اختتمت أمس الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف السورية بتحديد جدول لأعمال الجولة المقبلة، بما في ذلك تحديد «السلال» التي ستتم مناقشتها بين الوفود. والاتفاق على هذه السلال يُعتبر بحد ذاته اختراقاً للموفد الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا الذي نجح في ضمان عدم انسحاب أي من الوفود السورية، سواء الحكومي أو وفود المعارضة الثلاثة، من الجلسات التي دامت 8 أيام، على رغم فشله في جمعها إلى طاولة واحدة.
وتزامن اختتام جولة المفاوضات مع هجوم جديد شنته فصائل «درع الفرات» المدعومة من تركيا، على مواقع «مجلس منبج العسكري» في ريف منبج شمال سورية، على رغم تأكيد روسيا صحة نبأ التوصل إلى اتفاق يقضي بنشر قوات حكومية سورية للفصل بين الطرفين. وحتى مساء أمس، لم يصدر رد تركي على الإعلان الروسي ولم يكن واضحاً هل ستلتزم أنقرة وقف هجوم «درع الفرات» في اتجاه منبج بعد نشر القوات السورية في القرى التي تفصل بين ريفي الباب ومنبج. وقالت هيئة الأركان العامة للجيش الروسي إن قوات الرئيس بشار الأسد ستدخل مناطق سيطرة وحدات الإدارة الذاتية الكردية في منبج اعتباراً من الجمعة (أمس)، مشيرة إلى أن وحدات من الجيش النظامي وصلت فعلاً إلى المنطقة الواقعة جنوب غربي منبج.
سياسياً، انتهت أمس جولة مفاوضات جنيف بين وفود الحكومة السورية و «الهيئة العليا للمفاوضات» ومنصتي القاهرة وموسكو. وعقد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا مؤتمراً صحافياً مساء حدد فيه جدول أعمال الجولة الجديدة - المتوقعة في 20 آذار (مارس) الجاري، و «السلال» التي ستتم مناقشتها فيها، والانجازات والاخفاقات التي تحققت في «الجولة الرابعة». وشكر جميع الوفود، مشيراً إلى «اجتماعات بالغة الصعوبة لكنها كانت بناءة» خصوصاً في المرحلة الأخيرة، موضحاً «تحدثنا في الاجراءات والجوهر».
وقال «من الواضح للجميع اننا هنا لمناقشة تطبيق القرار 2254»، مشدداً على ضرورة التوصل إلى «اتفاق إطار»، قائلاً إن «الجميع يدرك أن هذا القرار (قرار مجلس الأمن) يتضمن جدولاً زمنياً» و «امامنا الآن جدول أعمال واضح: اربع سلال. السلة الأولى انشاء في فترة 6 اشهر حوكمة شاملة غير طائفية. السلة الثانية خلال ستة أشهر أيضاً بدء عملية صوغ دستور جديد. السلة الثالثة مناقشة اجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع الدستور في غضون 18 شهراً وتحت اشراف الامم المتحدة وتشمل أعضاء من الجالية في المهجر التي يحق لها التصويت. وهناك سلة تمت اضافتها بناء على طلب وفد الحكومة نسميها السلة الرابعة ... وتناقش استراتيجية مكافحة الارهاب». وقال: «آستانة وجنيف تُكملان وتعززان بعضهما البعض. ننظر إلى الجهود المبذولة في آستانة... للمحافظة على وقف النار، وتدابير بناء الثقة القصيرة الاجل ومكافحة الارهاب». وأوضح أن وقف النار يعني وقف النار بين الاطراف المتقاتلة. وقال انه سمع اقتراحات من الحكومة تتعلق بمبادلة المعتقلين، قائلاً إن هذا الأمر يمكن أن يناقش في آستانة. وقال إن السلة الرابعة في جنيف ستتناول «استراتيجية مكافحة الارهاب»، في حين أن مفاوضات آستانة ستركز على عمليات مكافحة المنظمات الارهابية وهي تشمل بحسب الامم المتحدة «النصرة وداعش فقط». وقال إن السلال الأربع ستتم مناقشتها بالتوازي. ويشكّل ذلك نكسة لجهود المعارضة لبدء المناقشات بسلة الحكم (الحكم الانتقالي وفق بيان جنيف للعام 2012) قبل الانتقال إلى بند مكافحة الإرهاب الذي تريده أن يتضمن أيضاً مكافحة «إرهاب النظام»، وفق وصفها.
وعلمت «الحياة» أن دي ميستورا سينتقل إلى الولايات المتحدة لإجراء مشاورات مع الإدارة الأميركية على أن يقدّم إيجازاً لمجلس الأمن في نيويورك الأربعاء المقبل عن التقدم الذي تحقق في جنيف.
وحصلت «الحياة» أمس، على نص اقتراحات جديدة قدمها دي ميستورا للأطراف السورية المشاركة في «جنيف» تتضمن 12 مادّة بينها اقتراح «إدارة ذاتية على المستوى المحلي». ويشدد النص الذي أكد صحته دي ميستورا في مؤتمر الصحافي على «سيادة سورية» وعلى أنه «لا يجوز التنازل عن أي جزء من الأراضي الوطنية، ويظل الشعب السوري ملتزماً استعادة الجولان السوري المحتل بالوسائل المشروعة والمتاحة». ويشير إلى أن «الشعب السوري وحده من يقرر مستقبل بلده بالوسائل الديموقراطية من طريق صندوق الاقتراع»، وأن سورية ستكون «دولة ديموقراطية وغير طائفية». ويضيف أن «الدولة تلتزم الوحدة الوطنية والتمثيل العادل وإدارة المحليات في الدولة والإدارة المحلية الذاتية للمحافظات والمحليات». ومعروف أن الأكراد هم الجهة الأساسية التي أقامت إدارة ذاتية في شمال سورية وشمال شرقيها. ويشير البند السابع من الاقتراحات إلى «الحفاظ على القوات المسلحة قوية وموحدة تحمي بشكل حصري الحدود الوطنية وتحفظ شعبها من التهديدات الخارجية، وفقاً للدستور، وعلى أجهزة استخبارات وأمن تركز على صيانة الأمن الوطني وتتصرف وفقاً للقانون» فيما يشدد البند الثامن على «الرفض المطلق للإرهاب والتعصب بجميع أشكاله».
وأكد رئيس وفد «الهيئة العليا» نصر الحريري في مؤتمر صحافي مساء أمس، أنه بالفعل تسلم من دي ميستورا «لا ورقة» تتألف من 12 بنداً، قائلاً إنها مقبولة مبدئياً وتتوافق مع مبادئ المعارضة لكن هناك «ملاحظات» عليها ستُسلّم إلى المبعوث الدولي. وأشار إلى عدم تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، على رغم أنها تناولت للمرة الأولى، كما قال، مواضيع تتعلق بالعمق «الانتقالَ السياسي».
وسُئل عن «السلال الأربع» والاتفاق على مناقشتها في شكل متواز، فرفض تحديد إجابة واضحة، قائلاً إن ما ركّز عليه مع دي ميستورا كان الانتقال السياسي وإنه ستتم متابعة مواضيع الجولة المقبلة مع المبعوث الدولي في الفترة التي تفصل عن الجولة المقبلة.