لا تؤكد معلومات القريبين أنفسهم من حزب الله مشروعه الخاص لقانون الانتخاب.
 

 علماً أن جهات سياسية عدّة لا تصدّق ذلك. لكن هؤلاء يلفتونها الى مشروعه الأساسي المعروف والمرتكز على قاعدتين هما: لبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النسبية الشاملة. وينطلقون من ذلك ليقولوا إن "الحزب"، وبعدما "استتبّ" الوضع له في لبنان "نسبياً" جرّاء النجاحات لا الانتصار النهائي التي حققها ومحوره الإقليمي في سوريا، يفضّل أن يكون دوره دفع حلفائه وأخصامه اللبنانيين الى الاستمرار في الحوار والتفاوض على مشروع قانون انتخاب يرضيهم كلهم. إذ من شأن ذلك مساعدته لتوظيف "النجاحات" في الداخل أولاً لإبقاء التفاهم العام السائد والاستقرار السياسي الذي أدى إليه. وثانياً لتعزيز الاستقرار الأمني بابقاء الجبهة الداخلية موحّدة ضد "الإرهاب التكفيري". وثالثاً لتعبيد الطريق التي شقّها من زمان وإن بالتدريج، والتي توصله و"شعبه" في اعتقاده الى صيغة حكم ونظام تحميهما وتحفظ دورهما الفاعل بغض النظر عن أي تطوّر سلبي قد يحصل في سوريا، التي لا تزال الحرب العسكرية فيها كرّ وفرّ وكذلك الحرب السياسية التي تخوضها فيها الدول الكبرى في المنطقة والعالم.
إلا أن معلومات هؤلاء القريبين، وعمرها أسبوع أو أكثر قليلاً، تشير الى اقتناع قيادة "الحزب" بأنه لا يزال هناك مجال للبحث في قانون الانتخاب. وتفيد أن المشكلة هي وجود خلاف دائم وكامن بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل، وانفجار هذا الخلاف أحياناً، إذ أن الوزير انفعالي "ويبق البحصة" في استمرار والرئيس لا يسكت بل يردّ عليه دائماً. والاثنان حليفان لـ"الحزب"، وفي هذا المجال فإن الأسئلة التي تطرح هي: ما جدّية الأخبار التي بدأ يرميها أخيراً "التيار الوطني الحر" (العوني) عن حوار ناجح مع "حركة أمل"، وعن توقّع توصلهما الى "تفاهم" على غرار "تفاهمه" مع "حزب الله" المستمر منذ 2006؟ وهل الافصاح عن الحوار يرمي فعلاً الى تبريد الأجواء مع "أمل" ودفعها الى التخلّي عن تشدّدها؟ وهل "الكيمياء" غير "الراكبة" بين مؤسس "التيار" وخلَفه في رئاسته وتالياً في الرئاسة الأولى والرئيس برّي "ستركب"؟ علماً أن البعض يتساءل لماذا الاهتمام بإنجاز تحالف مع "الثنائية الشيعية" وإهمال السنّة؟ وهل مطلوب منهم الانضمام فقط؟
أما في موضوع قانون الانتخاب فإن المعلومات نفسها تؤكد ان "المشروع الارثوذكسي" انتهى. لكن البحث بين الاثنين عبر "اللجنة الرباعية" الطيبة الذكر لا يزال مستمراً، واحتمال التوصل الى تسوية حول "قانون الانتخاب" قبل الوصول الى "المهل القاتلة" لا يزال وارداً أو ممكناً. والبحث يتركّز الآن على "مشروع" قديم – جديد تجري الانتخابات النيابية بموجبه على مرحلتين. الهدف من الأولى "تأهيل" المرشحين الذين يحق لهم الاستمرار في الترشيح في المرحلة الثانية. ويتم ذلك باجراء انتخابات أكثرية على أساس القضاء كدائرة. ولا أحد يعرف حتى الآن اذا كانت ستعتمد "الارثوذكسي" أي كل منتمٍ الى مذهب ينتخب المرشح الذي يماثله في الانتماء أم لا، لكنّ الخلاف في المرحلة الأولى يدور على نسبة التأهيل. فتيار "المستقبل" يصرّ حتى الآن على اختيار الأول والثاني الحائزَيْن على أعلى الأصوات. و"التيار الوطني الحر" يتمسك بنسبة تأهيل مرتفعة تبلغ 20 في المئة. أما "حزب الله" فيفضّل نسبة أقل أي بين 5 و10 في المئة لتوسيع دائرة الاختيار أمام الناخبين في المرحلة الثانية. أما المرحلة الثانية فهي التي يُنتخب فيها "نواب المذاهب والطوائف لا الأمّة" كما ينص الدستور من بين الذين "تأهّلوا". وهي ستكون محكومة بقانون مختلط ذي دوائر أوسع (المحافظة) يُعتمد في بعضها النظام النسبي وفي بعضها الآخر النظام الأكثري.
طبعاً لم يتم التوصل الى اتفاق على هذا القانون حتى الآن. ولا يزال "الحزب" يسعى من خلال "اللجنة الرباعية" وخارجها الى اقناع "الرئيس" باسيل بقبول الاقتراح التأهيلي لـ"المستقبل" مبدئياً ومتابعة البحث. وهو على اقتناع بأن لبنان لم يصل حتى الآن الى الوضع الآتي: لا قانون انتخاب ولا انتخابات على أساس قانون "الستين"، وفراغ نيابي محتّم.
في النهاية يتساءل "الشباب" لماذا يتجاهلهم كلياً نوّابهم وأحزابهم وطوائفهم ومذاهبهم، بل لماذا نسوا مطلب خفض سن الاقتراع الى 18 سنة الذي رفعوه مرات عدة سابقاً؟ ولماذا ركّزوا فقط على "الكوتا النسائية" في مجلس النواب وهي حق للنساء ونسوا حق هؤلاء الشباب؟ علماً أن الأمل في تغيير حقيقي يقرره أصحاب الحقّين المذكورين.