خلافاً لكل الوعود التي سبقت التسوية الرئاسية، وتجاوزاً للزيارة الاولى التي قام بها الرئيس ميشال عون الى المملكة العربية السعودية، لا يبدو أنّ الحسابات كانت متطابقة في توقّع خطوات عون إزاء العلاقة مع دول الخليج العربي، وفي الموقف من سلاح «حزب الله».لم تكد تنتهي زيارة عون الى السعودية حتى أشعل «حزب الله» العلاقة مع السعودية، بكلام اعتبر نسفاً لكل نتائج زيارة السعودية، وبَدا أنّ هذا الكلام قد أخذ في الرياض على أنه عود على بدء، وأنه ينفي حصول أي تغيير بعد انتخاب عون، الذي طرح قريبون متفائلون منه، قبل زيارة السعودية، أن يقوم بدور الوساطة بين طهران والرياض.
 

ما تسرّب من معلومات قبل إطلاق رئيس الجمهورية موقفه من سلاح «حزب الله»، انّ ما قيل لم يكن مجرّد ترداد لأدبيات اعتاد قولها من الرابية، بل كان بطلب مباشر من الحزب.

وتذهب المعلومات الى القول إنّ لقاء حصل بين عون والأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، قبل مقابلة الـ«سي بي سي»، حيث طلب من رئيس الجمهورية إصدار موقف من سلاح «حزب الله»، في توقيت يعتبره الحزب حسّاساً ودقيقاً على وَقع التهديدات والتهديدات المضادة في المنطقة، ويهدف الحزب من خلال طلب إصدار هذا الموقف إلى إيصال رسالة واضحة الى المجتمع الدولي بأنّ موقفه وموقف الدولة اللبنانية متطابق في قضية السلاح.

وفي المعلومات انّ اجتماع السفراء الغربيين الذي شهد احتجاجاً على مواقف عون، كان مقدمة لحركة ديبلوماسية داخل أروقة الامم المتحدة، ستظهر نتائجها في التقرير الذي سيصدر عن الأمين العام للأمم المتحدة حول تطبيق القرارين 1701 و1559، وسط مطالبة بإعادة النظر في مهمة قوات «اليونيفيل» العاملة في جنوب لبنان.

ويصف ديبلوماسيون في الأمم المتحدة القرار 1701 بأنه القرار الأكثر كلفة مالياً الذي تتحمّله الأمم المتحدة، بما يتضمن من نفقات لتغطية مهمة قوات «اليونيفيل». ويضيف هؤلاء أنّ هذه القوات لن يكون استمرارها مُجدياً، ما دام رئيس الجمهورية يغطّي سلاح «حزب الله» ويُطلق مواقف تتناقض مع القرارات الدولية، ويتوقعون ان تكون مهمة مندوب لبنان في الامم المتحدة صعبة للحفاظ على «اليونيفيل».

في كل الحالات ينتظر الجميع القمة العربية التي ستعقد في أواخر آذار، وستشكّل مناسبة للقاء عربي على مستوى القادة. فماذا سيكون موقف رئيس الجمهورية في البيان الختامي الذي يتوقع أن تطالب دول الخليج العربي بأن يكون متشدداً في حق إيران وتدخّلها في المنطقة، كذلك في حق حلفائها، من «حزب الله» الى الحوثيين الى النظام السوري؟ وهل سينأى الموقف اللبناني بنفسه؟

أم سيتخذ موقف مواجهة الاجماع العربي، علماً انّ التجارب السابقة، خصوصاً في اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب، أدّت إلى مزيد من التباعد بين لبنان ودول الخليج العربي التي تخوض مواجهة مع إيران وحلفائها؟

والسؤال الآخر عن طبيعة الوفد اللبناني، وتحديداً عن مشاركة الرئيس سعد الحريري في الوفد، وما إذا كانت هذه المشاركة ستبلور موقفاً لبنانياً متوازناً في القمة، يسمح باستئناف إصلاح العلاقة اللبنانية ـ الخليجية واللبنانية ـ العربية؟.