تستعر حرب طاحنة في الشمال السوري متعددة الأطراف والجهات والأجندات السياسية ولا تخلو من البعد الإقليمي والدولي لها.
 

ومع بدء عملية درع  الفرات التي تقودها تركيا بمشاركة الجيش السوري الحر، إختلطت الأوراق والتحالفات وخرجت عن سياقها التقليدي الممتد منذ أكثر من 5 سنوات كنزاع بين المعارضة والنظام.
هذه العملية حققت نجاحا باهرا حتى هذه اللحظة بعد أن حددت أهدافها بوضوح بطرد تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) من الشمال السوري المحاذي للحدود التركية ومحاربة الاكراد وكبح جماح طموحاتهم المستقبلية بإنشاء كيان كردي مستقل.
وإستطاع الجيش التركي حتى الآن من تحقيق مكاسب قوية ضد داعش ونجح في إختراق الكيان الكردي الوليد ما صعب المهمة على الأكراد خصوصا بعد الإنتصار التركي في مدينة الباب بريف حلب والذي أعلن بعدها الجيش التركي نيته التوجه نحو مدينة منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية إحدى مكونات قوات سوريا الديمقراطية  وهي بأغلبها تتألف من الاكراد.

إقرأ أيضا : قوات دلتا أميركية في سوريا قريبا ومناطق آمنة في الشمال والجنوب

الهدف التركي الحقيقي:

والهدف من الحملة التركية بطبيعة الحال هو القضاء على أي أمل كي يسمح بإقامة كيان كردي مستقل على الحدود التركية ،  ما عقد المشهد في الشمال كثيرا.
فقوات سوريا الديمقراطية مدعومة من أميركا وتتقاتل مع الجيش التركي الحليف لأميركا هو الآخر وبنفس الوقت تتقاطع مصالح طهران وأنقرة حول هدف محدد بعدم السماح بإقامة دولة كردية مستقلة كونها ستبدأ في سوريا ولا يوجد ضمانات بأن لا  تمتد إلى داخل كل من تركيا وإيران.

إقرأ أيضا : أستانا بين الإعتراف بشراكة المعارضة وإسقاط صفة الإرهاب عنها
وفي هذا السياق، يظهر تقاطع آخر للأهداف مستغرب وهو بين الروس الذين يروجون للفيدرالية منذ أكثر من عام وأميركا الداعمة الاولى لأكراد سوريا وهذا ما يجعل الجانب التركي يشعر بالقلق من الدور الاميركي كون تركيا تعتبر حزب الإتحاد الديمقراطي وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني المحظور، منظمة إرهابية كداعش والقاعدة.
إضافة لذلك،  تهدف تركيا من تدخلها العسكري المباشر في الشمال السوري إلى إبعاد الأكراد عن المشاركة في الحملة العسكرية لإستعادة الرقة كونها   تعتبرها تركيا  مدينة عربية وهذا ما ترفضه أميركا وتصر على المشاركة الكردية.

 

 

الرد الكردي:

لكن الرد الكردي على التغييرات السريعة في موازين القوى بالشمال السوري والتي تقوده تركيا لم يتأخر فقد أعلن المجلس العسكري لمدينة منبج عن نيته تسليم القرى التي يسيطر عليها للحكومة السورية بعد الإتفاق مع الجانب الروسي.
وفي بيان المجلس تم ذكر المناطق الذي سيتم تسليمها فقال البيان: " إننا وفي المجلس العسكري لمنبج وريفها نعلن أننا قد إتفقنا مع الجانب الروسي على تسليم القرى الواقعة على خط التماس مع درع الفرات والمحاذية لمنطقة الباب في الجهة الغربية لمنبج لقوات حرس الحدود التابعة للدولة السورية التي ستقوم بمهام حماية الخط الفاصل بين قوات مجلس منبج العسكري ومناطق سيطرة الجيش التركي ودرع الفرات".

إقرأ أيضا : موسكو تحاول أو تلعب... وطهران تتصدّى!
ويرى مراقبون بهذه الخطوة حلا يجنب المزيد من الإقتتال في المنطقة فيما يلحظ آخرون في حال تم تنفيذ هذا الوعد الكردي بأن الصراع سيأخذ أبعادا أخرى وأوسع ويفتح المواجهة على إحتمالات عديدة أحدها المواجهة المباشرة بين النظام السوري وتركيا.
لكن الثابت الوحيد في المنطقة الشمالية من سوريا أنها باتت محطة متقدمة للنزاع السوري الذي يجهز نفسه لجولة جديدة من المعارك بطابع عرقي هذه المرة.