رحلة قانون الانتخاب التي توقفت عند الطروحات المعروفة، تستأنف نشاطها الشكلي بورشة في مجلس الوزراء، يطمح من يُسوّق لها الى أن تكون على منوال الجلسات الحكومية لإقرار الموازنة.
 

في المبدأ يمكن توقّع سيناريو متفائل، لكنّ الوقائع لا تَشي بأنّ ما لم يحصل خارج الحكومة سينجح في الجلسات الماراتونية التي ستخصّص لإقرار قانون الانتخاب، في اعتبار أنّ المواقف لا تزال على حالها، إلّا إذا تقرّر الإفراج عن قانون يؤمّن حصول تسوية بين المشاركين في الحكومة.

في المعلومات أنّ «حزب الله» لا يزال يرفض اعتبار «القانون المختلط» الذي قدّمه الوزير جبران باسيل، أساساً للنقاش. ويركّز «حزب الله» على قانون التأهيل على أساس القضاء، معتبراً أنّ أيّ نقاش خارج هذا القانون يجب أن يتّجه الى النسبية، وألّا يعود الى «المختلط» الذي يعتبره قد انتهى.

في المقابل، تتمسّك «القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» بالقانون المختلط، ويلعب باسيل على حَبلي القانون، تحت عنوان أنه يريد أن يُنتج «قانون جبران باسيل»، ومن هنا يُبرّر حلفاؤه غزارة الصيغ التي قدّمها ويربطونها بهذا السبب، ويضعون موقف «التيار الوطني الحر» النهائي الى جانب «المختلط» في حال حصل أيّ تصويت في مجلس الوزراء أو في مجلس النواب، وهو الأمر المستبعد، لا بل غير الممكن حصوله بسبب رفض «حزب الله» الذهاب الى التصويت.

في القراءة المتفائلة لثنائي «التيار الوطني الحر» و«القوات» أنّ الجلسات المَنوي عقدها للحكومة في قانون الانتخاب ستؤدي الى حَشر «حزب الله»، والى عودته عن رفضه «المختلط»، تماماً كما حُشِرَ في انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية.

هذه القراءة تنطلق من اعتبار أنّ «المختلط» بات يحوز على موافقة 4 قوى أساسية هي: «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي، وهذا ما سيشكّل ضغطاً على الحزب لإعادة البحث في «المختلط»، وتقديم ملاحظاته عليه.

أمّا اذا رفض وأصَرّ على النسبية، أو التأهيل في الصيغة التي يطرحها، فإنّ ذلك سيعني أنه يعطّل عهد الرئيس ميشال عون بحيث تُمَهَّد الطريق للفراغ والفوضى، وهو ما لا يستطيع أيّ طرف تحمله في هذا التوقيت بالذات.

تضيف القراءة المتفائلة أنّ «حزب الله» امتَثل لانتخاب عون، لتبدأ مسيرة العهد على ثلاثة خطوط متوازية: إحياء عمل المؤسسات، إحياء الوضع الاقتصادي وإنجاز الموازنة، وإنتاج قانون انتخاب.

وتقول: «في الخطّين الأوّلين سجّل نجاح واضح، وفي ما يتعلق بقانون الانتخاب فإنّ نجاحاً آخر سيتحقّق، لأنّ هناك التقاء عريضاً بين قوى رئيسة يريد الوصول الى تحقيق نجاحات ملموسة، والأبرز من هذه القوى «التيار الوطني الحر» و»المستقبل» و»القوات اللبنانية»، وهذه القوى تعمل وكأنّ الفشل سيصيبها بالعدل والمساواة إن تعثّر العهد وشُلّت الحكومة ودخل الجميع في الفراغ النيابي أيّاً كان شكله.

هل يصدق التفاؤل في التوَصّل الى تسوية على أساس «القانون المختلط» معدّلاً بعد قبول «حزب الله» بطرح تعديلاته عليه؟ الواضح أنّ الحزب لا يأبه لانتهاء ولاية المجلس الحالي من دون إجراء انتخابات نيابية، وأنه ذاهب الى النهاية في فرض قانون النسبية أو ما يعادله، لاعتقاده أنّ الوقت حان لترجمة اللاتوازن في ميزان القوى لمصلحته ومصلحة حلفائه، وهو ما سيعني الذهاب الى التمديد للمجلس النيابي لستة أشهر او سنة، وهذا التمديد لن ينقص من رصيد الحزب الذي سيعتبر أنّ المجلس قائم ومستمر حتى لو تعذّر التمديد له بقانون في المجلس النيابي، فيما سيدفع عهد عون الرصيد الأكبر.

فرئيس الجمهورية اعتبر أنّ الحكومة الاولى في عهده هي حكومة انتخابات، كما أنه وعد في «خطاب القسم» بإجراء الانتخابات وفقاً لقانون جديد، ومن هنا يمكن فهم المأزق الذي ينتظر العهد، إذا ما فشلت اجتماعات الحكومة في التوصّل الى اتفاق حول قانون الانتخاب، وهذا الفشل سيعني أنّ المجلس النيابي أيضاً سيبقى مقفلاً في وجه تحديد جلسة للتصويت على قانون الانتخاب، علماً أنّ الطرفين الأساسيّين اللذين كانا يُطالبان بفتح المجلس بابه لإقرار القانون، جَمّدا هذا الطلب، الذي سيُستعاض عنه برسالة من رئيس الجمهورية، يمكن لرئاسة المجلس الالتفاف عليها بسهولة.