كان ولا زال الشرق الأوسط محط أنظار العالم وموضع إهتمام الدول الطامحة لاستغلال خيراته وموارده الطبيعية. نظرا لموقعه الجغرافي الذي يربط ثلاث قارات هي أوروبا وآسيا وافريقيا. 
وتعتبر المنطقة العربية من أكثر مناطق الشرق غنى بثرواتها النفطية والمائية والمواد الخام الضرورية لمختلف أنواع الصناعات. 
وبنفس المقدار من الخيرات التي تختزنها الأراضي العربية في باطنها من بترول ومياه ومعادن صلبة وثمينة فإن هذه النعم شكلت نقمة للبلدان العربية وذلك بسبب سوء استخدام هذه الثروات من قبل النظام السياسي العربي الذي يعتريه الضعف والوهن والاهتزاز نتيجة الصراعات والنزاعات والخلافات العربية - العربية ما جعله عرضة للاختراق في ظل أنظمة ديكتاتورية تسلقت إلى مواقع السلطة وتفردت بحكم بلدانها وحولتها إلى ما يشبه الشركة الخاصة بها وبافراد الأسرة الحاكمة والمقربين والمحظوظين الذين نالوا رضى الحاكم بعد أن تم ضرب المؤسسات الشرعية وإقصاء كافة القوى المعارضة والمناوئة بحيث تم إعتماد نظام حكم الحزب الواحد وهو حزب الحاكم. 
ويدور الصراع في المنطقة العربية بين ثلاث دول إقليمية هي إسرائيل وإيران وتركيا وهي تتنافس فيما بينها للإمساك بالقرارات المتعلقة بصياغة وترتيب مستقبل المنطقة. 
وفي الفترة الأخيرة استفادت هذه الدول من الفوضى التي عمت معظم أرجاء الوطن العربي ومن الثورات التي اشتعلت في بعض دوله وتحولت إلى ما يشبه الحرب الأهلية وخصوصا في سوريا والعراق. وتخوض كل من أنقرة وطهران وتل أبيب سباقا في هاتين الدولتين وحولهما سعيا إلى ضمان مصالحها وحجز مواقع لها. 

اقرأ أيضا : لبنان من فتح إلى حزب الله


وقد استغلت كل من هذه العواصم الانكفاء الأميركي مع إدارة الرئيس السابق باراك أوباما لاقتطاع ما يمكن اقتطاعه من المكاسب جراء إنهيار الموقع الاستراتيجي لسوريا. 
فايران رغم ان دعمها لم يؤدي إلى وقف انهيار نظام السوري بشار الأسد لكن طهران استغلته لفرض نفوذ لها في سوريا ولوراثة الوصاية السورية في لبنان. 
أما إسرائيل التي عارضت ضرب نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيميائي ودفعت بروسيا لإيجاد تسوية مع الولايات المتحدة الأميركية لتدمير ذلك السلاح فهي حريصة على بقاء الأسد في السلطة طالما أنه يدمر سوريا عمرانيا واقتصاديا ويقتل شعبها ويشرده ويهجره من أماكن سكنه. 
فيما تركيا التي انخرطت باكرا في الأزمة السورية بتنسيق مع واشنطن فإن احتضانها للمعارضة السورية تسبب لها بحساسيات عدائية مع روسيا وايران خصوصا مع انعدام أي استراتيجية أميركية لواقع الأزمة السورية. 
ومع تطور الأوضاع في المنطقة وظهور تنظيم الدولة الإسلامية داعش ظنت تركيا بادىء الأمر أن ثمة مصلحة يمكن تحصيلها باللعب مع هذا التنظيم الارهابي على خلفية تسهيلات تركية لعناصره إلا أن موجبات الحرب على الإرهاب ما لبثت أن ارتدت عليها بتفجيرات دامية غدا معها تنظيم داعش من ألد أعدائها. 
وفيما استغلت روسيا انكفاء إدارة أوباما فإنها سعت لتوسيع دورها في سوريا لكنها لم تفلح في جذب واشنطن إلى مقايضات في شأن أوكرانيا والعقوبات المفروضة عليها وملفات الدفاع الأوروبية. 
وفي غضون ذلك باشرت الأطراف الإقليمية التعامل مع روسيا باعتبارها المرجع الجديد للشرق الأوسط وراحت روسيا تلعب ورقة توزيع النفوذ والضمانات والتعهدات المستقبلية على هذه الأطراف مع إدراكها جيدا بأن الانكفاء الأميركي لن يصبح خيارا استراتيجيا دائما. 
وهذا ما بدا واضحا مع وصول الرئيس ترامب إلى سدة الرئاسة الأميركية. حيث وجد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أفضل داعم له لتحقيق أحلامه ليس فقط بالتخلي عن حل الدولتين. بل بالسعي إلى تحالف إقليمي مناوىء لأيران ويضم دولا عربية. ومن دون إي تنازل إسرائيلي. 
وفي حين لم تتفق موسكو وواشنطن بعد على التعاون في تحرير منطقة الرقة السورية. فإن كل منهما يدرس الآن خيار الإعتماد على تركيا. ما يعني استبعاد أي دور لأيران وللنظام السوري