لم تعرف العلاقة بين حركة أمل والتيار الوطني الحر أي تعريف واضح لها منذ ما بعد وقبل إغتيال الرئيس رفيق الحريري في ال 2005 سوى ما درج المراقبون على قوله بأنها علاقة تفتقد للكيمياء.
 


 تبدأ العلاقة  بينهما منذ  ما قبل ال 2005 وخصوصا عند توقيع إتفاق الطائف الذي رفضه الجنرال ميشال عون ووافق عليه الرئيس نبيه بري في فترة تاريخية شهدت شبه إجماع وطني على كسر التمرد العوني في قصر بعبدا وفتح لبنان على تدخل وإدارة سورية له.
وبكون الحلف الإستراتيجي الذي كان يجمع رئيس حرك  أمل نبيه بري بسوريا حافظ الأسد كان من الطبيعي أن يكون بري على خصام مع ميشال عون المتمرد على القرار السوري حينها.

إقرأ ايضا : موقف رئيس الجمهورية من تهديدات نصر الله

مرحلة ما بعد ال 2005:

بعد إغتيال الحريري في شباط 2005 عاد ميشال عون من منفاه الباريسي رافعا شعار الإصلاح والتغيير.
كان بوعي الرجل ولا وعيه أن إصلاح النظام اللبناني يتطلب القضاء على رجالاته التقليديين وبالأخص الحالة الحريرية ونبيه بري ووليد جنبلاط، ولكي يحصل التغيير الأساسي فلا بد من مواجهتهم.
لكن الرجل عندما إصطدم بأرض الواقع ووجد أن ما يطرحه بعيدا كل البعد عن الواقعية ،  رأى نفسه في عزلة داخلية كان لا يتمناها أبدا فإضطر إلى توقيع ورقة تحالف وتفاهم مع حزب الله ودخلت العلاقة مع حركة أمل في حالة هدنة حذرة.
هذه الهدنة وعلى الرغم أنها حذرة إلا أنها كانت هشة وإنفجرت في إنتخابات جزين النيابية في  2009 عندما إستطاع التيار الوطني الحر كسب الإنتخابات هناك وإخراج حركة أمل نيابيا من المنطقة.
ردت حركة أمل بعد عام على هذه الخسارة في الإنتخابات البلدية وأعطى الشيعة في جبيل أصواتهم للائحة المنافسة للتيار العوني التي إستطاعت الفوز.
كان المشهد كالآتي حينها  لدى حزب الله الذي كان يمارس دور الحكم بين حليفيه، فرأى بعد هاتين الجولتين من الإنتخابات أن النتيجة عادلة ولتفتح صفحة جديدة.

 

 

وتحقق ذلك بعد إسقاط حكومة سعد الحريري في ال 2011 وسيطرة التيار على أكثرية وزارية لكن سرعان ما بدأت الأزمة تلوح ما بين أمل والتيار وإن بعناوين مختلفة منها تعيين قائد جديد للجيش أو ملف تمديد المجلس النيابي لمرتين.
حتى جاء الإستحقاق الرئاسي والمعارضة القوية التي أبداها الرئيس بري إتجاه الرئيس عون الذي تم إنتخابه وتشكلت الحكومة لاحقا برضى بري لكن القلوب المليانة بقيت كما هي من إستنفار مستمر وصراع دائم وتبادل للتهم عن الفساد والتعطيل وإفشال العهد وغيرها.

أسباب الحب المستجد:

ضمن هذا السرد التاريخي للعلاقة المتوترة بين الحليفين إن على المستوى التنظيمي أو الجماهيري،  طرأت في الآونة الأخيرة أخبار عن نية موجودة لدى الطرفين لمعالجة آثار المرحلة الماضية وإقامة تفاهم بينهما شبيه بتفاهم معراب ومارمخايل.
ولهذا التفاهم أسبابه السياسية الواضحة في حال تم،  فهو يأتي بعد علاقة تاريخية متوترة وغير واضحة بين التيار وأمل وأصبح الوقت مناسبا لتحديد معنى واضح وتعريف شفاف لهذه العلاقة سواء كانت علاقة خصومة أو علاقة تحالف.
فعدم الوضوح في هذه العلاقة والسائد حاليا ترتب عليه توترا بين القواعد الجماهيرية للتنظيمين وشيطنة متبادلة بينهما، لذلك فالتفاهم بينهما بالأساس هو لإعطاء تعريف واضح وشفاف لهذه العلاقة يكون حاسما.
أيضا تأتي هذه الإشارات الإيجابية عن مناخ معين من التفاهم ما قبل موعد إجراء الإنتخابات، فلو إستمرت الأمور على وضعها الحالي فإن دوائر إنتخابية معينة كجبيل وجزين سوف تشهد تنافسا قويا بين الطرفين وسيسبب شرخا قويا بينهما.
لذلك ينظر الطرفان للموضوع من زاوية مشتركة خصوصا أن هناك قواسم مشتركة حول الإنتخابات وقانونها.

إقرأ ايضا : قانون إنتخابي جديد إختبار آخر لوعود الرئيس عون


ولا تتوقف الأسباب عند هذا الحد،  فهناك ما هو متعلق بحسابات داخلية لدى حركة أمل والتيار الوطني الحر.
فالرئيس بري يشعر هذه الأيام وفي هذه المرحلة بنوع من الضغط السياسي والإعلامي خصوصا بعد صفقة الرئاسة التي تمت بعيدا عنه ولم يشارك بها  و حادثة قناة الجديد فأصبح لزاما عليه أن يفتح على العهد الجديد ويصوب العلاقة معه ويعطي تنظيمه مساحة أوسع من العلاقات للمناورة أكثر.
أما على صعيد التيار، فالموضوع مهم بالأخص لرئيسه الوزير جبران باسيل لكي يسكت بعض الأصوات الداخلية ويعزز من نفوذه وتماسك القاعدة الشعبية معه من خلال الذهاب إلى إجراء تفاهم مع تنظيم قوي كحركة أمل على الساحة السياسية في لبنان.
وهو مهم أيضا للرئيس ميشال عون لكي يصلح العلاقة مع عين التينة،  فمعارضة الرئاسة الثانية للعهد صعبة ويترتب عليها نتائج قاسية في المستقبل.

إحتمال أن ينجح التفاهم:

وعلى أساس هذه الأسباب من المحتمل أن ينجح هكذا تفاهم خصوصا إذا ما أضفنا على ما تقدم الملف النفطي الذي تولي كل من حركة أمل والتيار الوطني الحر أهمية خاصة به وقد تم الإتفاق سابقا عليه بينهما.
لذلك قد نشهد ولادة كيمياء جديدة بين التنظيمين سيترك تداعياته على المشهد السياسي.