وتشريد المظلوم؟ وأي دين يختزن تشريعًا لجمع الثروات الطائلة وكنز الذهب والفضة وإمتلاك العقارات والمباني والمصالح والشركات وتكديس الأرصدة من مختلف العملات في المصارف والبنوك المحلية والخارجية والممنوع الكشف عنها تحت قانون السرية المصرفية؟ فيما الشعب يعاني ويكابد للحصول على رغيف خبز يجنبه الموت جوعًا وعلى حبة دواء يدرأ بها خطر الأوبئة والأمراض القاتلة؟ 

إقرأ أيضًا: عون رئيسا للبنان ام لحزب الله ؟
فالتاريخ لم يحدثنا ولم نقرأ في كتب الأولين أن خاتم الأنبياء النبي محمد (ص) وقبله عيسى بن مريم عليهما السلام ومن إهتدى بهديهما وإتباعهما من القديسين والأوصياء وممن سار على نهجهم أنه جمع ثروة في حياته وإقتنى لنفسه ولأهله ولعياله وأولاده او كدس في خزائنه شيئا من الدولارات - عفوًا من الدنانير والدراهم - أو أنه أوصى بشيء من متاع الدنيا وحطامها لورثته، بل أننا لا نزال نسمع أصداء صوت علي بن أبي طالب عليه السلام تتردد في أرجاء المعمورة حين قال في أحد خطبه "هيهات ان يغلبني هواي ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع، أنا أقنع من نفسي بأن يقال هذا أمير المؤمنين ولا اشاركهم في مكاره الدهر او أكون أسوة لهم في جشوبة العيش. فما خلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها.... تكترش من اعلافها ......! "
وأي قانون أباح للمكونات الحاكمة الاتفاق بالتراضي فيما بينها على تقاسم مغانم المرافق العامة؟ من المرفأ إلى المطار إلى الأملاك البحرية إلى مجلس المهجرين إلى مجلس الجنوب إلى كافة المرافق الأخرى ووضع اليد لنهب مواردها المالية وحرمان خزينة الدولة من هذه الموارد؟ 
ومن حقنا أن نسأل أي ميثاق أعطى الحق لثلة من كل طائفة مصادرة قرار الطائفة والتحكم بمصيرها والإختباء خلف متراس المطالبة بحقوق هذه الطائفة وشحن النفوس بالاحقاد وتحريك رواسب المذهبية البغيضة لأهداف وغايات رخيصة تنحصر بمصالح شخصية من سلطة وجاه ومال لا تتعدى حدود أشخاص معدودين ولفيف من الأبناء والأنساب والأقارب، فيما باقي أفراد الطائفة تئن من المظلومية والفوضى والفلتان فضلًا عن المعاناة والفقر والجوع؟ 

إقرأ أيضًا: إيران تحصد الخيبة في سوريا.
وأي دستور أعطى الحق لأقزام السياسة التحدث بقوانين إنتخابات نيابية حديثة وعصرية فيما التاريخ يشهد لهؤلاء بخيانة الأمانة وهدر المال العام وسرقة أموال الشعب من وراء الصفقات المشبوهة كصفقة الباخرة التركية فاطمة غول لتزويد التيار بالطاقة الكهربائية والتي شكلت عبئًا كبيرًا على خزينة الدولة دونما أي فائدة؟ 
فمن حق أي مواطن أن يصرخ وبالفم الملان أن قانون الانتخابات يضع نصوصه ثلة من الخبراء والأساتذة وذوي الاختصاص والكفاءة والمشهود لهم بالنزاهة، وليس أولئك الذين يفصلون قوانين على مقاساتهم وإن إقرار سلسلة الرتب والرواتب لا يتم بالإعتداء على لقمة عيش المواطن! 
فالبلد قارب على شفير الإنهيار وحكامه لا زالوا مختلفين على جنس الملائكة.