نقطتان أساسيتان في الشكل، لا بد من التوقف عندهما في مسألة إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ترشيح الدكتور فادي سعد عن المقعد النيابي في البترون. النقطة الأولى، توقيت هذا الإعلان، وجعله منفرداً، من خارج رزمة الترشيحات القواتية في كل المناطق، والنقطة الثانية غياب القواتي العتيق، ونائب القوات في القضاء منذ العام 2005 أنطوان زهرا. لدى سؤال المعنيين عن سبب غياب زهرا، تأتي الإجابة بأن مشاركته في اجتماع اللجان النيابية المشتركة هو الذي منعه من الحضور، فيما آخرون كرروا ما قاله جعجع ثلاث مرات في كلمته، بأنه غاب لأسباب خاصة.

لزهرا حضوره وتأثيره وقدرته التجييرية التي لا يوازيه فيها أحد في البترون. بالتالي، فإن غيابه عن اللائحة سيحرمها كثيراً من الأصوات، وإذا لم يصب ذلك لمصلحة الخصوم إلا أنه سيخفف حماسة القواتيين.

في التوقيت، فإن جعجع أراد إيصال أكثر من رسالة في هذا الشأن، أولاً استباق حجز مقعد في البترون عبر إعلان مرشّحه، وثانياً ما جاء بعيداً من الإعلام، إذ تلفت المصادر أنه بعد إطفاء كاميرات التصوير، توجه رئيس القوات إلى كوادره ومحازبيه البترونيين، قائلاً: "لا أحد يستطيع ان يفرض علينا التحالف مع أي طرف في البترون، أو من سيكون مرشحنا في هذه المنطقة، نحن من نقرر ذلك، ونحن نقرر تحالفاتنا، وإذا ظن أحد بأن أبواب تنورين مقفلة بوجهنا فهو مخطئ، ونحن والنائب بطرس حرب هناك تحالف استراتيجي، ومعارك مشتركة خضناها معاً، منذ قرنة شهوان إلى 14 آذار.

ماذا يعني هذا الكلام؟ قد يكون من المبكر الغوص في تفاصيله، والخروج بستنتاجات في شأنه، لكن الأكيد أن جعجع أراد إيصال رسالة مزدوجة، بجانب منها إيجابي إلى النائب بطرس حرب وجمهوره، والجانب الآخر سلبي إلى التيار الوطني الحر وعلى رأسه الوزير جبران باسيل، وذلك رداً على ما تتعرض له القوات من محاولات تهميش على يد التيار. وهذا الكلام، في حال استمر بالوتيرة نفسها، فإن الأمور لن تقف عند هذا الحد، إنما ستتخذ منحى تصعيدياً بين الطرفين. وذلك قد يقود إلى التحالف مع حرب ضد باسيل في البترون.

ويعني ذلك أيضاً أن ورقة النوايا بين التيار والقوات سقطت على أبواب البترون. هذا الكلام، بحسب ما علمت "المدن" وصل إلى وزارة الخارجية، حيث ردّ عليه باسيل بطريقة غير مباشرة وعبر إحدى قنوات التواصل مع القوات بالقول: "أنت لست شريكاً بالعهد، وأن كنت مضطراً إلى السير في انتخاب عون للرئاسة". لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ما وصل إلى القوات يفيد بأن هناك تواصلاً بين باسيل وقيادة التيار مع بعض المعترضين القواتيين في بشري، والذين رشحوا لائحة معارضة للائحة التي دعمها جعجع في الانتخابات البلدية. وقد يؤدي هذا التواصل إلى ترشيح شخص، في وجه النائب ستريدا جعجع، ويتردد إسم سعيد الطري طوق، لهذه المعركة.

لا شك أن هناك استياءً لدى الجمهور القواتي، مما يجري. وهذا الصوت الاعتراضي، منذ التحالف مع التيار وممارسات باسيل بدأ يتعالى. وربما سيضع جعجع أمام استحقاقات عديدة، أولها العمل لإعادة شد أواصر القواتيين.

وإذا لم يحصل التحالف القواتي العوني في البترون وبشري، فإن ورقة النوايا تسقط بعيداً من المواقف النظرية. وبذلك تكون مقولة "أوعا خيك" انهزمت مقابل معادلة قايين وهابيل، أي الأخ الذي قتل أخيه. لا شك في أن البحث عن ترقيع ورقة النوايا جار، لكن دونه صعوبات وعقبات كبيرة، في ظل المواقف الأخيرة في السياسة والإدارة.

لدى شروع جعجع في إعداد ورقة النوايا والتحالف مع التيار، ثمة من أشار إلى أن الرجل يطمح إلى وراثة عون وتياره سياسياً، والتوسع أكثر في الشارع المسيحي، لكن عهد عون وعلى يمينه باسيل، لا يجد فرصة إلا ويصر خلالها على تحجيم القوات ومحاصرتها، ليقول أحدهم: "باسيل هو من يرث القوات وليس العكس".